كان أمس المسار النّضالي للبطل المغوار عباس لغرور بجبال الأوراس محل شهادات مثيرة ونادرة لأكاديميّين ورفقاء السّلاح كصالح قوجيل وأرزقي باسطا الذين كشفوا للحضور القيم الإنسانية التي كان يتمتّع بها هذا الرجل، وخصاله الحميدة وأخلاقه العالية، ومعاملته الفريدة لجنوده.
أوّل من تناول الكلمة أمس بمقر يومية «المجاهد»، وبالتنسيق مع جمعية مشعل الشهيد محمد عباد، أخوه صالح لغرور الذي ثمّن مبادرة المجاهد المرحوم عبد الرزاق بوحارة الذي أقرّ الشروع في إحياء ذكرى استشهاد عباس لغرور سنة ١٩٩٧ لتفتح صفحة جديدة في تاريخ هذا المكافح الفذ، الذي دوّخ جنرالات فرنسا على أرض المعركة، بالرغم من ملاحقتهم له إلاّ أن محاولاتهم باءت بالفشل الذريع، ولم يصب بأي أذى في حوالي ٤٦٤ معركة حامية الوطيس، أبلى فيها البلاء الحسن، وهذا بإلحاق خسائر فادحة في أرواح قوات الإستعمار، وأسره لـ ١٨ جنديا فرنسيا، في كمين محكم، ناهيك عمّا أحدثه من ذعر ورعب في أوساط القيادات العسكرية بعد الهزائم المتتالية التي تلقّاها أفرادهم في الميدان، وردّا على ذلك أقسموا على قتل هذا الفارس الثّوري.
صالح قوجيل المجاهد الذي كان مقرّبا جدّا من قيادات الأوراس، أوضح بأنّ عباس لغرور يعد من ضمن المسؤولين الأوائل بالمنطقة المقدّر عددهم بــ ١٥ قائدا، ولم يخف سبب استشهاده الذي أرجعه إلى تحفّظ عباس على النتائج أو ما تمخّض عن أرضية مؤتمر الصومام، وغياب الولاية الأولى عنه زيادة على عدم إدراج إسمه في عضوية المجلس الوطني للثّورة الجزائرية، وإحلال محلّه شخصية أخرى.
وحتى خيال لغرور كان مخيفا بالنسبة للفرنسيّين، الذين كلّما قرّروا الصّعود إلى الأوراس يقولون إنّنا ذاهبون إلى «بربروس الأوراس».
أما المجاهد أرزقي باسطا فقد أبدى اعتزازه بالتعرف على رجال مثل عباس لغرور ولزهر شريط، وكان دائما من الرّافضين للمساس بشخصية المجاهدين حتى لا تتأثّر الثّورة بتداعيات مثل تلك المواقف.
وعرض الأستاذ الجامعي من باتنة هـ - مختار مسيرة المجاهد عباس لغرور الذي كان ثائرا منذ طفولته، رافضا حڤرة المعمّرين وازدادت هذه القناعة في عنفوان شبابه عندما أصبح مناضلا ناشطا في حزب الشّعب الجزائري بفضل إبراهيم حشاني، كان محل ثقة غير مسبوقة من قبل مصطفى بن بولعيد، يخلفه في كل تنقّلاته، كما يحترم قائده بشكل لا مثيل له ويقدّره أيما تقدير نظرا لشخصيته المصقولة والقوية في زمن الحرب.
وقد دارت كل الشّهادات على القوة الذّهنية لعباس لغرور عند استشهاده، وهذا احتراما لما أقرّته القيادة الثّورية، ولم يرفض أبدا ذلك، بل قرّر الإمتثال لما صدر حتى الذين طالبوه بمغادرة المكان سليما معافى رفض الإذعان لهم وقرّر احترام ذلك.