الدكتور منصف مصار الخبير الاقتصادي لـ«الشعب»:

مسؤوليــة البنـــــوك كــــبيرة في استرجاع الأمــــــــــوال المنهوبـــــــــــــــــة والمهربــــــــــة

فضيلة بودريش

تكلفة الحراك السلمي ستكون ضخمة وللجزائر مفاتيح الحلول

الشفافية معيار تسيير الأزمات والخروج بأقل الأضرار

تحدث الدكتور مصار منصف أستاذ الاقتصاد بجامعة الجزائر، عن عوائق تنويع الاقتصاد الجزائري في الوقت الراهن، وسلط الضوء على الآليات المتاحة ومدى إمكانية استرجاع الأموال المنهوبة والمحولة إلى الخارج، ولم يخف في سياق متصل أن تكلفة الحراك السلمي ستكون من الجانب المادي ثقيلة، بالنظر إلى توقف نشاط العديد من المؤسسات الخاصة، وتطرّق إلى الخيارات الاقتصادية التي يمكن للجزائر أن تنتهجها للوصول إلى بر الأمان من خلال تحقيق استقرار تنموي صلب متحرر من تمويل مداخيل النفط.

وصف الخبير الاقتصادي منصف مصار في رده حول سؤال يتعلق بالآليات أو السبل أو الإجراءات القانونية التي يمكن إتباعها، بهدف استرجاع الأموال المنهوبة، بالعملية بالصعبة والصعبة جدا على خلفية أن بعض البنوك الأجنبية، خاصة من بينها البنوك السويسرية لديها ما يسمى بالاحتفاظ بالسر، وبالتالي ما قال أن ما يمكن معرفته ينبغي أن يبدأ من  إحصاء جميع الممتلكات للأشخاص الذين حوّلوا أموالهم إلى الخارج من عقار وأموال، وذكر مصار في نفس المقال بل أن الخبير يعتقد ـ حسب تقديره ـ أن العقار من السهل استرجاعه، لكن عملية استرداد الأموال تعرف صعوبة أكبر، أي يمكن على المستوى المحلي منح أمر للبنوك العمومية والخاصة بتحديد حجم المبالغ التي أقرضتها البنوك للمعنيين بتحويل رؤوس الأموال إلى الخارج من رجال الأعمال رغم أن الحديث الجاري عن الآلاف من الملايير، لكن مازال ليس لم يتم تحديد رقم دقيق للأموال، وخلاصة القول أوضح مصار يقول من الضروري أن تلعب البنوك في الوقت الراهن دورها في استرداد الأموال المنهوبة، أي مثلا تحديد قائمة اسمية بحجم الأموال التي اقترضها كل شخص وما أرجع من أموال وتلك التي مازالت دينا لم يسدّده، وبدا الخبير على قناعة من أنه على المستوى المحلي، المهمة قد تكون سهلة، لكن على الصعيد الأجنبي المهمة صعبة خاصة ما تعلّق باسترجاع الأموال بالعملة الصعبة، وفي ظلّ وجود بنوك أجنبية لديها ما يسمى بالاحتفاظ بالسر. وعاد مصار ليتحدث عن طرق وآليات استرجاع الأموال المهربة والمنهوبة المحولة لبنوك أجنبية من بينها الإخطار بالتوقيف الدولي للمتورطين وكذا من خلال الإخطار  بأن هذه الأموال منهوبة ومغشوشة وصاحبها متورط، غير أنه لا يخفى لكن العملية صعبة تأخذ وقت ومجهود.
تكلفة قليلة وربحية كبيرة
