أستاذ القانون العام.. منير قتال لـ «الشعب»:

سيادة الجزائر واستقلالية قرارها أصاب باريس في مقتل

سفيان حشيفة

الردود القانونية الجزائرية الحكيمة أقلقت النظام الفرنسي

يرى أستاذ القانون العام بجامعة الجزائر-1، الدكتور منير قتال، أن العلاقات الجزائرية- الفرنسية تمرّ هذه الآونة بأصعب مراحلها، لأسباب متعدّدة؛ أمنية ودبلوماسية وسياسية واقتصادية.

قال الدكتور منير قتال، في تصريح خصّ به «الشعب»، إن ما أزعج باريس حقاً ودفعها إلى ارتكاب حماقات، تبنّي الجزائر سياسات اقتصادية جديدة ومستقلة سمحت بتنوّع مصادر دخلها القومي، ودعم الصناعات الداخلية وتشجيعها، وتقديم التحفيزات لتنمية الإنتاج المحلي وتقليل الاستيراد، وإقصاء السلع غير الضرورية من الواردات السنوية، وإرساء مشاريع استثمارية بطابع عالمي أسهمت في بناء بنية تحتية صناعية وطنية نشطة وواعدة، مع تسجيل مؤشرات اقتصادية كلية إيجابية بجهود جزائرية خالصة، بعيداً عن أي تدخل خارجي.
وأوضح قتال، أن ما أثار حفيظة الإليزيه أيضاً، هو توقيع الجزائر اتفاقيات دولية بشراكة نوعية مستدامة مع الصين وروسيا وإيطاليا وإسبانيا وتركيا وجنوب إفريقيا ورواندا وإثيوبيا ومصر وفنزويلا والسعودية وقطر وسلطنة عُمان والولايات المتحدة الأمريكية، وانفتاحها على العالم شرقاً وغرباً، من خلال تبادل مشاريع كبرى في الطاقة والتعليم والصناعات الخفيفة والثقيلة، بما يخدم مصالحها العليا ويستجيب لآمال وتطلعات شعبها.
كما لم يرُق لباريس إصلاح قطاع التعليم العالي الجزائري، وتطوير المؤسسات الوطنية بما يدفع الطلبة نحو الابتكار والبحث العلمي، وفتح الأبواب أمام الباحثين الأجانب، وإطلاق برامج تكوين حديثة جدا في المدارس العليا المستحدثة، مما سينتج عنه كفاءات محلية مقتدرة وتوطينها وإنهاء مسلسل هجرتها نحو الخارج، وفقاً لمحدثنا.
وتابع الأستاذ: «الجزائر بموقعها القاري الإستراتيجي وثرواتها ومقوماتها الطبيعية الضخمة، لن تسمح لأي طرف، مهما كان، بالإملاء عليها أو تقويض سيادتها أو المساس باستقلالية قرارها، وهو ما أضعف النفوذ الفرنسي في الإقليم والقارة السمراء برمتها. كما لن تغيّر الاستفزازات الفرنسية المتكررة، من موقف الجزائر تجاه استقلال القضيتين الصحراوية والفلسطينية، وستظل تتبنى مواقف مشرفة تجاه القضايا العادلة في العالم، حتى لو اصطدم ذلك مع مصالح باريس ومآربها الدبلوماسية».
ومنذ تولّي رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون مقاليد الحكم، نهاية سنة 2019، مثلما أضاف قتال، وضع ضمن أولوياته تقوية علاقات الجزائر مع كل دول العالم وفق الندية والاحترام والمصالح المشتركة، وعزّز من السيادة الوطنية في شتى القطاعات الاقتصادية، كالفلاحة من أجل تحقيق الأمن الغذائي، وتوطين الاستثمارات والصناعات المحلية لتأمين حاجيات المواطنين، وجرى غلق أبواب الاستيراد العشوائي من فرنسا أو غيرها من الدول، مع إطلاق إصلاحات جذرية في مجالات التربية والتعليم العالي والتكوين والصحة، وأنشأ معاهد عليا متخصصة في التكنولوجيات الحديثة، من أجل تمكين الطلبة الجزائريين من التكوين والعمل داخل البلاد.
إلى جانب ذلك، انتهجت الجزائر سياسة تقوية جهازها الدبلوماسي الخارجي وتفعيل آلياته المؤثرة بما يخدم مصالحها ومصالح الدول الإفريقية والعربية، وهو ما يفسر تلك الردود القانونية الحكيمة والمحسوبة التي أصدرتها ضد الممارسات العدائية الفرنسية الأخيرة، على غرار قرار ماكرون تعليق اتفاقية سنة 2013، ومحاولات تقييد حركة الجالية الوطنية والتضييق على حياتها الاجتماعية في هذا البلد منذ أكثر من سنة، بحسب قوله.
وخلص أستاذ القانون العام بجامعة الجزائر-1، الدكتور منير قتال، إلى أن بلد الشهداء يمتلك كل مقومات السيادة، ويتمتع بقرار مستقل، ويسير بإستراتيجية واضحة لتقليص التبعية إلى الخارج في شتى القطاعات، خاصة في مجالات الأمن الغذائي والصناعي والرقمي والتكنولوجي، وكل ذلك أغاظ باريس وأخرج الحقد الدفين الكامن في ذاكرتها الاستعمارية البغيضة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19856

العدد 19856

السبت 23 أوث 2025
العدد 19855

العدد 19855

الخميس 21 أوث 2025
العدد 19854

العدد 19854

الأربعاء 20 أوث 2025
العدد 19853

العدد 19853

الثلاثاء 19 أوث 2025