الطّالبـة أمينــة يونسـي: هكـــذا غلّبـــت أمّ الجرائــد المصلحـــة الوطنيــة علــى الاعتبـار المذهبـي
نالت الطّالبة أمينة يونسي شهادة الماستر بتقدير ممتاز وبعلامة ١٨ على ٢٠ عقب مناقشة مذكّرة تخرّج عنوانها «تناول الصحافة العمومية لأحداث غرداية: دراسة تحليلية لصحيفة الشعب لسنة ٢٠١٥»، تخصّص صحافة مكتوبة، وهذا تحت إشراف الأستاذ عبد العالي رزاقي الذي أناب عنه الأستاذ المحاضر أحمد بوخاري، إلى جانب الأستاذ عمر تواتي رئيس لجنة المناقشة وهذا بكلية علوم الاعلام والاتصال، قسم الاعلام.
العرض الأوّلي الذي قدّمته الطّالبة أمينة يونسي لم يتجاوز الربع ساعة كما اشترطته لجنة المناقشة، استعرضت فيه باختصار شديد إشكالية البحث: ما هي أهمية المعالجة الإعلامية لصحيفة «الشعب» لأحداث غرداية؟
وانطلاقا من هذا التّساؤل، راحت الطّالبة تسرد الحيثيات بكل أريحية كمؤشر حيوي على تحكّمها في هذا الموضوع الشّائك، الذي يطرح، لأول مرة، في الجامعة الجزائرية بأبعاده الأكاديمية البحتة وثوابته العلمية لتفادي أي انحراف في هذا الشّأن، وبعيدا عن أي قراءة خاطئة أو خلفية مغرضة تشوّه مسار هذا العلم النّزيه، الذي يهدف إلى تنوير الرأي العام بالامتدادات التاريخية لهذه المسألة وفق وقائع بارزة، عبارة عن رسائل ناطقة مسجّلة في الزّمان والمكان.
وتبعا لذلك، اعتمدت الطّالبة على أدوات البحث، منها تحليل المحتوى أو المضمون، كونه منهجا وأداة، بالإضافة إلى المقابلة التي أجريت مع مدير تحرير جريدة «الشعب» فنيدس بن بلة ومدير تحرير جريدة «الواحة» السيد الحاج داود نجار. وفي نفس الاتجاه، تمّ التّذكير بالتأثيرات التّاريخية والجغرافية والإثنية التي تصنّف على أساس أنّها من أسباب تجدّد المواجهات، وتأجيج وسائل الإعلام التي توظّف وتستغل مثل هذه الأحداث، وهذا عكس صحيفة «الشعب» التي دعت وروّجت لضرورة الحل السّلمي، وتغليب المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار مذهبي أو طائفي.
في هذا السياق، أوردت الطّالبة أمينة يونسي اختيارها لجريدة «الشعب»، باعتبارها لسان حال الحكومة وسيرها في نهج التّهدئة والحكمة والتعقل.
وإن كان هذا الملخّص عبارة عن إشارة موجزة للجانب المنهجي للبحث، فإنّ القارئ في حاجة ماسة إلى المزيد من التّنوير لقضايا حسّاسة في ملف غرداية، خاصة في زواياه التّاريخية. والجزء الأكثر ملاحظة وجلبا للانتباه، ذلك المتعلّق بالسّرد، وهذا بالرغم من تخصيص لمحور المنهج وأدوات البحث من صفحة ٦ إلى صفحة ٢٩، ونسجّل في الصفحة ٥ الإطار العام للدراسة، الذي هو عبارة عن ٥ تساؤلات كذلك تعطي البوادر الأولية لمغزى البحث، وجاءت على النحو التالي:
أولا: كيف اهتمّت جريدة «الشعب» بأزمة غرداية؟
ثانيا: ما هي مظاهر الاهتمام الفني لجريدة «الشعب» لأزمة غرداية؟
ثالثا: ما هو الأثر الذي أحدثته المعالجة الإعلامية في تقريب وجهة النظر المتميزة؟
رابعا: ما هي المصادر الداخلية والخارجية لهذه الجريدة في تغطيها للأحداث؟
خامسا: ما هي القواسم المشتركة بين هذه الجريدة وباقي العناوين الوطنية؟
سادسا: ما أثر الخط السياسي الرّسمي لجريدة «الشعب» على جهود المصالحة؟
هذه التّساؤلات المتعلّقة بالدراسة، تؤدي حتما إلى الإجابة عليها فيما بعد، فمن الصفحة ٣٠ إلى الصفحة ٤٠ هناك أسباب اختيار الموضوع، أهمية الدراسة وأهدافها، تحديد المفاهيم، الدراسات السابقة. ويزداد نهم القارئ أو الباحث غوصا وتعمّقا من الصفحة ٤٢ إلى الصفحة ٧٧، من خلال ما سمي بالفصل الأول: «الأبعاد التاريخية والفلسفية لأزمة غرداية» و»غرداية موقعا وتاريخا». وهنا تعود الطّالبة إلى السرد التاريخي مع الأحداث المسجّلة في فترات متتالية، وهذا التحكم في خيط التسلسل الزمني لبناء التصور الذهني لهذه المحطات في مسيرة هذه المنطقة، في الفصل الثالث هو بمثابة الدخول المباشر في تعداد الأحداث من ١٩٧٤ إلى غاية ٢٠١٥، وهذا من الصفحة ٧٩ إلى غاية الصفحة ٨٧. وعلى غرار البطاقة الفنية للجريدة الممتدة من الصفحة ٩٠ إلى ١٠١، فإنّ أولى النّبضات الحيّة لهذا العمل الاعلامي، يبدأ من الصفحة ١٠٢ إلى ١١٣، إذ تستنطق الباحثة الأرقام مع قراءة مضمونها، وهكذا توصّلت إلى ما يلي:
^ ٧٠٪ الخبر الصحفي.
^١٥٪ الخبر المركّب.
^ ١٠٪ للتقرير.
^ ٥٪مقال الرأي.
وهذا فيما يتعلق بالأنواع الصحفية المستعملة، معتمدة على مصادر ذاتية كالمراسلين من عين المكان ووكالة الأنباء الجزائرية والمصادر الحكومية الموثوقة، بالإضافة إلى الملاحق التي عبارة عن صور من جريدة «الشعب».
إثر الانتهاء من هذا العرض، تدخّل الأستاذ أحمد بوخاري، الذي ثمّن هذا العمل الإعلامي الذي وصفه بالصّعب والمعقّد في آنٍ واحد، مقترحا إعادة صياغة الإشكالية بالتركيز، كيفية التناول وليس الاهتمام فقط، مشيدا بهذا الجهد المبذول، كونه بحثا مهمّا جدا وإلقاء عفويا جذابا.
أما الأستاذ عمر تواتي، فقد طلب من الباحثة تدوين الملاحظة الموجّهة لها منها: تحديد الفواصل المستعملة بين المصطلحات كالأحداث والأزمة، مسجّلا عناصر جديدة في الدراسة، كالأسلوب السلس، وتحليل أنواع الرأي والمقابلة.
وأعطيت الكلمة للمرة الثانية للطالبة للإجابة، ثم مباشرة تقرّر الذهاب إلى المداولة. بعد دقائق، أعلن على منح أمينة يونسي تقدير ممتاز في جو من الفرحة وسط العائلة والأصدقاء والمدعوين. ألف مبروك لأمينة... مع مطالبة اللّجنة بإعادة طبع هذه المذكّرة.