وبخصوص تكلفة الحراك الاقتصادية، أشار الخبير مصار أنه لا توجد لحدّ الآن أي إحصائيات رسمية من الجهات الرسمية، غير أنه يرى أن بعد نحو 4 أشهر من الحراك الشعبي السلمي المستمر، العديد من المشاريع صارت معطلة خاصة مشاريع القطاع الخاص، لأن القطاع الخاص حسب ـ تقديره ـ يبحث عن التكلفة القليلة والربحية الكبيرة، وبالتالي العديد من المشاريع في الوقت الراهن يمكن القول بأنها مجمدة، وأعطى مثالا عن ذلك بشركة «سوفاك، لتركيب السيارات التي أوقفت عملية استقبال الطلبيات منذ نحو شهرين، في وقت الإحصائيات مازالت لم تحدد بعد أي رقم يذكر، لكن التكلفة يتوقع أن تكون معتبرة على خلفية أن المستثمر الوطني الخاص يوجد في دوامة هذه الأموال المنهوبة وكذا شبه الجمود الذي يعتري القطاع الخاص.
وحول الخيارات التي يمكن توخيها لتحقيق إقلاع اقتصادي، أكد الدكتور مصار أن  كل شيء يعتمد على الإرادة السياسية أي بعد هذا الحراك يتطلّع أن تسجّل نتائج إيجابية على المدى القصير، لذا الحكومة القادمة يجب أن تكون لها إستراتجية واضحة، أي تحدّد ما هي القطاعات التي ينبغي أن تمنح الأولوية؟، وما هي المبالغ المالية التي تخصّص لهذه القطاعات؟، وبالتالي يمكن الاستلهام من تجارب العديد من الدول التي قفزت إلى مصاف الدول الناشئة، ومن ثم إلى رواق الدول المتطوّرة بفضل إمكانياتها والتي لا تضاهي الإمكانيات التي تتمتّع بها الجزائر، وعلى سبيل المثال يذكر النرويج صاحبة التجربة الرائدة التي لديها احتياطي الصرف لا يقل عن 900 مليار دولار ضخم، وهذا الرقم الضخم لا يمكن أن ينفق منه سوى نسبة 3 بالمائة، أي هذه الثروات مدخرة للأجيال المقبلة، ولا يمكن أن ينفقوا منها إلا بعد اقتطاع موافقة البرلمان، وذهب إلى القول أن مثل هذه الدول تتسمّ بالشفافية وتعدّ أحد أهم عوامل وأسرار نجاحها، وعلى خلفية أن كل المسؤولين في النرويج مراقبين.
الاستثمار في القطاعات الحيوية
 وفي ظلّ استمرار صعوبة تفعيل وتعميق تحديات التنمية الاقتصادية وتجاوز هاجسها، حصر الدكتور مصار الحلول الناجعة، في إرساء سلسلة من الاستثمارات في القطاعات الحيوية، ومن أجل تفادي ما يطلق عليه بالاستثمار المغشوش، شدّد على ضرورة إرساء الشفافية ومرافقة المشاريع الاستثمارية بالرقابة، على اعتبار أنه في ظلّ غياب الرقابة، فإن المال الخاص يعمل ما يشاء لأن هناك منظمات دولية تمنح تنقيط خاص لهذه الشفافية، وللوصول إلى سقف معتبر من النمو ألحّ على أهمية الاستثمار الأولي في الثروة البشرية عن طريق جعل الاستثمار في التعليم كأحد الأولويات.
وحدّد الخبير مصار منصف سلسلة من العراقيل العراقيل التي تحول دون تحقيق الجزائر للتنويع الاقتصادي، في صدارتها اعتمادها الشبه كلي على القطاع البترولي، وبالموازاة مع ذلك إهمال قطاعات أخرى حيوية ومهمة، وهذا من شأنه أن يحد بشكل كبير من أهمية التنويع، خاصة أن الحديث عن التنويع بدأ منذ عدة سنوات، وكذا الاستثمار خارج فطاع المحروقات، وحمل في الوقت الراهن المنظومة البنكية والجبائية الكثير من المسؤولية لتجاوز الظرف الحالي والسير في الطريق التنموي الصحيح، ولم يفوت مصار الفرصة من أجل الحديث عن إجراءات التصدير الحالية، خاصة أن المصدر الجزائري مازال يعاني من قلة الضمانات.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19450

العدد 19450

السبت 20 أفريل 2024