لعل أبرز ما جاءت به الإصلاحات السياسية التي بادر بها رئيس الجمهورية، وتضمنها دستور العام 2016 صيغة الدفع بعدم الدستورية، التي تنفرد بها دول قليلة والجزائر باتت ضمن هذه المجموعة من الدول، ولأن الدستور كرس تطبيقها بدء من العام 2019، وتحسبا لذلك تم إعداد مشروع القانون الذي يعرضه غدا وزير العدل حافظ الأختام الطيب لوح، أمام ممثلي الشعب بالمجلس الشعبي الوطني.
يكتسي مشروع القانون المتعلق بعدم الدستورية، الذي يعرضه لوح اليوم أمام نواب المجلس الشعبي الوطني بالغ الأهمية، كونه يعد أهم نتائج الإصلاحات السياسية التي بادر بها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وتحسبا لتطبيقه المرتقب في غضون السنة المقبلة، كان المجلس الدستوري قد برمج عدة ندوات وملتقيات دولية، ترأسها رئيس الهيئة شخصيا مراد مدلسي، الذي أكد بأنها سانحة للاطلاع على تجارب دول سبقت الجزائر إلى اعتماد هذه الآلية.
وتعتبر آلية الدفع بعدم الدستورية التي أقرتها المادة 188 من الدستور المعدل في العام 2016 إحدى ركائز الديمقراطية، على اعتبار أنها تنص على إمكانية إخطار المجلس الدستوري، وذلك بناء على إحالة من المحكمة العليا أو مجلس الدولة، وذلك بعد اعتراض المتقاضي على المادة القانونية المعتمدة في إصدار الحكم، لتعارضها مع الحقوق والحريات المضمونة دستوريا.
ورغم اعتماده في المادة 188 في دستور 2016 النافذ منذ العام 2016 ، أي قبل سنتين، إلا أنه تقرر أن تكون المادة نافذة في العام 2019 ، أي بعد 3 أعوام كاملة، أمر طبيعي كون تجسيد آلية الدفع بعدم الدستورية يقتضي التحضير الجيد، لتفادي الوقوع في تناقضات لاحقا تصعب من تطبيقه.
ولعل الأمر الأكيد أن الدفع بعدم الدستورية مكسب هام وجوهري للمتقاضين، يضاف إلى مكاسب أخرى تندرج في إطار الإصلاحات التي يعيش على وقعها قطاع العدالة منذ قرابة عقدين من الزمن، ولعل أبرزها إقرار التقاضي على درجتين بما في ذلك في القضاء العسكري.