مساهمة

الإشهــار التجـــاري بين الإغــــراء والتضليـــــل

بقلم: نجيبة بوقميجة (دكتورة في القانون)

من بين الممارسات التجارية التي نشهدها أكثر خلال شهر رمضان، نجد «الإشهار التجاري»، عبر وسائل الإعلام والاتصال المختلفة. إلا أنه ما يلاحظ على هذه الممارسات أنها في كثير من الحالات ترد في صورة مضللة، حيث تكون مصحوبة بعناصر الكذب والمقارنة، وذلك تعديا على الحدود التي وضعها المشرع الجزائري، في المادة 28 من القانون 04-02 المتعلق بالقواعد المطبقة على الممارسات التجارية.
حيث أن الإشهار عادة يتضمن قدرا من التفخيم والإثارة في امتداح المنتجات والخدمات، والمبالغة في إظهار مزاياها ومحاسنها، باستخدام كل ما من شأنه الإغراء، بهدف زيادة فاعلية الرسالة الإعلانية وقوة تأثيرها، بقصد اجتذاب الجمهور وحثه على التعاقد. أي أنه يجب التسليم بأن الإعلان لن يخلو من المبالغة. وهذا الأمر يبدو منطقيا في ضوء الغاية التي يسعى إلى تحقيقها. فالإشهار من هذه الزاوية، لا يؤدي دورا إعلاميا في المقام الأول، ولكنه وسيلة لترويج المنتوجات والخدمات، وهوما يتضمن بطبيعة الحال، استخدام أساليب المدح بقدر من الجاذبية والتشويق.
إلا أنه عموما ينبغي أن يكون محتوى البلاغات الإشهارية مطابقا لمستلزمات الصدق واللياقة واحترام الأشخاص . وهو بمفهوم المخالفة حظر للإشهار الكاذب بحسب فحوى الرسالة الإشهارية أي موضوعها. وللمحاسبة من الناحية القانونية عن الإشهار الكاذب يلزم أن تكون الواقعة المزعومة كاذبة من الناحية الموضوعية.
طرق التضليل بواسطة الكذب في الإعلانات عديدة وأكثرها طريق الترك، بأن يغفل المعلن عمدا أوسهوا الإشارة إلى بعض البيانات الجوهرية في التعاقد، والذي يريد حث الجمهور على إبرامه، بحيث يضخم بعض المزايا أويخفي بعض التزاماته أويجعله ينتظر ما لم يقدمه المعلن بالفعل. والتضليل بطريق الترك هوكذب، ولكنه ليس سلبيا على خلاف الكذب الإيجابي الذي يتمثل في ذكر معلومات أوبيانات أوأوصاف أوخصائص أووقائع غير صحيحة، والأثر واحد في الحالتين. أما عن النوع الثاني من المساس بالإشهار، فيتمثل في الإشهار المقارن، ومفاده قيام المعلن بالدعاية لمنتوجاته عن طريق المقارنة. أي إبراز المزايا المعلن عنها مقارنة بعيوب غيرها.
 يشترط لوجود هذا الإشهار أن تشتمل الرسالة الإعلانية على اسم المنافس باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكا في التعرف على عنصر المنافسة. لا تعتبر إشهارا مقارنا تلك الرسائل الإعلانية التي لا تتضمن اسم المنافس أواسم ما ينتجه بشكل عام غير محدد. ويلاحظ بأن الغرض من تطرق المشرع الجزائري لهذه الصور، هوبالدرجة الأولى حماية المستهلك من كل صور التضليل، خصوصا وأن التكييف القانوني لهذه الصور، وارد في الشق الجزائي، باعتبارها جرائم، وذلك بعرض تقوية الحماية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024