تنتج 130 مليار م3 نصفه يوجه للاستهلاك المحلي

د.مبتول: الجزائر قادرة على الوفاء بالتزاماتها الدولية وتموين زبائنها

سعيد بن عياد

مراجعة القوانين وصياغة نموذج جديد للاستهلاك

تحرص الجزائر على الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بتموين الزبائن بالغاز الطبيعي، ولن يعيق ارتفاع الاستهلاك الداخلي تجسيد ذلك في كل الظروف.
تساءل الخبير عبد الرحمان مبتول عن أي سياسة طاقوية ينبغي للجزائر انتهاجها للوفاء بتعهداتها الدولية لتصدير الغاز، أمام ارتفاع حجم الاستهلاك الداخلي والعجز الهيكلي لشركة سونلغاز، مذكرا بتصريح وزير الطاقة في 13 ديسمبر الجاري أنه بالوتيرة الراهنة للاستهلاك المنزلي من الغاز الطبيعي، لن يبقى شيئ للتصدير.
وأشار مبتول إلى أن الجزائر تنتج حاليا 130 مليار متر مكعب من الغاز يوجه نصفه للاستهلاك الداخلي و30 بالمائة تبقى في الآبار لتبقى نشيطة، بينما يمثل غاز البوتان 40 بالمائة من حجم الاستهلاك، وهو نوع لا يمكن التخلي عنه بفعل عدم إمكانية تغطية كامل التراب الوطني بشبكة الغاز الطبيعي.
ويدعم هذا التشخيص تقرير لجنة ضبط الكهرباء والغاز الذي يشير إلى أن احتياجات سونلغاز لوحدها انتقلت من 12 مليار متر مكعب في سنة 2000 إلى 27 مليار متر مكعب في سنة 2014، لتتجاوز وفقا للتقديرات 60 مليار متر مكعب آفاق 2030 و100 مليار متر مكعب آفاق 2040. واعتبر المتخصص في الشؤون الطاقوية أن كل هذا يستدعي سياسة جديدة للدعم وعامة اعتماد سياسة طاقوية جديدة، موضحا أن سونلغاز كونها مؤسسة لتجسيد البرامج العمومية فإنها ملزمة بضمان ديمومة الخدمة العامة وتلبية الطلب، لذلك فانها تتحمل استثمارات هامة وتجنيد موارد مالية وهو توجه معقد في ظرف تقلص هذه الأخيرة.
تعد سونلغاز إلى تاريخ أول جانفي 2018 حوالي 9.184.962 زبون في شبكة الكهرباء بطول 358.260 كلم، و5.267.104 زبون في شبكة الغاز التي يبلغ طولها 120.315 كلم. وتم اعتماد تنظيم جديد بتقليص فروع الشركة إلى 16 مؤسسة تخضع للمراقبة المباشرة من المجمع العمومي، كما يوضح الخبير، مضيفا ان التنظيم الجديد يستجيب إلى ضرورة بلوغ نجاعة أكبر وكفاءة مناجيريالية في مجال قيادة المشاريع، تحقيق مداخيل وإنتاج القيمة المضافة بأقل استثمارات. التنظيم الجديد الذي تم إقراره في الجمعية العامة للمجمع، سبق أن أعلن عنه وزير القطاع في 2015 مؤكدا أن الظرف الراهن المتميز بتراجع شديد لمداخيل الدولة يقتضي إيجاد حلول دائمة لمسالة الوفرة المالية، وهي مهمة ترتكز على عدة محاور، حددها في ما يلي:
-  أولا: ضرورة مراجعة تنظيم المجمع لإعادة تركيز مهمته، تأكيد المسؤوليات، تعزيز وتدعيم التاطير.
-  ثانيا: اختيار الأنشطة التي تحقق قيمة مضافة بأقل استثمارات.
-  ثالثا: بدء تمرين للتقييم المنتظم المستمر والمسؤول يشمل نشاطات المجمع.
-  رابعا: تطبيق تنظيم جديد لتقليص كلفة وحجم الفروع.
-  خامسا: ضرورة إصلاح جديد للقانون المتعلق بالكهرباء لسنة 2000 من أجل السماح بإعادة تقييم دور الضبط.
-  سادسا: كان الرئيس المدير العام السابق قد سطر إطلاق عملية اقتراض بواسطة سندات عبر بورصة الجزائر مما يظهر الميل المنتظم للاستدانة قصد تمويل استثمارات أصبحت مرهقة بالنظر للموارد.
وفي نفس التحليل سجل الخبير أن الوضع المالي السلبي لسونلغاز أصبح لا يحتمل بفعل تسقيف سعر الكهرباء، معددا أربعة أسباب برأيه، وهي:
-  أولا: حسب المديرية العامة 99 بالمائة من المداخيل مصدرها الغاز الطبيعي، بينما الطاقات المتجددة تكاد لا تذكر، فقد انتقل إنتاج الكهرباء من 6000 ميغاواط في 2000 إلى 19.000 ميغاواط في 2017  مع توقع 25 ألفا في 2030 قصد تفادي الانقطاعات، موضحة أن الاستهلاك سجل ذروته في جويلية 2018 ب 13.900 ميغاواط.
