من خلال تشكيلات بصرية نابضة بالحياة

شفيقــة فغـير تحتفي بجمال الطّبيعة وسحرهـــا

فاطمة الوحش

تعرض الفنّانة التشكيلية شفيقة فغير منذ 20 سبتمبر وإلى غاية 9 أكتوبر الجاري، أعمالها الفنية بقاعة “زوار آرت” بباب الزوار، في معرض فردي اختارت له الزهور موضوعا مركزيا وملهما. هي لوحات تحتفي بجمال الطبيعة وسحرها، وتقدّم من خلال تشكيلات بصرية نابضة بالحياة لحظات من الصفاء والسكينة، تجعل من المشاهدة تجربة وجدانية قبل أن تكون بصرية.

 في المعرض تفتح شفيقة فغير للمتلقي نافذة واسعة على عالمها البصري الخاص، حيث تحتل الزهور مركز المشهد باعتبارها لغة رمزية تعبر عن الخصوبة والانبعاث واستمرارية الحياة. فمن خلال لوحاتها تتجاور الورود مع السوسن، وتتداخل الزنابق مع الأقحوان، ويطل الخشخاش بجانب التوليب والأوركيد والميموزا، لتصنع بانوراما زهرية ثرية بالألوان والظلال. إنّها ليست مجرد تمثيل طبيعي، بل رؤية تشكيلية تمنح للنبات روحا ومعنى، وتدعو المتلقي إلى إعادة اكتشاف الطبيعة كفضاء داخلي يعكس صفاء الذات وانسجامها.
تتنوّع الألوان في أعمال فغير بين الدرجات الشفافة الرقيقة واللمسات الدافئة الغنية، في توليفات تمنح اللوحة إيقاعاً بصرياً يزاوج بين الخفة والعمق، وتبدو الأزهار في لوحاتها وكأنها كائنات حية تتنفّس الضوء وتفيض بالحركة، رغم ثباتها على القماش. بذلك تسعى الفنانة إلى جعل الطبيعة ناطقة، والألوان لغة تحمل رسائل خفية من الجمال والطمأنينة.
وفي حديثها عن تجربتها تقول شفيقة فغير: “اللّوحة بالنسبة لي لغة بصرية قبل كل شيء، وأداة للتعبير عن الانفعال والصفاء الداخلي. أحب أن أخلط الألوان وأجرّب أفكاراً جديدة، فإبداعي أوسع من أن ينحصر في أسلوب واحد”، وهو ما يفسر تنقلها بخفة بين التعبيرية والانطباعية، حيث تبقى وفية للضّوء واللون، معبرة بهما عن حالاتها النفسية وانسجامها مع العالم المحيط بها.
وتضيف الفنانة: “الرسم بالنسبة لي أشبه بالتأمل، إنّه مساحة وجودية تتجاوز الزمن والمكان، حيث تطفو على السطح مشاعر إيجابية خفية، وتتجسّد الألوان والأشكال كترجمة لروح لحظة الخلق الفني”. وبذلك تكشف أن مشروعها الإبداعي يتجاوز مجرد الزخرفة أو التمثيل البصري، ليصبح بحثاً جمالياً وروحياً في آن واحد.
شفيقة فغير، خرّيجة المدرسة الوطنية للفنون الجميلة عام 1985، وأستاذة مادة الفنون التشكيلية اليوم، تنسج من خبرتها الأكاديمية ورؤيتها الخاصة أسلوبا يجمع بين البساطة والعمق. فهي تقدّم فناً يزاوج بين الانضباط التقني والخيال الحر، ليعيد التذكير بأن الإنسان والطبيعة في علاقة تآلف لا تنفصم.
معرض شفيقة فغير بفضاء “الزوار آرت”، الممتد إلى غاية 9 أكتوبر، لا يقدّم مجرد باقات زهرية مرسومة بعناية، بل يطرح رؤية فنية وفلسفية حول علاقة الإنسان بالطبيعة. فالألوان هنا ليست ترفا جماليا، بل وسيلة للتعبير عن الانسجام الداخلي، والزهور ليست أشكالا نباتية باردة، بل رموز نابضة بالحياة والتجدد. ومن خلال هذه التجربة، تؤكد الفنانة أن الفن يمكن أن يكون مساحة للتأمل والسكينة، ومرآة تعكس تواصل الإنسان مع محيطه في أصفى صور.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19888

العدد 19888

الإثنين 29 سبتمبر 2025
العدد 19887

العدد 19887

الأحد 28 سبتمبر 2025
العدد 19886

العدد 19886

السبت 27 سبتمبر 2025
العدد 19885

العدد 19885

الخميس 25 سبتمبر 2025