لايزال الجزائريّون يعيشون على وقع الفاجعة التي ألمّت بالوطن بعد رحيل أحد رجلاتها الأشاوس الفريق أحمد قايد صالح، المجاهد البطل، الذي لبّى النداء من أجل حماية البلاد والعباد وظل وفيّا لشعبه الى آخر يوم من حياته، ولأنّهم أرادوا توديعه قبل أن يوارى الثرى إلى مثواه الأخير، توافد منذ الساعات الأولى من صباح أمس عشرات المواطنين ممّن كانوا يعتقدون بأن مراسم تشييع جثمانه ستكون في ذات اليوم، ليتم اطلاعهم بعين المكان أن إلقاء النظرة الأخيرة على المرحوم تكون اليوم الأربعاء، بقصر الشعب، قبل دفنه بمربع الشهداء بمقبرة العالية بعد صلاة الظهر.
عرف محيط قصر الشعب، أمس، توافد المواطنين الذين تنقلوا من مختلف الولايات لتوديع فقيد الجزائر، حيث تعالت الشعارات المخلدة لهذا الرجل، الذي تمكّن بفضل حكمته وبصيرته في صون البلاد والعباد خاصة في المرحلة الحساسة التي عرفتها الجزائر، مردّدين في الوقت ذاته عبارات الترحم والتمجيد هاتفين بإسمه عاليا.
ليغادر الحضور المكان، بعد أن عبّروا عن تعازيهم الخالصة وآلامهم في فقدان القائد المحنّك، ضاربين موعدا اليوم من أجل تشييع جنازة الفقيد، التي عاشت على إثرها العاصمة تحضيرات على ساق وقدم من اجل تمكين المواطنين ورفقاء الدرب وكل الشخصيات الوطنية وقيادات سامية في الدولة وممثلي الدبلوماسيات الأجنبية لإلقاء النظرة الأخيرة لينقل جثمانه في موكب يجوب شوارع العاصمة انطلاقا من شارع كريم بلقاسم مرورا بشارع ديدوش مراد.
مناسبة أليمة أثّرت على نفوس كل الجزائريين والجزائريات، يقول رئيس بلدية الجزائر الوسطى عبد الحكيم بطاش، «ونحن متواجدون يقول بطاش اليوم بشارع كريم بلقاسم، الذي يتواجد على مستواه قصر الشعب تطبيقا لتعليمات والي العاصمة من أجل اتخاذ كل التدابير وتوفير كل الظروف الخاصة من أجل استقبال الشعب الجزائري وتسهيل تنقلاتهم لحضور جنازة الفريق أحمد قايد صالح».
واستطرد رئيس بلدية الجزائر الوسطى عبد الحكيم بطاش في تصريح لـ«الشعب»، بأن التحضيرات قائمة على قدم وساق من أجل أن يحظى الرجل بجنازة تليق بشخصيته البطولية، وتمكين كافة محبيه من أبناء الوطن من توديعه عبر شوارع العاصمة.
المواطن احمد القادم من ولاية الجلفة الذي أبدى في حديثه معنا افتخارا كبيرا لأنه يحمل الاسم ذاته مع بطل الجزائر احمد قايد صالح، أكد قائلا: «إنّها فاجعة ألمّت بالجزائر في ظروف حاسمة كادت أن تعصف بالجزائر...وفي مثل هذا اليوم ما عسانا سوى أن نعزي أنفسنا ونعزي الشعب والمؤسسة العسكرية سليل جيش التحرير الوطني».
وأضاف المواطن أنور: «المرحوم كان أبا لكل الجزائريين فهو قبل كل شيء ابن هذا الوطن وأحد رجالات الثورة التحريرية، ومن لم يعرفه من شباب اليوم وهو في صفوف جبهة التحرير الوطني يحارب من اجل حرية الوطن عرفه اليوم وهو يصون أمن الوطن في مرحلة جد عصيبة بعد أن رافق الحراك وقاد الجزائر الى بر الأمان».
المواطنة رحمة قالت إن فقيد الجزائر جنّب الجزائر ــ بفضل حنكته في التسيير ــ من الدخول في نفق مظلم كنا نجهل عواقبه الوخيمة بعد أن تمكّن من تسيير المرحلة الحساسة التي مرت بها الجزائر.
وغير بعيد عن شارع كريم بلقاسم، كان لنا حديث مع العديد من المواطنين بشارع ديدوش مراد وساحة أودان وكذا البريد المركزي ممّن أشادوا بخصال الفقيد، والذين اجمعوا على أنه شخصية وطنية بإمتياز وهبت حياتها خدمة للوطن.
ولا حديث في الشارع الجزائري اليوم إلا عن خصال الرجل، مستذكرين أهم ما جاء في خطاباته الأخيرة التي تركت أثرا في نفوسهم خاصة العهد الذي أطلقه على الشعب بأنّه سيحفظ دماءهم، ولن يسمح بأن تراق قطرة منها، وكذا مقولته «تمضي الرجال ويبقى الوطن»، ولعل أهم ما أثّر فيهم هو خطابه الذي أكد فيه جاهزية الجيش الوطني الشعبي بالعتاد والتعداد والسلاح من أجل استعمالها ضد العدو وليس ضد الشعب.
ويتواصل الحداد الوطني الذي أقرّه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون لمدة ثلاثة أيام، بتنكيس الأعلام الوطنية في كل مؤسسات الدولة، كما عرفت مختلف شوارع العاصمة تحضيرات من أجل تشجيع جنازة الفقيد في ظروف منظّمة وآمنة.