وبالنظر لضعف الصناعة فإن الاستهلاك المنزلي خلافا للبلدان المتطورة يتجاوز مستوى استهلاك الاقتصاد المنتج. وبلغت الاستثمارات في 2017 حدود 311 مليار دينار فيما ترتفع أحجام الاستثمارات المقررة من مجمع سونلغاز بين 2019 و2030 إلى 2.500 مليار دينار، أي 300 إلى 400 مليار دينار في السنة في ظل معوقات مالية تحد من الإنفاق.
-  ثانيا: التسعيرة الطاقوية المرتبطة بسياسة الحكومة وليس بسونلغاز لا تغطي كلفة الإنتاج، ما يلزم الشركة طلب قروض طويلة الآجل بفوائد مدعمة مع تأجيل التسديد لإنجاز استثماراتها وتلبية الطلب المتزايد في مناطق الجنوب، وكذا التصدير بموجب اتفاقيات مع تونس والمغرب، وبالتالي الرفع من حجم الطاقة الموجهة للتصدير لينتقل من 100  ميغاواط إلى أكثر من 300 ميغاواط، علما أن هناك عملية مسطرة لإنجاز كابل بحري نحو اسبانيا.
ويقدر سعر إنتاج 1 كيلواط ساعي بـ 12 دينارا، غير أن السعر المخصص للمستهلك أقل (معدل 4 دنانير)، وحسب الوزارة فإن التسعيرة لن تتغير للقسط الاستهلاكي من 250 إلى 500 كيلواط التي تباع بـ 1.77 دينار مقابل 9.06 دينار في المغرب و3.39 دينار في تونس، علما أن حصة الاستهلاك الأكثر ارتفاعا تعني كبار المستهلكين. هذه الفئة من المشتركين تستفيد من سعر 4 دنانير مقابل 15.98 دينار في المغرب و14 دينار في تونس، ومن ثمة فإن التفكير في مسألة السعر يجب أن يشمل هذه الحصة.
ولهذا يضيف الخبير، تأثير على حساب الاستغلال للشركة، التي بلغ مستوى مديونيتها لدى الدولة 1650 مليار نهاية 2018 مقابل 1400 في 2017 رغم نسبة الفائدة المدعمة ويحل أجل تسديد بعض القروض آفاق 2022. ويشير إلى أنه إذا لم تفصح تقارير سونلغاز عن ذلك صراحة فإنه تقترح بطريقة مبطنة إقرار زيادة في الأسعار أو تتحمل الحكومة الفارق، وتقدر الزيادة المأمولة حسب ذات الجهة يكون بمعدل 11 بالمائة سنويا لتمويل الاستثمارات.
ويسجل الخبير أن المجمع يواجه صعوبات في الحصول على ديونه المقدرة بحوالي 50 مليار دينار لسنة 2015، 63 مليار في 2016 و58 مليار دينار في 2017 نصفها على عاتق مؤسسات عمومية و20 بالمائة على عاتق مؤسسات اقتصادية و20 بالمائة على عاتق أشخاص طبيعيين.
وعن سؤال حول طبيعة العمل المطلوب القيام به، أوضح مبتول أن الغاز بالحجم وليس بالقيمة يمثل في 2017 حوالي 47 بالمائة من الصادرات الجزائرية، (32.9 بالمائة غاز طبيعي مميع و14.4 بالمائة بترول خام و25.2 بالمائة، 4.4 بالمائة مكثف (كوندنسا)، 15.6 بالمائة منتجات مكررة، 7.6 بالمائة غاز بروبان مميع.
 ويطرح هذا حالة استعجال مراجعة قانون المحروقات 2013 لجذب الاستثمارات، مضاعفة القدرات وتنشيط بالموازاة قانون الكهرباء والغاز خاصة فيما يخص لجنة الكهرباء والغاز التي لها مهمة إنجاز ومراقبة المرفق العام، الاستشارة لفائدة السلطات العمومية حول سوق الكهرباء والغاز ومراقبة احترام القوانين والنظم ذات الصلة.
ويلخص قراءته للموضوع أن الكهرباء والغاز عنصران أساسيان للتنمية الاقتصادية والمواطنين مما يطرح سؤال حول نموذج الاستهلاك الطاقوي في آفاق 2025/2030 علما أنه في ظرف 12 سنة ينضب الغاز التقليدي حسب وزير القطاع كون حجم الاستهلاك الداخلي يمثل في 2030 مقابل الصادرات الحالية التي تصل بصعوبة 55 مليار متر مكعب من الغاز، ويقود هذا إلى البحث عن مصادر طاقوية بديلة مع العمل على التحكم في تقنيات الغاز الصخري (الجزائر ثالث خزان في العام) مع الانشغال بحماية البيئة. لذلك فان للجزائر القدرات للوفاء بالتزاماتها الدولية شريطة تعديل سريع للتشريعات وإزالة تامة للبيروقراطية في قطاع سريع التغير والمنافسة.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19450

العدد 19450

السبت 20 أفريل 2024
العدد 19449

العدد 19449

الجمعة 19 أفريل 2024