تأثر الزراعة الصينية بالفيروس

التخوف من أزمـة غذائية عالميـة

خلال الأسابيع الأولى من تفشي وباء كورونا، كانت صور الأرفف الفارغة في المتاجر الكبرى ومحال البقالة في البلدان المتقدمة، مثيرة للفزع والقلق ليس فقط للمستهلكين، بل وللحكومات في البلدان المتقدمة والنامية على حد سواء.
وحذر مسؤولون كبار في مؤسسات دولية عالمية، خلال أزمة فيروس كورونا، من احتمالات تعرض البشرية أو بعض البلدان على الأقل لخطر المجاعة إذا استمرت جائحة كورونا لأشهر طوال، وكانت تلك التوقعات أو التقديرات مفزعة للجميع.
بالنسبة لدولة بحجم الصين وتاريخها مع المجاعات، كان الأمر أكثر قلقا وخطورة. فالصين دولة وبكل المعايير موبوءة تاريخيا بالمجاعات، وتلك المجاعات ليست جزءا من ذكريات تاريخية تجدها في كتب التاريخ أو الكتب المدرسية، إنما جزء من الذاكرة الحية لأبناء أكبر شعوب الأرض، الذين عانوا مجاعات الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، عندما دفعهم عدم توافر الطعام إلى تناول لحاء الأشجار والأحزمة والأحذية الجلدية.
يشير بعض الخبراء الاقتصاديين إلى أن متابعة تطورات القطاع الزراعي الصيني، والتعرف على تفاصيل تطوره الفصلي، تعد قضية تتجاوز في أهميتها وخطورتها ترف التعرف على الأوضاع الاقتصادية في الصين، أو استكشاف قدرتها على النمو، أو الإلمام بالجوانب المختلفة لمستقبلها ومساعيها لتعزيز مكانتها الاقتصادية. وتدهور إنتاجية القطاع الزراعي الصيني وتراجع معدلات نموه، لها من التأثيرات ما يتجاوز حدود الاقتصاد الصيني بمراحل، إذ يمكن أن تطلق شرارة أزمة غذائية عالمية بكل ما تتضمنه الأزمة من ارتفاع في أسعار المحاصيل الزراعية وزيادة في أعداد الجوعى في العالم.
لا تمتلك الصين إلا 7 بالمائة من الأراضي الصالحة للزراعة في العالم، في الوقت ذاته عليها عبء توفير الغذاء لـ 22 بالمائة من سكان الكرة الأرضية.
ويضيف “على الرغم من مراهنة بعض الخبراء في المجال الزراعي على أن توجه الصين إلى المحاصيل المعدلة وراثيا يمكن أن يكون الخيار المستقبلي الأمثل لضمان تحقيق درجة مقبولة من الاكتفاء الذاتي في المجال الزراعي، ومتوسط حجم المزرعة الصينية من بين الأصغر في العالم، وأراضي الصين الزراعية مقسمة إلى 200 مليون مزرعة.
ويشير إلى أن المحاصيل المعدلة وراثيا، ولكي تحقق فروقات حقيقية في مجال الإنتاج الزراعي تتطلب مزارع عملاقة على النمط الأمريكي أو الكندي، وهذا شبه مستحيل في الصين نتيجة التضاريس الصينية، وما بها من جبال أو صحارى، هذا كله يجعل من الصعب للغاية تطوير الهيكل الزراعي الصيني.
ويؤكد أن الطبيعة المجزأة الصغيرة للمزارع الصينية هي الاختلاف الحاسم مع المزارع الغربية، وتكلفة تغيير النمط الزراعي الصيني عن طريق توسيع المزارع الصغيرة أمر يصعب تحقيقه على أرض الواقع، فدمج الملكية الزراعية للمزارعين مستحيل من الناحية اللوجيستية، ويعيد هذا التحدي القيادة الصينية إلى المربع الأول، حيث إن ضمان توفير الاحتياجات الغذائية لنحو ربع سكان الكرة الأرضية، لا يمكن أن يعتمد فقط على الاكتفاء الذاتي، إنما يتطلب منها مزيدا من الإدراك بأهمية التجارة الدولية في المجال الزراعي.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024