مع تصويته على اتفاقيتين تجاريتين مع المغرب

الإتحاد الأوروبي يخترق الشرعية الدولية

أثبت البرلمان الأوروبي، للمرة الثانية تواليا في أقل من شهر، انبطاحه أمام «الديكتاتورية الاستعمارية» للاتحاد الأوروبي، وانخراطه التام في عملية إنعاش الاحتلال المغربي للصحراء الغربية، معرقلا الجهود الأممية الرامية للدفع بمسار التسوية وفق اللوائح التي تضمن تنظيم استفتاء تقرير المصير للشعب الصحراوي.

وبعد أن أقر الاتفاق القاضي بتوسيع التفضيلات الجمركية لتشمل المنتجات الفلاحية القادمة من الأراضي الصحراوية المحتلة، عاد لتبنى اتفاق الصيد البحري المعمم على المياه الإقليمية للصحراء الغربية، وكلا الاتفاقين يتناقضان مع قرارات المحكمة الأوروبية التي أكدت على ضرورة استثناء الإقليم من كل اتفاقية بين المغرب والاتحاد الأوروبي.  لقد تصرف البرلمان الأوروبي، مع مشروعي الاتفاقين الذين عرضا أمامه، «كقوة تعبئة» في خدمة الهيئة التنفيذية للاتحاد الأوروبي وبالأخص لحكومتي فرنسا واسبانيا، اللتان تتحملان المسؤولية المادية والتاريخية في أصل النزاع وعرقلة مسار حله على مستوى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي.  البرلمان الأوروبي، هو المؤسسة التشريعية للمجموعة الأوروبية، وهو نتاج عملية انتخابية يفترض أن تكرس مبدأ الديمقراطية التشاركية، لكن تعامله مع الاتفاقين التجاريين، أثار دهشة العالم الحر والمتحضر، مثلما أثار استنكار الشعوب التي تعرف المعنى الحقيقي «لحق تقرير المصير»، و»التحرر من الاستعمار».
لقد صوت النواب الأوروبيون، دون أية نقاشات مسبقة ودون النظر في اقتراحات أخذ رأي استشاري مسبق للمحكمة الأوروبية، وهو تصرف جعلهم «أدوات تحركهم اسبانيا وفرنسا خدمة لمصالح الشركات الكبرى»، مثلما سبق وأن وصفهم محامي جبهة البوليساريو جيل ديفرس في حوار لـ»الشعب».  ذات المحامي تأسف، لكون نفس الذهنيات الاستعمارية لازالت طاغية لدى الأوروبيين، بعد مرور أكثر من ستة عقود على موجات التحرر في إفريقيا والعالم. ولا يمكن تبرير خيار البرلمان الأوروبي المعادي للشرعية الدولية والقانون الدولي والإنساني إلا «بالديكتاتورية الاستعمارية»، لأنه قمع الرأي الآخر داخل قبته وباع مصير شعب يعاني ويلات الاحتلال من أكثر من 40 سنة مقابل ملايين الدولارات.
وأمام الضعف غير المسبوق الذي تعانيه، سياسيا بسبب الخلافات العميقة حول الهجرة غير الشرعية وتنامي قوة أحزاب اليمين المتطرف، واقتصاديا جراء خضوعها قسرا للرؤية الأمريكية الجديدة للعلاقات التجارية الدولية، لم تجتهد المجموعة الأوروبية في البحث عن حلول والتكيف مع المتغيرات، بل عادت إلى التقاليد القديمة باتخاذ الممارسات الاستعمارية مخرجا مؤقتا، للتعامل مع الغضب العارم لشعوبها وإشباع جشع شركاتها.
وهاجمت الحكومة الايطالية فرنسا، مرارا في الأسابيع القليلة الماضية، ودعت إلى فرض عقوبات عليها بسبب إفقارها لإفريقيا من خلال الفرنك الإفريقي المرتبط بعملتها السابقة، الذي تدفع من خلاله دينها الداخلي  على حساب طموحات الشعوب الإفريقية في التنمية.
وتعمل فرنسا بتنسيق مع اسبانيا، حسب جبهة البوليساريو، لنهب موارد الشعب الصحراوي، وتحقيق عائدات مالية، على حسب مبدأ تقرير المصير والحق في السيادة والحرية والاستقلال.
الأكيد، أن البوليساريو الممثل الشرعي الوحيد للشعب الصحراوي، سيفتح جبهة قضائية شرسة ضد الاتحاد الأوروبي، لإبطال الاتفاقات والحصول على تعويضات عن الأضرار، والمؤكد أيضا أن المعركة الطويلة لن تنال من عزم الشعب الصحراوي على نيل استقلاله واسترجاع حقوقه.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19450

العدد 19450

السبت 20 أفريل 2024
العدد 19449

العدد 19449

الجمعة 19 أفريل 2024