الفنان عبد الحكيم قويدري لـ«الشعب»:

الفن التشكيلي أسلوب لوصون الذاكرة الجماعية

إيمان كافي

الفنان التشكيلي عبد الحكيم قويدري، إطار في الشباب والرياضة يشتغل مستشارا للشباب وهو من خرجي المعهد الوطني للإطارات الشباب بورقلة، شغل لسنوات منصب مدير دار الشباب خير الدين بتقرت وفيها أبدع لوحة الجمل العملاق التي كانت تزين الواجهة، له لمسات فنية رائعة في فندق الواحات سابقا ويهتم في السنوات الأخيرة إلى جانب الريشة والألوان بالصورة الفوتوغرافية وعالمها الجميل.
-  بداية، لكل قصة بداية فكيف كانت البداية في مسيرتك الفنية؟
 لا أستطيع أن أتذكر، أو أن أحدد لك تاريخا بعينه بدأت فيه الرسم، اكتشفت أنني أهوى الرسم لما كنت تلميذا في المتوسطة بمشاركاتي في المسابقات الوطنية آنذاك وساعدتني دراستي لأنني كنت أدرس الفيزياء التطبيقية أي دراسة تقنية في المتوسطة، إذ كنت بارعا في المجسمات ورسم الأحجام والظل والنور واستعمال تقنية الدعك وكانت أساسيات الرسم، بعدها انخرطت بدار الشباب الأمير خالد تقرت وهناك تفجرت هوايتي وشاركت في عدة مسابقات محلية ورسمت حتى الجداريات وكانت أول جدارية، جدارية عملاقة التارقي يمتطي الجمل على جدار دار الشباب خير الدين.
في بداياتي، خضت في بحر غامق، فالرسم يشكل بالنسبة لي كوكتيلا من الرغبات، وأنواعا للبحث في إيحاءات الرسم، فأنا ميال إلى الرسم التجريدي والكلاسيكي في محاولات لبلوغ مستوى الواقعية المفخمة بواسطة كل أدوات الرسم، كما أطمح إلى تطبيق فكرة «فن الشارع» بمشاركة مجموعة فنانين، لتجسيد رسومات على جدران الشوارع، وإقامة معارض بلوحات فنية متنوعة، لتحفيز نشر ثقافة الرسم في بلادنا.
نظمت معرضا خاصا بي وأنا في سن 17 بـ 16 لوحة تجريدية رسمتها على القماش بدار الشباب الأمير خالد وأتذكر لوحة بقياس 2م/1.50م عنوانها «أن أمشي في المجهول» مازلت أعتبرها من أجمل ما رسمت أناملي وكان أول معرض لي في ساحة أول نوفمبر أمام فندق الهقار سابقا أتذكر أنني عرضت لوحاتي لكن اختفيت بعيدا عنها لعدم قدرتي على مقابلة الجمهور أو حتى مراقبة ردود فعلهم، كما شاركت بعدها في معارض وطنية هي كثيرة كنت شابا وكنت أغتنم الفرصة للعرض وللسياحة معا وكانت لي مشاركة خاصة بتونس الشقيقة بسوسة وبلبنان في بيروت وبعدها اعتزلت لفترة الفن التشكيلي لظروف ما وتوجهت للتركيز أكثر في التصوير الفوتوغرافي الذي أحدث لي طفرة وجعلني من هواة التجوال في ربوع الوطن واكتشاف جمال بلادي قبل أن أعود مجددا إلى الفن التشكيلي وبشغف أكبر، حيث أفكر في إقامة معرض خاص للوحاتي قريبا.
- ما هي أكثر المواضيع التي تثير اهتمامك والقضايا التي تحب أن تجسدها من خلال لوحاتك؟
 المواضيع التي أرسمها هي مستوحاة من مدينتي أي من بيئتي سواء كانت عادات أو تقاليدا أو بعض التفاصيل التي تطبع الحياة الاجتماعية هنا وكوني عصاميا أرسم بكل التقنيات ولكل المدارس مع الاحتفاظ طبعا بلمساتي وتقنياتي الخاصة ورموز وتشكيل خاص بي كما أنني أميل إلى الفن التجريدي لأنني أجد فيه حرية مطلقة، حيث يستطيع الرسام من خلاله أن يشكل وينسج خيالا بألوان وأشكال عميقة تعبر على ما في داخله وفلسفته بأسلوب خاص يترجمه للجمهور من خلال اللوحة، كما أنني أفضل دائما البحث الدؤوب عن التجديد والتطوير في موهبتي من خلال الكتب والأشرطة والمعارض والاحتكاك بالفنانين عبر منصات التواصل الاجتماعي.
- كيف كان تأثير الحجر الصحي عليك وهل كان ملهما لإنجاز لوحات جديدة؟
الحجر كان قفصا بالنسبة لي في الحقيقة، صحيح وفر وقتا كثيرا لكن النفسية كانت متعبة وحزينة ومقيدة مع ذلك كان فترة لإعادة ترتيب أولويات في حياتي الخاصة اتضحت أمور جديدة لم تكن ظاهرة أثناء الزحام ومشاغل الحياة..الحجر علمني أهمية أن تستثمر في وقتك وفي الاهتمام أكثر بالعائلة.
رسمت في الحجر لوحة واحدة وشاركت بها في فيديو في توعية من انتشار الوباء بعنوان «خربش كيما أنا وقعد في دارك، وإذا ما تعرفش أتخربش دير حاجة أخرى «، لتشجيع العائلة على اكتشاف مواهب أطفالها وخلق أجواء فنية في البيت.
- ما هي أبرز انشغالات الفنان التشكيلي المحلي التي تستدعي التفاتة الجهات المسؤولة ؟
 أعتقد أن الانشغالات كثيرة، إلا أن من بين ما أعتبره عائقا بالنسبة لي وغيري من الفنانين، ندرة مواد الرسم وغلاء أسعارها، ونقص الجمهور المتذوق للفن والذي تسبب فيه بشكل أو بآخر قلة أماكن العرض والعروض المحدودة والتي تبقى مناسباتية في الغالب وفي هذا السياق لدي طلب لمديريات الثقافة والجهات الثقافية، يتمثل في ضرورة مرافقة التشكيليين ومساعدتهم، وفتح فضاءات خاصة بالفنانين التشكيليين، من أجل إتاحة الفرص أمامهم لصقل مواهبهم الفنية مهما كانت هوايتهم وتشجيعهم على استقبال مختلف العروض الوطنية، العربية والأجنبية في إطار التبادل الثقافي بما يتيح أمامهم الفرصة للاستفادة من تجارب الغير والإطلاع على آخر مستجدات الساحة الفنية.
- ماهي رسالتك في خاتمة هذا الحوار ؟
 في الأخير أدعو الجهات المشرفة على القطاع الثقافي، إلى الاهتمام بالمواهب الشابة وفتح الأبواب أمامهم والعمل على دعم طموحات وتثمين جهود كل الفنانين، كما أحث الفنانين الشباب على إنشاء جمعيات للفنون والتراث من أجل المحافظة على بعض مما تبقى من الماضي لأنني أعتقد أن هذا الفن جزء لا يتجزأ من أساليب الحفاظ على التراث المحلي وصون الذاكرة الجماعية وهذا هو الوقت المناسب للتغيير ونهج المسلك الصحيح.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19462

العدد 19462

الأحد 05 ماي 2024
العدد 19461

العدد 19461

الأحد 05 ماي 2024
العدد 19460

العدد 19460

السبت 04 ماي 2024
العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024