قال تقرير حديث صادر عن “العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان”، إنّ الشباب المغربي يواجه تحديات حقيقية تهدّد مستقبله، من تدهور الصحة النفسية وانتشار الإدمان، إلى ارتفاع معدلات الجريمة ونقص الفرص التعليمية والثقافية والرياضية. ويؤكّد التقرير أنّ معالجة هذه الظواهر تتطلب سياسات شاملة تضمن حقوق الشباب وتمكّنهم من المشاركة الفاعلة في التنمية المستدامة وبناء مجتمع عادل ومتوازن.
أبرز التقرير الصادر تزامناً مع اليوم العالمي للشباب، إنه على الرغم من تزايد الوعي بأهمية الصحة النفسية، إلا أنّ البنية التحتية والخدمات المخصّصة لها لا تزال غير كافية. حيث كشف وزير الصحة في معرض جوابه عن سؤال شفوي بالبرلمان خلال أبريل المنصرم أنّ المغرب يتوفر على 319 طبيباً متخصّصاً في الطب النفسي فقط في القطاع العام، وهو عدد بعيد عن الاستجابة للمعايير العالمية. لافتاً إلى أنّ هذا النقص الحاد يعيق حصول الشباب على الرعاية النفسية اللازمة، ممّا يؤدي إلى تفاقم المشكلات النفسية لديهم.
وأشار التقرير إلى أنّ معدل الانتحار بين الشباب في تزايد، والأرقام تسلّط الضوء على الحاجة الملحة لتعزيز خدمات الصحة النفسية، وتوفير الدعم النفسي للشباب.
مكافحة الإدمان
وأبرزت المعطيات أنّ المخدرات من أخطر الآفات التي تستهدف طاقات الشباب وتعيق مستقبلهم في المغرب. فوفقاً للمندوبية السامية للتخطيط، مؤسّسة إحصائية، أقرّ 9,4 بالمائة من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة باستهلاك “الحشيش”، مرة واحدة على الأقل في حياتهم، كما ارتفع استهلاك الكوكايين والهيروين وارتفعت حالات الاستشفاء المرتبطة بالمخدرات الصلبة.
وكشفت تقارير دولية من ضمنها تقرير الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لسنة 2025 تزايد الاستخدام غير الطبي للأدوية الصيدلانية في صفوف القاصرين المغاربة. أما تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي لشهر أوت الحالي، فقد سجل وجود ستة ملايين مدخّن في المغرب، بينهم نصف مليون قاصر، إضافة إلى انتشار ألعاب الرهان بين 3,3 ملايين شخص. وهذه الأرقام تؤكّد الحاجة إلى مقاربة شمولية للوقاية والعلاج وإعادة الإدماج، بدل الاقتصار على الجانب الزجري.
الهجرة السرية والجريمة
وفيما يخص الهجرة غير النظامية، رصد التقرير تزايد الظاهرة بين الشباب بسبب البطالة والإقصاء الاجتماعي وضعف الآفاق المستقبلية والشعور بالإحباط، مؤكّدًا أنّ الجهود الأمنية لإحباط محاولات الهجرة لا تعالج الأسباب الجذرية للظاهرة.
كما أبرزت المعطيات أنّ الجريمة والجنوح يمثلان تحدياً بارزاً، حيث بلغت نسبة النزلاء دون 30 سنة 43 بالمائة سنة 2024. كما أنّ 63 بالمائة من جرائم العنف ارتكبها شباب بين 16 و25 سنة، فيما أصبحت ظاهرة حمل السلاح الأبيض في المدارس مقلقة.
واختتم التقرير بتوصيات من قبيل توسيع صناديق دعم المقاولات الشبابية في مناطق النزوح، وتعزيز الاستثمار في المناطق الهشة اقتصاديا عبر مشاريع تنموية لتوفير بدائل واقعية للشباب في وطنهم.