اعتبر الخبير عبد الرحمان مبتول أن التحدي الذي يواجه الجزائر في الفترة الممتدة إلى 2030 يرتكز على أربعة محاور، هي تجميع الصفوف، إعادة تأسيس الدولة، الدمقرطة والإصلاحات الاقتصادية، موضحا ان الجزائر تحتاج خاصة للعودة إلى الأخلاق بالنسبة للقائمين على إدارة المدينة، وان النظام بحماية الأملاك والأشخاص لا يتناقض مع تنمية الحريات التي تجمع أكثر مما تفرق.
لذلك يرى أن الإصلاح يكون باقتراح إطار ملائم للتعبير الجماعي لمواجهة الظرف الصعب الجيواستراتيجي والاقتصادي الاجتماعي الذي يلوح في أفق المرحلة القادمة 2019/2022/2025، مما يطرح استعجال تجديد الأحزاب السياسية والمجتمع المدني كوسيط اجتماعي، ذلك أن الجزائريين يريدون أن يعيشوا اختلافاتهم في أطار منسجم في ظل الوحدة. فالجزائر التي تمر بوضع صعب من تاريخها تحتاج إلى رؤية نقدية حول ما تم تحقيقه وما يجب القيام به لفائدة الوطن فقط الذي يحتاج إلى جمع أبنائه حول نفس الطموح والأمل المتمثل في تنمية متناغمة تجمع بين الفعالية الاقتصادية وعدالة اجتماعية عميقة.
وفي تحليله للتطورات الأخيرة أشار مبتول إلى “ضرورة أن يقود التحول إلى وضع النظام الحزبي والمجتمع المدني في خدمة المواطن”، مضيفا أن “ما عبر عنه الشباب يقتضي انجاز إصلاحات سياسية واقتصادية ترتكز على الديمقراطية، اقتصاد سوق تنافسي بعيدا عن أي احتكار عمومي أو خاص وعدالة اجتماعية عميقة، ذلك أن الاستمرارية لا تعني الجمود وتكرار أخطاء الماضي”.
وأكد مبتول على أهمية التزام الموضوعية وقول الحقيقة بعيدا عن التهويل أو الرضا المفرط، ذلك انه “خلافا لبعض النوايا الخبيثة، فان الجزائر ليست على عتبة إفلاس أو انفجار”، مسجلا “وجود انجازات كثيرة ونقائص أيضا، مما يستوجب حوكمة أخرى لتجسيد التقويم الوطني”.
وأشار الخبير في قراءة دقيقة وموضوعية للمؤشرات إلى انه منذ 1970 إلى اليوم، وخلافا لبعض التحاليل المغرضة، وعدم نسيان التحطيم الممنهج للاقتصاد في الفترة 1990 إلى 1999 دون تجاهل الصدمة التي تعرض لها السكان، تحققت إلى اليوم انجازات كبيرة في المنشآت القاعدية خاصة الطرق، المياه، توصيل الكهرباء والغاز، السكن، الصحة رغم تدهور تعاني منه في غياب مستشفيات كبرى مطابقة للمعايير والاستثمار في التربية رغم تراجع المستوى وفي الفلاحة رغم ارتفاع الأسعار.
وأشار إلى أن التجارب في اغلب البلدان التي مرت بتحولات نجحت فيها إصلاحات طبقت بتدرج وليس بقطيعة مع المرحلة السابقة، بفضل إرساء آليات للضبط السياسي والاقتصادي سمحت بإدماج القوى المحافظة في إطار ديناميكية إصلاحية تفترض عناصر جديدة تعطي نفسا للحركية في المجتمع في ظل تغيير ثقافي للتكيف مع التحولات الداخلية والعالمية، ذلك أن العالم الجديد يرتكز على نمط علاقات جديدة يرتكز على شبكات لمنظمات غير حكومية ومجتمع مدني يستوعب كل الاتجاهات والتيارات في المجتمع فلا يكون مجالا للتهميش، وبالتالي للجزائر فان إقحام المواطن في صناعة القرار يعكس إرادة الدولة في تحقيق العدالة.