القوى الفاعلة معنيــة بتكريــس الحوكمـة

مكافحة الفساد تنطلق من قلب المنظومة المحلية

فضيلة بودريش

تتواصل عمليه مكافحة الفساد من دون انقطاع، حيث يشرف جهاز العدالة من خلال تحقيقات واسعة ومعمقة على محاكمة المتورطين، لكن ينبغي الوقوف وتحديد ولو بشكل تقريبي.. ما هي الإضافة التي ستقدمها مكافحة الفساد للاقتصاد الوطني؟.. على خلفية أنها من الناحية القانونية، تحرك العمل والإجراءات والقضاء يشتغل والحلقات الأخرى والتي تعد اقتصادية بحتة، ويتعلق الأمر بالدوائر الوزارية والمجمعات الصناعية ومؤسسات الانجاز والمؤسسات الاقتصادية، يجب أن تدرك أن مستقبلها مرهون بمدى ترسيخ ثقافة مكافحة الفساد في قلب هذه الأطر، ومع ضرورة احترام إجراءات الصفقات العمومية، والحرص على حماية المال العام والاعتماد على الكفاءات في التسيير وكل ذلك يدخل في إطار الحوكمة بشكلها البعيد.

إن الجماعات المحلية بدورها معنية بهذا التحدي، كونها كيانات اقتصادية أكثر منها هيئات إدارية تعيش على الريع، ولأن الجماعات المحلية أيضا معنية باعتماد معايير مكافحة الفساد، كون الفساد لا يقتصر على الرشوة ونهب المال العام والمحسوبية والبيروقراطية ..و..و..، وإنما يشمل عدم المبادرة، إذ لا يعقل أن يستمر على مستوى هذه الهيئات التي تستنزف أموال الدولة ثقافة الريع، لأنه في أضعف بلدية نجد توفر عوامل تشجع على النمو على قلتها، ويفترض من القائمين على الشأن المحلي تحريكها، ولعل ذلك يتطلب من القائم على الشأن المحلي التحلي بالذكاء وكذا مدى تشبعه بقيم المحافظة على المال العام من النهب والاستنزاف، واستغلاله بالشكل الجيد من خلال الترشيد ونبذ الفساد حتى ولو كان إهمالا ولامبالاة، فلكل تصرف مهما كان كلفة اقتصادية، وآثار عديدة ستنعكس على الجبهة الاجتماعية وعلى الأداء الاقتصادي على حد سواء.
إذا من الحلول التي ينتظر منها الكثير حتى تكون لعملية مكافحة الفساد قيمة وعوائد اقتصادية، ترسيخ قيم نبذ الفساد ومشاركة جميع قوى المجتمع الحية، بدءا بالمواطن البسيط في مقاطعتها، لأن مكافحة الفساد تبدأ من المواطن والأسرة ثم الجماعات المحلية والإدارات والدوائر الوزارية والمؤسسات وما إلى غير ذلك، حتى يمكن القول أننا نضع الخطوة الأولى لتجسيد الحوكمة بأيادي نظيفة تؤمنها المنظومة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، فلا يمكن للمسؤول وحده أن يجسد قيم التسيير الراشد واحترام قواعد العمل، بل الموظف والعامل وكل فاعل في أي موقع كان اقتصادي أو اجتماعي أو حتى إداري، مطالب أن يؤدي عمله بتفان وإتقان ويتجنب التورط في أي مظاهر للفساد، حتى وإن كانت جزئيات صغيرة حتى لا ينبغي أن يستهان بها، لأنه لو تعمم على شرائح أوسع عواقبها تكون وخيمة وأضرارها كبيرة.
صحيح أن الفساد يكبد الاقتصاد الوطني يوميا خسائر يصعب تقديرها ماليا، ودون شك في نفس الوقت يفوت عليها في كل لحظة فرصا ذهبية للاستثمار وإنتاج الثروة، عندما يسجل فيها سلوك فساد تختفي المكاسب والأرباح، لذا خلاصة القول أن جميع القوى الفاعلة اليوم باتت مسؤولة عن تكريس الحوكمة بشكل تدريجي على المديين المتوسط والبعيد ولعل ذلك سوف يجند الجميع لمكافحة شأفة الفساد، وبالتالي ترسيخ قيم مكافحة الفساد في قلب المنظومة المحلية والاجتماعية، ويدرج ذلك في البرامج الدراسية الجامعية، حتى ينبه الطالب أو إطار المستقبل إلى خطورة الفساد الذي يمنع من تطور الأمم ويكون جدارا مانعا ضد الفساد.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19450

العدد 19450

السبت 20 أفريل 2024