الشّيخ بوخماشة:

دور العجـــزة ضـرورة اجتماعيـة لكنّهـــا حـرام علــــى الأبنــاء

وعن حكم «دور العجزة»، هذه الظاهرة التي أثارت استنكار شريحة واسعة من مجتمعنا، واعتبروها شكلا من أشكال عقوق الوالدين، فقد أكّد لنا الشيخ بوخماشة مخفي، رئيس مصلحة التعليم القرآني والتكوين والثقافة بمديرية الشؤون الدينية والأوقاف لوهران، أنّها «مؤسسة من المؤسسات التي أنشأتها الدولة لضرورة اجتماعية»، إلا أنه قال: «حرام ولا يجوز شرعا التخلي عن الآباء كليهما أو أحدهما».
 تابع قائلا: «هؤلاء لا يدخلون الجنة ولا يكلّمهم اللّه ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم، قال رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم: ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ، وَالْمَرْأَةُ الْمُتَرَجِّلَةُ، وَالدَّيُّوثُ، وَثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ: الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ، وَالْمُدْمِنُ عَلَى الْخَمْرِ، وَالْمَنَّانُ بِمَا أَعْطَى».
كما اعتبر أن المسؤولين على هذه المؤسسات «ليس لهم ذنب إنّما المسؤول على هؤلاء العجزة هو أولادهم الذين تركوهم وظلموهم»، و»أنّ الدولة من واجبها وحقّها أن ترعى هذه الشريحة الموقّرة، ولهذا خصّت وزارة كاملة لهذه الجوانب الاجتماعية».
كما أشار إلى أنّ الشرع الحنيف بيّـن هذه المرحلة الحسّاسة التي يمرّ بها الإنسان بقوله تعالى: {للَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ}.
وأوضح أنّ «مظاهر العقوق متعدّدة، وتتمثّل في كل فعل أو قول يتأذى به الوالديّن من أولادهم، على غرار الهجران وعلوّ الصوت وعصيانهم وضربهم وإيذائهم، أو أن يتمنى موتهما أو يخجل بهما أو بأحدهما أو أن يفضّل الابن زوجته على أمّه وغيرها من التصرفات الأخرى» كونها «تتنافى مع الدين الحنيف الذي جعل رابطة الوالدين من فرائض الدين الكبرى، فأمر بوصلهما وخدمتها بالقدر المستطاع، دون تأفّف أو ضجر»، ويضيف محدّثنا متسائلا: «وما بالك إن طرد الأب أو الأم وهي تبكي وتتحسّر؟!».
وشدّد قائلا: «اعلموا أنّ سخط الله في سخط الوالدين، ورضى الله في رضى الوالدين، ولا شيء يزيد في العمر ويبارك في الرزق مثل بر الوالدين وصلة الأرحام وغيرها من الأمور الواجبة التي لا شك فيها، واعلموا أن البر والعقوقَ دينٌ ووفاء، فإذا ما أكرمتَ والدتك أكرمك أولادك، وفي الحديث: (بُرُّوا آباءَكم، تَبُرُّكُم أبناؤُكم)».
وأضاف مخفي في حديثه: «ولا أعظم جرما من الشرك بالله، ومع هذا يقول الله عز وجل معظما لحقهما: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}.
 كما قرنها النبي ــ صلى اللّـه عليه وسلم ــ في حديثه الصحيح بأكبر الكبائر، فقال صلى الله عليه وسلم: «ألا أنبّئكم بأكبر الكبائر ثلاثا؟»، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: «الإشراك بالله وعقوق الوالدين وشهادة الزور»، ويقول في حديث آخر يحذّر الأبناء: «رَغِمَ أَنْفُ ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُ ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُ»، قِيلَ: مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «مَنْ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا فَلَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ».
 ثم استطرد قائلا: «ولهذا النبي ــ صلى الله عليه وسلّم ــ عندما سئل من أحد الصحابة من أحق الناس بحسن صحابتي قال (أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أباك، ثم أدناك أدناك)، فوصى بالأم ثلاثة مرات لأنّها ضعيفة، وهي أوّل من يتعرض للإهانة والظلم والاضطهاد، والواجب على الأولاد أن يشتروا الجنة بآبائهم وأمهاتهم والجنة تحت أقدام الأمهات».
وفي الختام دعا الأبناء والبنات أن يستغفروا الله ويتوبوا إليه مادامت أبواب الرحمان مفتوحة قائلا: «الله غفور رحيم والإنسان إذا أحسن إلى الكبير أي كان قيّد اللّـه له ويبعث سبحانه من يحسن إليه عندما يكبر.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19803

العدد 19803

الأحد 22 جوان 2025
العدد 19802

العدد 19802

السبت 21 جوان 2025
العدد 19801

العدد 19801

الخميس 19 جوان 2025
العدد 19800

العدد 19800

الأربعاء 18 جوان 2025