امحمد حميدوش الخبير الاقتصادي لـ«الشعب»:

التسريح بالحلول السياسية وإطلاق إصلاحات اقتصادية تخفض من الإنفاق الحكومي

حاورته: فضيلة بودريش

إمكـانية اللجوء إلى عــدة خيـــارات وآليات لاسترجــاع الأمـــوال المنهوبـــة

رسم الدكتور امحمد حميدوش الخبير الاقتصادي الخطوط العريضة للإصلاحات التي ينبغي إجراؤها في الوقت الحالي، واستعرض طريقة قطع شأفة الفساد ومن ثمّ التفرغ للتنمية، من خلال إرساء سلسلة من الإصلاحات يتصدّرها ترشيد الإنفاق الحكومي وإطلاق إصلاحات جبائية وتكريس الرقمنة التي تفضي إلى الشفافية، وسلط الضوء على الآليات والطرق المتاحة لاستعادة الأموال المنهوبة والمحولة للخارج.

الأهمية للتنمية المحلية

«الشعب»: ما هي آليات الفساد الناجعة والمتاحة التي بإمكاننا إرساءها في الوقت الراهن؟
 امحمد احميدوش : إن عملية مكافحة الفساد تتطلّب إرساء برنامج حكومي، يؤكد بالفعل على قوة إرادة محاربة شأفة الفساد من دون تراخ أو تسامح، ويجب الإشارة إلى أنه لدينا في التشريع المتعلق بالإنفاق الحكومي، تحديا صعبا يتمثل في كون الإنفاق يمثل 50 بالمائة من الثروة الوطنية، أي يتمّ تحصيلها في شكل ضرائب ليتمّ بعد ذلك إنفاقها، وكل ذلك في الواقع يتطلب إصلاحات اقتصادية، أي منح الأولوية للقطاعات غير إستراتجية لأن الصناعة الإستراتجية تقتصر على صناعة الأسلحة وحدها، أي للقطاع الذي يضمن ديمومة الأمة نذكر من بينه القطاع الخاص من صناعة وفلاحة وما إلى غير ذلك، لذا ينبغي الترشيد، حيث يصبح الإنفاق العمومي معادلا للثلث، أي تنتقل الميزانية من سقف 100 مليار دولار إلى 60 أو 70 مليار دولار. وكذا التقليل من الثقل البيروقراطي من خلال استعمال الرقمنة، وبالتالي عدم ترك القرار للموظف، وتعمم الرقمنة وبالتالي توسيع هامش الشفافية والطعن في أي وقت. ومن خطوات الإصلاح أو الخطوط العريضة للإصلاحات نسلط الضوء على الإصلاحات الجبائية وتحويل الوعاء الجبائي من الضرائب على الدخل إلى الضرائب على الأرباح، خاصة التجارية منها. وهذا الإجراء دون شكّ يقودنا إلى عدم التسامح مع القطاع غير رسمي وكذا مع مظاهر عدم التصريح والغش الضريبي، مع منح الأهمية للتنمية المحلية عن طريق تكريس إصلاحات أوسع للجماعات المحلية، خاصة ما تعلّق بالضرائب المحلية وترقية الاستثمار، أي هذا يعني أننا منذ الاستقلال ننتظر هذا الإصلاح، حتى تكون الضريبة الوطنية من صلاحيات الحكومة والبرلمان والضريبة المحلية من صلاحيات الجماعات المحلية.
كيف تتمّ استعادة الأموال المنهوبة والمهربة إلى خارج الوطن.. هل توجد خيارات من شأنها استعادة ما نهب؟
- في ظل المحاكمات الجارية لا ينبغي أن نقلق أو نتسرّع، لأنه بالدرجة الأولى القاضي يحتاج إلى خبرة، والخبرة تتطلّب جمع الوثائق ودراستها وإبداء الرأي حولها ثم إصدار الحكم في المحكمة، ليكون حقّ الطعن على مستوى المجلس وقد يبادر الطرفين في الطعن وقد يتطلب الأمر خبرة أولى وثانية وثالثة، وربما تستغرق الخبرة مدة 4 أشهر وكذا بفعل تزامنها مع دورة المحاكم المختصة قد يأخذ الأمر وقتا أطول يتراوح ما بين سنتين وثلاث سنوات، وبالتالي هذه الفترة كافية لإرساء إصلاح قانوني وتشريعي، واقترح أن يكون على شكل الصيغة الأمريكية، حيث يمنح المتهم الحق أن يفاوض في تخفيض العقوبة إذا أعطى كل المعلومات بخصوص الأموال المنهوبة ومكان إيداعها من دون أي تزوير أو لبس وكذا تفاصيل وهوية من تورط معه، وهنا فقط يكون لديه حق طلب التخفيض من سنوات سجنه، حسب ما يخوّل له القانون، وبعد ذلك يمنح من سجنه وكالة لوكيل الجمهورية ليتكفل بمهمة استرجاع الأموال المنهوبة.

حذار من ملامح أزمة اقتصادية في الأفق

 إذا كان للحراك تكلفة مادية.. كم كلّف الحراك اقتصاديا منذ بدايته إلى غاية اليوم؟
- جميع المؤشرات تشكّل ملامح اقتراب أزمة اقتصادية تلوح بالأفق إذا لم يسارع بإطلاق إصلاحات اقتصادية مستعجلة، علما أنه لو كانت لدينا بورصة قوية لكنا قد سجنا تراجعا رهيبا في قيمة أسهمها بسبب عدم اتضاح الصورة، ولأن المساهمين عندما يستبقون أحداث اقتصادية سببها الشكّ، فهذا الشكّ يجعل الأسر تخاف من الاستهلاك وتحرص على الادخار، كما أن عملية الاستهلاك تؤجل إلى وقت لاحق، ماعدا الضروريات، وكذلك المستثمرين يؤجلون عملية الاستثمار إلى ما بعد استقرار الأوضاع واتضاح الصورة، حيث يترك المساهمين يتنبأون إلى بإنخفاض في رقم الأعمال، وبالتالي الانخفاض في مردودية الأسهم، لذا لو كانت البورصة عندنا قوية لانهارت أسعارها وأنبأت باقتراب أزمة اقتصادية حقيقية.
ما هي قراءتك لتهاوي قيمة العملة الصعبة أمام الدينار في السوق الموازية؟
- إن من مؤشرات الأزمة أنه عندما تسجل بوادر أزمة مهما كان شكلها اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية، فأول سوق يتضرّر، يمكن القول أنه سوق العملة، وبما أن السوق الرسمي للعملة إداري، فإن التأثر مسّ السوق غير الرسمي، لتشهد العملة الصعبة سواء الدولار أو الأورو تذبذبا، وصار السوق لا يتوفر على العدد الكافي من المتدخلين أي كل ما يتعلق بالبائع والمشتري، وكل ذلك قد يؤثر على قطاع البناء والأشغال العمومية والري حيث يرتقب أن تتضرّر كونها تعتمد على الصفقات العمومية، وبما أنه لا يوجد قرار صارم على الإدارة المركزية والولاة، قد يجعل القطاعات الثلاثة تتكبد خسائر في مجال مناصب الشغل، وبالتالي يتهدّد الآلاف من العمال شبح الإحالة على البطالة. وهذا الوضع قد يؤثر اقتصاديا حيث الكتلة النقدية تعادل 3 على 4 من الدخل القومي، ولا يمكن استعمالها لأن الأثر البسيكولوجي يكون بشكل مباشر على السلوكيات، لذا ينتظر الحل السياسي للخروج من هذا الوضع السائد.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024