البروفيسور شمس الدين شيتور لـ«الشعب”:

اجتماع الجزائر فرصة لإقرار سعر مرجعي في حدود 60 دولارا

حاوره: حمزة محصول

سحب مليوني برميل من الإنتاج حل يخدم الجميع

أكد الخبير الطاقوي، البروفيسور شمس الدين شيتور، أن الاجتماع غير الرسمي للأوبيب بالجزائر، يشكل فرصة سانحة لتعميق التشاور وبحث فرص التوافق على سعر مرجعي بين 50 و60 دولارا للبرميل، مفيدا بوجود إشارات إيجابية قبيل الاجتماع على الرغم من استبعاد اتخاذ قرارات.
”الشعب”: يعقد أعضاء منظمة الأوبيب إلى جانب روسيا، اجتماعا غير رسمي في الجزائر لمدة ثلاثة أيام، والذي رغم كونه للتشاور وليس لأخذ القرار يتحدث الجميع عن أهميته. فماذا يمكن أن ننتظر منه؟
 البروفيسور شمس الدين شيتور: من الضروري التوقف عند طبيعة الاجتماع باعتباره غير رسمي، لذا فلا يمكن أن ننتظر أن تكون هناك نتيجة أو قرار، ولكنه يشكل فرصة لتبادل الآراء ومناقشة المشاكل الحالية المتعلقة بتدهور الأسعار وتبعاتها على اقتصادات الدول.
والمشكل الرئيسي حاليا هو الفائض، حيث تنتج دول الأوبيب مجتمعة ما يقارب 33.5 مليون برميل في اليوم، بينما يحتاج السوق  31 مليون برميل، فالتشبع وضعف الطلب هو ما يؤدي إلى انخفاض السعر.
وهناك مشاكل أخرى خارج الأوبيب، وتتمثل أساسا في الولايات المتحدة الأمريكية، التي أخلطت جميع الأوراق بإنتاجها البترول الصخري، حيث قلبت موازين السوق البترولية بشكل كامل.
وللأسف الأوبيب التي كنا نعرفها في السبعينات، في زمن بلعيد عبد السلام والشيخ زكي يماني انتهت، ولم تعد هذه المنظمة تحتكم إلى التضامن بين أعضائها.
الآن فيه حسابات ما بين الدول، دول الخليج عندها نظرة تختلف تماما عن نظرة الجزائر والبلدان التي تبني اقتصادها على البترول، وأصبح البرميل الواحد يقابله صوت واحد داخل الأوبيب، ما يعني أن الجزائر عندما تنتج مليون برميل فهي تملك مليون صوت، بينما تنتج العربية السعودية 12 مليون برميل ما يعطيها 12 مليون صوت وقس على ذلك.
قديما في عهد الرئيس الراحل هواري بومدين والملك فيصل، كان للجزائر صوت مسموع، وكانت هي من تؤثر وتحاور الدول وتقنعها بأهمية رفع أسعار البترول في السوق، واليوم تغيرت الأوضاع وأصبح كل بلد يجري وراء أطماعه ومصالحه الخاصة.
- هل يفهم من ذلك أنه ينبغي للدول التي تنتج أقل كمية داخل المنظمة وتواجه صعوبات اقتصادية بالغة ألا تعول كثيرا على مخرجات الاجتماع؟
 الدول التي تنتج كميات أقل من دول الخليج تواجه صعوبات اقتصادية، كفنزويلا التي تعيش أزمة خانقة ونيجيريا نفس الشيء.
ومن مصلحتها أن تتوصل المنظمة رفقة روسيا فاعل (خارج الأوبيب) والوكالة العالمية للطاقة أن يتفقوا على السعر الذي يرضي الجميع، وهو بين 50 و60 دولارا، وهذا يمكن تحقيقه بتقليص 2 مليون برميل يوميا من الإنتاج، ولو تنزع كل من العربية السعودية وروسيا 5٪ من إنتاجهما سيرتفع السعر تلقائيا. فالوصول إلى 31 مليون برميل هو الحل الوحيد لارتفاع السعر بينما لن يؤدي التجميد لأية نتيجة كما حدث شهر جانفي الماضي.
ولكن هناك صعوبة في تحقيق هذا المسعى، وتقف وراء ذلك الصراعات القائمة بين روسيا وأمريكا من جهة والسعودية وإيران من جهة أخرى، ولا يريد كل واحد أن يتخلى عن حصته، حيث رفعت إنتاجها بـ500 ألف برميل في اليوم لتصل إلى 3.6 مليون برميل وهناك عودة تدريجية للنفط الليبي.
