أكّدت الدكتورة حاج صدوق ليندة، خبيرة في الملكية الفكرية، أنّ قضية حماية حقوق المؤلف في الجزائر أصبحت في قلب الاهتمام التشريعي والثقافي والاقتصادي، لاسيما في ظل التحولات الرقمية المتسارعة. وأوضحت أنّ الإبداع اليوم لم يعد مجرد إنتاج أدبي أو فني، بل تحول إلى صناعة متنامية تساهم في دعم الاقتصاد الوطني وتفتح آفاقًا واسعة أمام الشباب.
وأشارت حاج صدوق، مدربة معتمدة من المنظمة العالمية للملكية الفكرية (WIPO) في تصريح لـ «الشعب»، أشارت إلى أنّ هذا التحول الرقمي يقابله جملة من التحديات المعقدة، أبرزها تفشي ظاهرة القرصنة وسهولة نسخ وتداول المحتوى عبر المنصات الرقمية، إلى جانب ضعف الوعي بحقوق المؤلف سواء لدى الجمهور أو بعض المؤسسات. كما أضافت أنّ الانتهاكات العابرة للحدود، فضلاً عن الإشكالات القانونية التي يطرحها الذكاء الاصطناعي وقدرته على إنتاج مصنفات جديدة، تجعل من مسألة تحديد المالك الأصلي أمرًا في غاية الصعوبة.
وفي هذا السياق، كشفت الدكتورة حاج صدوق أنّ الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة (ONDA) أطلق بالتعاون مع المنظمة العالمية للملكية الفكرية (WIPO) مشروعًا مخصّصًا للشباب المبدع في مجال الصناعات الإبداعية، بلغ اليوم دورته الثانية. ويهدف هذا البرنامج إلى مرافقة المبتكرين في تحويل أفكارهم إلى مشاريع اقتصادية، وتمكينهم من أدوات قانونية وتقنية لحماية ابتكاراتهم، وربط الصناعات الثقافية والإبداعية بالاقتصاد الرقمي العالمي.
كما أبرزت المتحدّثة أنّ الجزائر تعمل على إعداد مشروع قانون للرقمنة يواكب التحولات التكنولوجية، ويشمل إدماج الحقوق الرقمية والمصنفات المنتجة بالذكاء الاصطناعي، مع اعتماد آليات الحماية الرقمية الحديثة مثـــل التوقيـع الإلكـتروني والبصمــــة الرقميــة وتقنيـــة الـ(Blockchain).
وشدّدت في تصريحها على أنّ الجرائم الرقمية بطبيعتها لا تعترف بالحدود، الأمر الذي يدفع الجزائر إلى تعزيز التعاون الإفريقي والدولي، سواء من خلال اتفاقيات ثنائية ومتعددة الأطراف، أو عبر الانخراط في برامج المنظمة العالمية للملكية الفكرية.
ويرتقب أن يتيح هذا التعاون بناء سوق إبداعية مشتركة قادرة على مواجهة القرصنة، وفي الوقت ذاته تطوير الصناعات الثقافية محليًا وإقليميًا.
واختتمت الدكتورة حاج صدوق بالتأكيد على أنّ الجزائر تسير بخطى ثابتة نحو بناء بيئة رقمية آمنة تكفل حقوق المبدعين، وتفتح أمام الشباب فرصًا اقتصادية جديدة، مؤكدة أنّ التحدي اليوم لا يكمن فقط في حماية المصنفات الرقمية، بل في تحويل الإبداع إلى صناعة محمية وفاعلة تسهم في دعم الاقتصاد الوطني، وتعزيز الحضور الثقافي للجزائر في الساحة العالمية.