تغيير السلوكيات تحدي المرحلة المقبلة

مكافحة الفساد بخطوات ثابتة وجريئة

فضيلة بودريش

لا ينبغي أن تكون عملية مكافحة الفساد متسرعة وفي عجالة، بل من الضروري أن تتواصل بخطوات ثابتة و في تأن وبدقة في معالجة الملفات، حتى تطال يد القانون كل متورط عبث بالمال العام أو اخترق النصوص التشريعية، أو نهب العقار واستغل منصبه لتحقيق مصالح شخصية ضيقة، والسؤال الجوهري الذي ينبغي إثارته، إلى أي مدى يمكن لعملية مكافحة الفساد الجارية أن تغير من سلوك المسؤولين في المرحلتين الراهنة والمقبلة أي في إطار تقويمه؟.. كون من إنجازات الحراك الشعبي السلمي فضح المتورطين في الفساد.
لعلّ التغيير الحقيقي الذي ينشده اليوم معظم الجزائريين، يجب أن يبدأ من كل شخص مهما اختلفت مسؤوليته، ولا يترك الفرصة للكثير من الانتهازيين الذين تدفقوا على ظهر الحراك بهدف اقتناص الفرص الذهبية بهدف التموقع وافتكاك مناصب وامتيازات، لأن من شأن ذلك أن يعيدنا إلى وضع أسوأ من السابق، فلا يمكن لأي شخص تحت أي ذريعة لا تتوفر فيه الكفاءة أن يعتلي المناصب، لأنه ليس أهلا لذلك، ولا يمكن أن يتسلل ثلة من المتسلقين بحجة أنهم شباب أو شاركوا في الحراك أن يسرقوا مناصبا إذا لم يتوفر لديهم عامل الكفاءة والنزاهة والجدية، حتى لا نكرس بعد سنوات أخرى فسادا آخر ونعود إلى نقطة الصفر، وبالتالي نخسر فرصا أخرى ونضيعها على الأجيال.
كل شيء اتضح وضوح الشمس، لأن المقاييس العالمية واحدة ومعايير الجودة متطابقة، لا تعترف إلا بالأحسن والأفضل والانزه والذي يتحلى بجدية أكبر ويتمتع بكفاءة من شأنها أن تضمن تسييرا راشدا وتجد حلولا لمختلف التحديات وتتناسب والانتقال السلس نحو وضع أفضل.
في وقت يتطلع فيه الجزائريون إلى بناء اقتصادهم وخوض معركة سلمية من أجل بناء دولة ديمقراطية يسودها العدل والمساواة، لا مفر من إعادة الاعتبار لقيم العمل وإعادة الاعتبار لقوة القانون الذي يجب أن يطبق على الجميع وحتى على من ينتسبون لقطاع العدالة، حتى تختفي الرشوة والمحسوبية ويقطع دابر المحاباة الذي عبث بالتسيير الجيد وهمّش الكفاءات التي للاسف لم تتخذ مقياسا في التشغيل أو إسناد المناصب.
إذا بات تغيير السلوكيات في الجوهر تحدي المرحلة المقبلة بهدف الاستمرار في مكافحة الفساد بخطوات ثابتة وجريئة، تعيد للقضاء هيبته، وللجزاء قيمته حتى تكون جهود بناء الاقتصاد وتنمية البلاد متواصلة بوتيرة عالية السرعة.
من المفروض أن يتم إرساء رؤية صحيحة ودقيقة للنهوض بمختلف القطاعات بعيدا عن أي عرقلة أو بيروقراطية، حتى تحقق الجزائر أهدافها التنموية الكبرى وتكون هناك عناية كبيرة بالمبتكرين والموهوبين، هذا من جهة ومن جهة أخرى في ظل الحراك ومكافحة الفساد، لا ينبغي أن يتعطل النسيج المؤسساتي بل تستمر الجهود المبذولة لإرساء القاعدة الصناعية والفلاحية والسياحية الصلبة التي ننتج بها الثروة، ونستحدث مناصب الشغل وتحقيق الرفاه المنشود حتى يتلمس الجزائريون خيرات بلادهم، ودون شك فإن الجهود التنموية تجسد وتسري بالموازاة مع مواصلة مكافحة الفساد، ومن ثم لا يتعطل العمل وشؤون التسيير، وعقب ذلك تبدأ النتائج الإيجابية في الظهور تدريجيا.è

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19450

العدد 19450

السبت 20 أفريل 2024
العدد 19449

العدد 19449

الجمعة 19 أفريل 2024