نظمت، أول أمس، “مؤسسة وسام العالم الجزائري” بالمتحف الوطني باردو، حفلا تكريميا للنوادي الطلابية والشباب المتطوعين في تنظيم تظاهرة “وسام العالم الجزائري” في طبعتها الخامسة عشر، المقامة في شهر ديسمبر الماضي، حيث جاءت المبادرة بمناسبة الاحتفال بيوم الطالب 19 ماي من كل سنة، وتزامنا مع شهر التراث.
ارتأت مؤسسة “وسام العالِم الجزائري” أن تتوج جهود نحو 95 متطوعا ومتطوعة، من بينهم 15 ناديا طلابيا في تنظيم حفل تكريم عالم الجزائر 2024، عرفانا بما يتميزون به من سلوك حضاري، يهدف إلى بناء المجتمع ونشر التماسك والتضامن الاجتماعي بين أفراده وجماعاته ومؤسساته.
وبالموازاة مع ذلك، تضمن برنامج الحفل، مداخلة علمية قدمها الأستاذ الدكتور محمد سحنوني، وزيارة معرض خاص بأهم إنجازاته رفقة فريقه البحثي، بحضور كل من الدكاترة أحمد موساوي وعبد الحميد خزار، وعادل بلوشراني، وأيضا زهير حريشان مدير متحف باردو وفايزة رياش..وذلك تحفيزا للشباب، وتكريما للعلم وبهدف إرساء أهداف “مؤسسة وسام العالم الجزائري” المؤسسة الثقافية العلمية الخيرية، التي تعنى بالعلماء والباحثين الجزائريين الذين شرفوا الجزائر بأبحاثهم واختراعاتهم في مختلف المجالات.
وتأسيسا لذلك، قدم الدكتور محمد سحنوني محاضرة تحت عنوان “أهمية التراث في ترسيخ الهوية الوطنية لدى الشباب من منظور أثري”، تطرق فيها إلى دور التراث الأثري الحيوي في تشكيل الهوية الوطنية وتعزيزها لدى الشباب، مؤكدا على أن التراث الثقافي وخاصة المواقع الأثرية الملموسة والقطع الأثرية، وما تشكله من رابط قوي بين الماضي والحاضر تعزز الشعور بالانتماء والاستمرارية، لا سيما من منظور علم الآثار، مما يساعد إشراك الشباب في التثقيف التراثي على فهم أصول وطنهم والافتخار بجذورهم الثقافية.
كما سلط المحاضر الضوء على الحاجة إلى برامج تراثية شاملة ومتاحة للجميع، باستخدام المتاحف والمدارس الميدانية الأثرية لترسيخ الهوية الوطنية لدى الشباب الجزائري..
وفي ذات الجانب، تناول سحنوني وبإسهاب الرمزية التراثية الوطنية بشقيها المادي واللامادي، واستعرض بعض الأبحاث والاكتشافات الجزائرية، مثل اكتشاف موقع عين بوشريط وتيغنيف وغيرها من العناصر التي حظيت بإشادة واستقطاب عالميين، نظرا لما تحمله من زاد معرفي دقيق، ولنتائجها التي غيرت النظرية الكولونيالية لبعض الشعوب المستعمرة التي تعمل جاهدة في نسب الاكتشافات الأثرية إليها، وعزلها عن جذورها الحقيقية، لا سيما في القارة الإفريقية..
ودعا الدكتور، في ختام مداخلته، إلى ضرورة فتح المجال لتلاميذ الثانويات للمشاركة في الحفر، في إطار تعزيز البحث في التراث على جميع المستويات، إلى جانب دعم البرامج الأثرية التي تستهدف الشباب، وبالخصوص مبادرات الحفظ التي تقودها هذه الفئة.
وفي سياق متصل، تم عرض شريط وثائقي حول مسيرة البروفسور محمد سحنوني (مواليد 1956 بثنية الحد تيسمسيلت)، الذي استطاع قلب موازين المعرفة بتاريخ الإنسان وتاريخ الجزائر، حيث انتقل إلى خميس مليانة للدراسة، ليبدأ رحلته مع علم الآثار بجامعة الجزائر، وتخرج سنة1981 من معهد التاريخ، ليستفيد من منحة ويلتحق بجامعة “بيار ماري كوري” بفرنسا، لدراسة ما قبل التاريخ، وهناك بدأ التخصص في الصناعة الحجرية في منطقة عين الحنش بسطيف، ولدى عودته أصبح أستاذا بمعهد الآثار أين بدأ التعمق في بحوثه، ثم التحق بجامعة “إنديانا” بالولايات المتحدة الأمريكية للدراسة بقسم الأنثروبولوجيا، وهناك أنجز الكثير من البحوث وأصبح مشرفا أيضا على الأبحاث، ليصبح أستاذا بجامعة “روفيرا فرجيني”.
سحنوني اختار العودة إلى جامعته الأصلية “إنديانا” كباحث مشرف، وأصبح له حضور وسلطة علمية تجلت في تعاونه المثمر مع مركز ما قبل التاريخ، أين حقق التميز من خلال تغيير النظريات الفرنسية لما قبل التاريخ، ودون أول كتاب له بعنوان “ما قبل التاريخ”، ليبرهن على أصالة الجزائر بكونها الموطن الثاني للإنسان في هذا الك