مقاربة استباقية

بقلم: فنيدس بن بلة
27 ديسمبر 2019

يحمل اجتماع المجلس الأعلى للأمن الذي ترأسه عبد المجيد تبون، يوم الخميس، دلالات استراتيجية جديرة بالتوقف عندها وإبراز أهمية قراراته للعمق الأمني الوطني والنهج السياسي المتبع لمواجهة التهديدات الجوارية والإقليمية. تكمن جدوى الاجتماع الأول من نوعه منذ تولي عبد المجيد تبون رئاسة الجمهورية في الحرص على تجسيد التزاماته 54 والوفاء بتطبيقها التام حسب ما تقتضيه مصلحة البلاد، وما يفرضه أمنها واستقرارها.
من هذه البنود التي تحمل قيمة مضافة، قرار عقد المجلس الأعلى للأمن لاجتماعات دورية كلما اقتضى الأمر ذلك، ما يثبت الديناميكية الجديدة التي وعد بها الرئيس تبون لتفعيل مؤسسات الدولة وجعل كل القرارات والمبادرات المصيرية تتخذ فيها بعيدا عن الشخصنة والنفوذ. هذا التقليد لا بد أن تتبعه المجالس الأخرى، المهنية والقطاعية وتتخذ لها مكانة في التحول الهادئ الذي تلعب فيه مؤسسات الدولة دورا مركزيا كامل الصلاحيات.
من هذه الهيئات، المجلس الاقتصادي الاجتماعي الذي قطع أشواطا في إعداد التقارير وفق المواصفات الدولية، تلجأ إليها المنظمات والوكالات الدولية في نشر كل معلومة عن الجزائر في مجالات التنمية البشرية، سوق الشغل واقع المؤسسات المصغرة والناشئة وغير ذلك. هذا المجلس في حاجة اليوم إلى حركية إضافية تسمح له بالاندماج اكثر في الصيرورة الوطنية، مثله مثل المجلس الأعلى للطاقة ومجالس أخرى مطالبة بالتكيّف مع المرحلة الجديدة لفرض الذات كقوة فاعلة، مؤثرة ومرافقة.
اجتماع المجلس الأعلى للأمن، أعطى الانطباع الحسن لدى الرأي العام الجزائري وطمأن المواطنين بالتدابير المتخذة لحماية حدودنا مع ليبيا ومالي من تهديدات وأخطار إقليمية جراء الوضع المضطرب في دول الجوار وتنامي شبكات الإرهاب والجريمة المنظمة نتيجة اللااستقرار في المنطقة، التي هي واقعة تحت تأثير مركّز من قوى خارجية تؤجج الصراع وتعرقل جهود التسوية السياسية للازمات، التي تتولاها الأطراف المتنازعة في الداخل بعيدا عن إملاءات أو وصاية الآخر.
المجلس الأعلى للأمن، اهتم بهذه المسألة الحساسة وقرّر جملة من التدابير الكفيلة بتأمين البلاد من الأخطار المحدقة بها، وكذا تفعيل دور الجزائر في منطقة الساحل وإفريقيا عموما، بعد تمادي محاولات قوى خارجية في القفز على هذا المعطى وتجاوزه، متجاهلة عن قصد جهود الدبلوماسية الجزائرية في تسوية النزاعات بالمنطقة من خلال احتضانها للفرقاء المتنازعين حول طاولة واحدة والقبول بالحوار السياسي من أجل حلول توافقية تؤمّن بلدانهم من السقوط في حروب هي في غنى عنها.
هذا الدور الجوهري تحرص عليه الجزائر في عهد تبون في هذا الوقت بالذات مساهمة منها في إرساء الأمن والسلم وترقية علاقات حسن الجوار في الدوائر التي تتحرك فيها سياستنا الخارجية. وهي سياسة يراد لها أن تكون ديناميكية واستباقية مراجعة للأهداف والمهام الكلاسيكية لدبلوماسية فاعلة ومتعددة الوظائف لغاية واحدة: الجزائر قبل كل شيء.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024