أكّد الكاتب والشاعر كمال مغيش أنّه يقضي أيامه كغيره من المثقّفين مستجيبا لنداءات الحجر المنزلي والالتزام بالتعليمات الوقائية، وفي حديثه لـ «الشعب» يقول إنّه وجد نفسه يعيد النظر في كتاباته ويرتّب مخطوطاته.
يصف الشّاعر مغيش يومياته مع الحجر بعد أن أضحى الوباء بينهم قريبا، يأخذ بين كل لحظة وأختها فردا من أبناء المدينة «أسموه كوفيد 19 المستجد، هاته الجائحة التي أدخلتنا البيوت عنوة، ولملمت فينا أفكارنا، أحلامنا، آمالنا، آلامنا، وكل عرى الحياة من حولنا، في شهره الأول ولأزيد من عشرين يوما كنت لا أبرح البيت إلا لمسيس الحاجة وقضاء مستلزمات المعيشة الضرورية».
أما في تعامله مع الأهل والأقارب، يقول بأنّه لم يعد كما في سابق العهد يلتقي بهم تجنّبا للحرج الذي يقع من جيرانه الأقرب، خاصة بعد الانتشار الذريع للوباء بين الأوساط، وصار الكل يحتاط ويتحفّظ من الآخر، وحسبه فإنّ الخلوة أعادته إلى دفاتره القديمة وكتبه العتيقة، حيث وجد نفسه يعيد النظر في كتاباته ويرتّب مخطوطاته، وتسوية حاجيات الكتابة ومنهجيتها على الطريقة التي تجعله يعيد أوراقه المبعثرة المبثوثة هنا وهناك.
يقول مغيش في السياق ذاته: «لقد ألفيت ما يغري، وما يدعوني إلى الإبداع والإمتاع والمؤانسة، ثم شيئا فشيئا، وخاصة بعد أن عدت إلى عملي، وجدتني أخالط الناس مع شيء من الإحتراز وأخذ الحيطة والحذر»، ويضيف في ذات الشأن: «غير أنّني مع تقادم الحالة وطول مدتها، عدت إلى الحياة العادية ألتقي الصحب وأخالطهم، وأسيح في الأماكن العامة والمتاجر وما حولها، ولا أخفيك أصبحت لا أولي للوباء أهمية، فأذهب للجنائز وأتقاسم الأحاديث في الطرقات وطوابير المخابز، إلا أنّني ومع استفحال الموت، وارتفاع عدد المصابين بين من لزم الحجر ومن فارق الحياة وجدتني أحتاط من خلال وضع الكمامة أثناء التواصل مع الناس، أو أثناء قيادتي لسيارتي، أو في مكان عملي، مع التباعد ومسافات الأمان».
وفي آخر حديثه لم يخف مغيش رغبته وشوقه إلى حياته العادية، دون تردّد في الولوج إلى بعض الأماكن، ودون خوف، حتى تواصل مسيرة الإبداع حسبه في بناء الإنسان مؤكدا ذلك بقوله: «فقد خلت الكثير من الأشياء التي كانت مؤملا من ذاكرتنا، ولم يعد في المخيلة خلا سوى دعوات بأن يرفع الله عنا هاته الجائحة، وما تبعها من غلاء وبلاء وسيء الأسقام».
