تحتضن ولاية عين تموشنت من 27 إلى 31 أكتوبر الداخل، الطبعة الخامسة عشرة من المهرجان الثقافي الوطني لمسرح العرائس، في موعد ينتظر أن يتحوّل إلى فضاء احتفالي يجمع بين المتعة الفنية والبعد التربوي.
يأتي تنظيم الدورة لتجديد العهد مع فن العرائس الذي ظلّ عبر عقود وسيلة راقية للترفيه والتثقيف، وفضاء تربويا يسهم في صقل الخيال والإحساس الجمالي لدى الأطفال والكبار على حدّ سواء. ويسعى المهرجان، عبر برمجة غنية ومتنوعة، إلى تنشيط المشهد الثقافي، وتوفير فرص للتكوين وتبادل التجارب، بما يجعل من هذه التظاهرة موعدًا وطنيًا رائدًا في مجاله.
وقد أعلنت محافظة المهرجان في وقت سابق عن فتح باب المشاركة أمام الفرق المسرحية المتخصّصة في هذا الفن، قبل أن يُغلق بتاريخ 15 سبتمبر 2025. وتطلّب ملف الترشح تقديم بطاقة فنية وتقنية، وصور من العرض، إضافة إلى فيديو كامل له، وفق ما نشر على الصفحة الرسمية للمهرجان عبر موقع فايسبوك.
وتخضع هذه الملفات لعملية فرز دقيقة تشرف عليها لجنة مختصة، على أن يُترك تقييم العروض داخل المنافسة للجنة تحكيم تضمّ خمسة أعضاء من أهل الاختصاص، وهو ما يعكس رغبة المنظمين في ضمان مستوى فني راقٍ ومتنوع.
وسيتم خلال هذه الدورة منح مجموعة من الجوائز التقديرية التي تكرس التميز والإبداع، أبرزها الجائزة الكبرى للمهرجان، وجائزة أحسن عرض متكامل، وجائزة أحسن أداء دمى، وجائزة أحسن أداء صوتي، وجائزة أحسن سينوغرافيا، فضلًا عن جائزة لجنة التحكيم التي تمنح وفق تقدير خاص. ومن أجل تشجيع الفرق المشاركة وضمان حضورها في أفضل الظروف، ستتكفل محافظة المهرجان بالإيواء والإطعام والنقل، مع تحديد عدد أعضاء كل فرقة بسبعة كحد أقصى. كما فُتح الباب أمام الفرق الراغبة في تقديم عروض خارج المنافسة أو المساهمة في الورشات والأنشطة الموازية، لإرسال طلباتها بنفس شروط المشاركة الرسمية.
وتتجاوز أهمية المهرجان الجانب التنافسي، إذ يأتي في سياق جهود مستمرة لإعادة الاعتبار لمسرح العرائس كأداة فنية وتربوية. فهذا اللون المسرحي يسهم بشكل مباشر في تنمية الذائقة الجمالية للأطفال، ويحفّز ملكة الخيال لديهم، كما يربطهم بالتراث الثقافي غير المادي الذي يمثله فن الدمى والعرائس. ومن خلال العروض والورشات، يتيح المهرجان للمبدعين فرصة للتلاقي، وللجمهور إمكانية الاطلاع على تجارب جديدة من مختلف ولايات الوطن، وهو ما يرسخ بعده كملتقى وطني جامع.
وفي إطار التحضير لهذه الدورة الخامسة عشرة، كشفت المحافظة عن التشكيلة التنظيمية التي ستشرف على مختلف مراحلها، حيث تمّ تعيين بوحجر بوتشيش محافظًا للمهرجان، فيما أوكلت مهمة الإدارة الفنية إلى محمد بويش، المعروف بخبرته الطويلة وإسهاماته المميزة في مجال مسرح العرائس.
كما يضمّ الطاقم التنظيمي كلًا من سليم مولفرعة في خلية البرمجة، وعلي رحيلة مسؤولًا عن الإعلام والاتصال، ووحيد كرارمة مكلفًا بالتنظيم والعلاقات العامة، إلى جانب نور الدين قزول الذي يتولى الإدارة المالية. وتُعَدّ هذه التشكيلة ضمانة لتسيير احترافي يوازن بين الجوانب الفنية والتنظيمية.
ويُقام المهرجان هذه السنة تحت شعار يحمل دلالات عميقة “مسرح العرائس.. مسرح الدمى.. خطاب الطفل الذي فينا”. وهو شعار يترجم الرؤية الفنية والإنسانية لهذه التظاهرة، إذ لا يقتصر خطابها على الطفل فحسب، بل يمتد ليخاطب “الطفل الداخلي” الذي يسكن كل إنسان، ذلك الجانب الحالم والبريء الذي يجد في المسرح مساحة للتأمل والدهشة والانفتاح على الخيال. وبهذا، لا يكون المهرجان مجرد مناسبة للفرجة، بل تجربة إنسانية شاملة تسعى إلى إعادة وصل الإنسان بجذوره البريئة عبر لغة العرائس والدمى.