تحدّ ثلاثي الأبعاد

بقلم: فنيدس بن بلة
01 جانفي 2020

دشّنت الجزائر السنة الميلادية الجديدة 2020، بإنجاز كبير يحسب لها في تاريخها البطولي وانتصاراتها بعد أزمة سياسية معقّدة خرجت منها بفضل الدور المحوري للجيش الوطني الشعبي رفقة الشعب الجزائري ومؤسسات الدولة، مبطلة مفعول أخطر مؤامرة استهدفت عمق نظامها الأمني، استقرارها وسيادتها المسترجعة بالدمع والدم والتضحيات الجسام.. هذه الأزمة ورغم حساسيتها وصعوبتها، أعطت البلاد قوة ومتانة أكبر في إدارة شؤونها والتكفل برعاياها، اعتمادا على مقاربة ذاتية ورؤية متبصرة تضع التغيير الجذري أولوية واستعجالا، ترجمة لمطالب شرعية عبر عنها الشعب في مسيرات سلمية.
تعد الانتخابات الرئاسية التي جرت بالبلاد بمواصفات جزائرية خالصة، اعتمدتها السلطة المستقلة ولم تشرك فيها أحدا من الداخل ولا الخارج، عنوانا للتحوّل الهادئ السلس إلى بر الأمان، بعد حملات مسعورة كانت غايتها محاولة إبقاء الوطن أسير الفوضى والاضطرابات.
جديد الجزائر الذي توقّف عنده المحلّلون السياسيون ومتتبعو الشأن الوطني، انتخاب عبد المجيد تبون رئيسا للجمهورية حاملا لبرنامج يتضمن إصلاحات عميقة للنظام السياسي، آليات الحكم، العهدات والفصل بين السلطات وتحرّر كل واحدة منها من التبعية والاندماج في الأخرى تحدّدها عملية صياغة الدستور من قبل أهل الاختصاص قبل المرور إلى الاستفتاء.
يملك رئيس الجمهورية تجربة وله دراية بالملفات القطاعية الثقيلة يستمدها من توليه لحقائب وظيفية لها أهميتها ووزنها بدءا من رئيس دائرة، إلى أعلى قمة في الهرم السياسي للدولة. وهي خاصية تساعد على المرور الآمن إلى بدائل التسيير والتنظيم والمقاربة الاستشرافية لانطلاقة عمل مؤسساتي يرتكز على المواصفات لرفع التحديات الثلاثية الأبعاد: السياسية، الأمنية والاقتصادية. إنها تحديات تستدعي بدائل وظائف اقتصادية أخرى لخلق النمو وتوفير الشغل والقيمة المضافة، قاطرتها المؤسسة المنتجة وليس الضرائب التي كانت خيارا للحكومات السابقة منذ الأزمة المالية الاقتصادية ست سنوات مضت.
الجديد الآخر، الحرص على تشكيل حكومة من الكفاءات الوطنية بقيادة الوزير الأول عبد العزيز جراد، يتولى كل واحد منهم فيها إدارة ملفات ثقيلة في قطاعات متعددة تستدعي معالجة وتسيير بديل تفرضه المرحلة الحساسة، حيث لا مكانة فيها للإخفاق أو التعثر، ولا مجال فيها لقصر النظر أو الاستخفاف لاستعادة ثقة مهتزة لمواطن أعادت له رئاسيات 12 ديسمبر الماضي، الأمل في الخروج النهائي من الظرف الصعب وتداعياته الخطيرة، وأعادت أيضا للمتعامل الاقتصادي الفرصة للانطلاق في مشاريع شراكة واستثمار يعول عليها في كسب رهان التحول الاقتصادي وتنوعه بشكل يقلّل من التبعية شبه المطلقة للمحروقات، يكون محطة الفصل والحسم لتأمين استقلالية القرار السياسي وحماية السيادة الوطنية من أي تهديد محتمل مهما بلغت درجة خطورته.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024