ويبقى على الجزائر أن تعمل كل ما بوسعها لتحقيق شبه إجماع لاستمرار التشاور وبلوغ اتفاق يؤدي إلى سعر توافقي مستقر عند حدود 60 دولارا في المرحلة الراهنة.
والحل بالنسبة للدول المتضررة اقتصاديا، ليس في الأوبيب ولكن في الحكم الراشد الذي يجب أن يتجاوز البترول ويتوجه نحو التنمية المستدامة والمحافظة على احتياطاتها للأجيال القادمة.
- خلافا للاجتماعين السابقين للأوبيب، يحظى اجتماع الجزائر باهتمام الدول الأعضاء خاصة وأن بعض الدول الفاعلة لا تتردد في إرسال إشارات إيجابية، ألا تعتقد أن المشاكل الاقتصادية التي تعيشها جميع الدول المنتجة للنفط منذ سنتين يمكن أن تدفع إلى توافق؟
 صحيح هناك إشارات إيجابية من قبل جميع الدول، ولكن لا ننسى العربية السعودية رغم رداءة اقتصادها، لديها 600 مليار دولار احتياطي صرف، وتستطيع أن تقاوم لسنتين، وللأسف عودتنا بهذه الأشياء، ففي قبضتها الحديدية مع مارغاريث تاتشر سنة 1986 قامت بإغراق السوق حتى وصل سعر البرميل 6 دولارات. ومن تضرر؟ الجزائر كانت من أكبر الخاسرين حيث خسرت في ظرف 4 سنوات 16 مليار دولار حسب تصريحات ساركيس.
هذه ليست أزمة المنتجين الصغار، والاختلاف الكبير يكمن في أن أصحاب الحصص الكبرى من الإنتاج، يعولون على الحجم لتعويض ضعف السعر، ولكن سحب 2 مليون برميل حاليا سيسمح بربح تقليص الحجم في ارتفاع السعر لذلك يبقى هذا الحل الأفضل وروسيا في أزمة اقتصادية خانقة وتحتاج إلى التنفس، ما يدفعها إلى قبول هذا الطرح مبدئيا.
وأتوقع قبل نهاية السنة أن يرتفع حتى 55 و60 دولارا، بينما ستحدث الصدمة البترولية في آفاق 2020، حيث ينتظر أن يفوق السعر الـ100 دولار للبرميل، وهذا تبعا لعدة مؤشرات منها انتعاش النمو الاقتصادي العالمي وتقلص احتياطات الذهب الأسود في المعمورة، ما يلزم كل دولة بالاستغلال الرشيد لمواردها.
- بغض النظر عن ما  سيخلص إليه هذا الاجتماع، هل يمكن القول إن الجزائر بذلت كل ما بوسعها لتحقيق توافق يرضي كافة الدول المصدرة للنفط؟
 الجزائر فعلت ما باستطاعتها وكانت في مستوى الحدث ومقتضيات المرحلة، وجمع كل الدول الأعضاء في منظمة الأوبيب إلى جانب روسيا يعد مفخرة في حد ذاتها، ولا أحد ينكر مجهوداتها في التشاور والإقناع ببلوغ سعر توافقي.
وإنجاح تنظيم حدث على هذا المستوى، يبرز سمعة الجزائر ومكانتها الدولية من الناحية السياسية، يبقى أنها ليست مسؤولة عن المضمون والنتائج المترتبة عن اللقاء، لأن أوبيب الأجداد التي نعرف زالت وكل واحد يبحث عن المصلحة والنفوذ والإمكانيات.
وأود أن أؤكد مرة أخرى، أن الحل بالنسبة للجزائر هو خلق نموذج طاقوي جديد للتوجه نحو التنمية المستدامة، والعمل على الاستغلال الرشيد لمواردنا الباطنية وتقليص 20٪ من استهلاك الطاقة حفاظا على مستقبل الأجيال الصاعدة، ونعمل على تنفيذ مخطط الطاقات المتجددة الذي يسير بوتيرة بطيئة، ونحشد كل الوزارات وكل الجزائريين لإنجاح هذا النموذج ونركز بالخصوص على التكوين في المدارس والجامعات.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024
العدد 19444

العدد 19444

الأحد 14 أفريل 2024