سنتان على اتفاق الجزائر التاريخي

«أوبك» وشركاؤها في لقاء مصيري غدا

فضيلة بودريش

 

 بلورة تصور إستراتيجي حول تماسك الاسعار واستقرار السوق
 يلتقي غدا الأحد أعضاء منظمة البلدان المصدرة للنفط «أوبك» ومنتجون كبار من خارج المنظمة بالجزائر لمواصلة جهود التوافق بهدف العمل المستمر لاستقرار أسعار النفط المضطربة، من خلال تكريس التوازن بين معادلتي العرض والطلب، وعلى خلفية أنه في مثل هذه الفترة من عام 2016، قامت «أوبك» وشركائها من المنتجين المستقلين من بناء التوافق في محطة يمكن وصفها بالفارقة..وصمد هذا التوافق الذي تقرر بفضل جهود رئيس الجمهورية لمدة سنتين كاملتين قبل أن يتعرض لهزات بفعل تحولات جيوسياسية على غرار»الأزمة الأمريكية الإيرانية، لكن تمت العودة إلى نفس المحطة بقناعة كبيرة من طرف جميع الشركاء، ووقع الاختيار على الجزائر الشريك البناء من أجل بعث دينامكية التوافق مجددا،علما أنه يعول مرة أخرى على الجزائر أن تلعب دورا فعالا لتتويج هذا الاجتماع مرة أخرى بقرارات تاريخية من شانها أن تغير من توجهات السوق النفطية وتمتص آثار التذبذب والاضطراب.
تكريم رئيس الجمهورية تقديرا لجهوده في تحقيق التوافق

جميع الأنظار تتجه نحوالجزائر تترقب باهتمام ما سوف يسفر عنه لقاء «اوبك» وشركائها من المنتجين النفطيين الكبار تتصدرهم روسيا، ويأتي تكريم رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في هذا اللقاء المهم الذي سوف يرسم المنحى الاستراتيجي في السوق النفطية للمرحلة المقبلة، كاعتراف خاص لإسهامات السيد الرئيس الذي تمكن بفضل نظرته الثاقبة وحنكته الدبلوماسية تقليص الخلافات بين الشركاء داخل المنظمة وتعزيز التوافق مع المنتجين من خارجها.
 تعاون على المدى البعيد
ومما لاشك فيه أن من أهم ملفات اجتماع أوبك، استقرار السوق النفطية وتوازن معادلتي العرض والطلب، في وقت استقر فيه سعر برميل النفط فوق ال75 دولارا، بل وبات يقترب من سقف 80 دولارا وسط تذبذب طفيف ومخاوف المستهلكين من شح في الإمدادات خلال الأشهر القليلة المقبلة. ويتوقع أن يسفر هذا اللقاء عن إبرام اتفاق تعاون جديد طويل الأمد يشرع في تطبيقه مع مطلع شهر ديسمبر، ومن أهم الملفات التي ستحظى بالبحث والدراسة، نذكر حتمية مراجعة خطة مراقبة العوامل الأساسية للسوق وبالإضافة إلى مستوى الالتزام إلى غاية نهاية العام الجاري 2018، ويرتقب أن يتم عرض في هذا اللقاء التاريخي تصور إستراتيجي للتعاون على المدى البعيد، بهدف القفز إلى إرساء فكرة اتفاق خفض الإنتاج كخيار تقني مرحلي، انطلاقا من تكريس مشروع ميثاق للتعاون الإستراتيجي البعيد المدى بين منتجي النفط من أوبك وخارجها. والهدف الجوهري المتوخى من كل ذلك، يكمن في إضفاء الطابع الرسمي على التعاون القائم بين منتجي النفط من أوبك ومن خارجها، في إطار إمكانية اتخاذ العديد من القرارات المشتركة بخصوص الإنتاج في المرحلة المقبلة، وإلى جانب الإبقاء على التعاون المشترك الذي رأى النور في الجزائر في اللقاء التاريخي الذي انعقد في شهر سبتمبر من عام 2016، والذي انتعشت بفضله أسعار النفط بعد انهيارها في عام 2014.
 معالم إستراتيجية مستقبلية
إذا بالفعل نجحت منظمة أوبك وشركائها من المنتجين الكبار، تتصدرهم روسيا في إرساء مسعى التخفيض في الإنتاج والذي أفضى إلى تصحيح الأسعار، وهذا ما يشجع مرة أخرى العودة إلى طاولة الاتفاق، ومن الجزائر التي تعد شريكا موثوقا فيه ويحظى بتقدير الجميع بفضل دبلوماسيتها النفطية الناجعة، والتي تقف من نفس المسافة مع مصالح جميع الشركاء، حيث سيكون محطة أخرى ناجحة جديدة ومكسبا مهما يساهم في مواصلة بناء «مسار الجزائر التاريخي».
لا يخفى أنه في لقاء الجزائر 2016، سجل تشاؤم العديد من الخبراء الذين لم يتوقعوا النجاح الذي حققه الشركاء من المنتجين في مجال النفط، وافتكاك قرارات تاريخية، حققت فيما بعد نتائج باهرة في صدارتها تصحيح أسعار النفط التي تشارف حدود 80 دولارا، لذا لقاء 23سبتمبر 2018، سيكون بلا شك تاريخيا ومحوريا لتفعيل مسار التوافق من جهة ومن جهة أخرى إمكانية رسم معالم إستراتيجية مستقبلية شاملة ينتظر منها حتى الأخذ بعين الاعتبار والاهتمام مصالح المنتجين والمستهلكين على حد سواء. ومن النقاط التي ستحظى بالدراسة والنقاش مسألة كيفية تخصيص زيادات الإنتاج لتعويض النقص في الإمدادات الإيرانية جراء العقوبات الأمريكية المقرر أن تدخل حيز السيران شهر نوفمبر المقبل
والجدير بالإشارة فإنه في وقت تماسكت فيه أسعار النفط حيث بلغت سقف 79 دولارا ومرشحة في عام 2019 لبلوغ سقف أعلى أي بلوغ مستوى 85 دولارا، تسجل العديد من المخاوف بشأن الإمدادات مع اقتراب فرض عقوبات على صادرات إيران من الخام النفطي، وصاحبها دعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمنظمة «أوبك» على وجه الخصوص إلى خفض الأسعار. ويمكن التأكيد أنه تزداد المخاوف بشأن نقص الإمدادات الخام منذ عدة أسابيع من طرف عدة مستهلكين، حيث توجد شركات تكرير صينية وهندية وكذا العديد من الشركات الآسيوية الأخرى في وضعية قلق، حيث باتت تطلب من منتجي الشرق الأوسط، على غرار كل من السعودية والعراق والإمارات والكويت، ضح المزيد من الشحنات النفطية. ويمكن القول أن القرارات التي سوف تتخذ في اجتماع الجزائر التاريخي من شأنها أن ترسم ملامح السوق النفطية للمرحلة المقبلة أي على الأقل إلى غاية عام 2020..فهل ستكون آثارها منصفة من أجل تحقيق توازن العرض والطلب وجعل الأسعار متماسكة في مأمن من التذبذب؟





 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19461

العدد 19461

الأحد 05 ماي 2024
العدد 19460

العدد 19460

السبت 04 ماي 2024
العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024
العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024