مازال النّفط مصدر رفاهية الاقتصاد العالمي

استعمال لقاح “كوفيد-19” مستقبلا سيقلب الموازيـــن

فضيلة بودريش

تتّجه أسواق النفط نحو تحقيق استقرار نسبي بعد عدم انخفاض سعر برميل النفط عن  43 دولارا منذ عدة أيام، مستمدا قوته من إيجابيات قرار “أوبك+” بخفض الإنتاج، والعودة التدريجية لفتح كبرى اقتصاديات العالم على غرار الصين، اليابان وألمانيا، لكن مازال العرض كبيرا بفعل المخزونات النفطية الأمريكية وتدفّق زيوتها الصخرية على الأسواق بشكل يحد الانتعاش الذي ينتظره المنتجون..لذا هل فعلا أن بداية تصنيع لقاح وتحديد آجال طرحه للاستعمال سيقلب الموازين؟

مازال التوجس يخيم على أسواق النفط رغم أنّ معنويات السوق تغيّرت للأفضل، بفعل انتعاش الأسعار وتماسكها إلى حد ما، ويبدو أن هذا المسار الإيجابي المدعم من طرف منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك+”، جنّب المنتجين انهيار الأسعار إلى مستويات متدنية، في وقت مازال فيروس كورونا يضغط بقوة على الأسعار وعلى الإقبال على العرض.
أكيد أنّ الإغلاق الاقتصادي لن يتواصل إلى مدّة أطول لأنه اقتصاديات الدول لن تتحمّل المزيد من الرّكود وجمود نشاطها، ومنظمة الدول المصدرة للنفط تدرك جيدا أن المرحلة ستمر وتتغير بعد ذلك مؤشرات السوق، لأنه لديها خبرة وتجارب متراكمة بفعل مواجهتها العديد من الأزمات أزمتي 2014 و2016 ويليها أزمة فيروس “كوفيد 19” التي جعلت العالم على كف عفريت، وأحدثت زلزالا رهيبا في الاقتصاد العالمي والصناعة النفطية، ومع ذلك بقيت “أوبك” وشركائها ثابتة بعد أن اتّخذت قرارات جريئة وحاسمة على ضوء الحوار، بل أن هناك من الخبراء من يرى أن الجائحة أذابت جليد الخلاف، وعمّقت من الحوار وفعلت قنوات التواصل بين كبار المنتجين في العالم، في وقت ترفع فيه هذه المنظمة النفطية التي رأت النور منذ 6 عقود كاملة رفقة شركائها الفاعلين في السوق تحديات توازن الأسواق وحماية الصناعة النفطية لمواصلة الاستثمارات، تساهم من أجل منع حدوث صدمة نفطية قد تؤثّر على مصادر الطاقة وعلى المدى البعيد على الاقتصاد العالمي، لأنّ أثر توقف الاستثمارات في الوقت الراهن، بات ينبئ باشتعال أزمة تموين حادة على المستويين المتوسط والطويل، وبالتالي اشتعال الأسعار إلى الذروة ويمكن أن يتجاوز 100 دولار للبرميل بسبب تقلص العرض، لذا من المهم أن يكون هناك احتياطي في السوق، وتحركات “أوبك” تتعدى الأسعار لتشمل الاستمرار في تغطية الطلب من دون انقطاع، من خلال الحفاظ على القدرات الاستثمارية.
ومنذ آخر اجتماع لمنظمة الدول المصدرة للنفط بالجزائر، تقرّر توسيع وتعميق مجالها البحثي، علما أنّها تعكف على البحث حول الوقود الأحفوري على ضوء ابتكار تكنولوجيا الطاقة منخفضة الكربون وخيارات الاستدامة، بما في ذلك توسيع التعاون مع وكالة الطاقة الدولية.
الجدير بالإشارة، فإنّ اتّفاق خفض الإنتاج التاريخي مسّته تعديلات مرنة وسريعة بعد تمديد خفض الانتاج في شهر جويلية ثم الانتقال إلى تخفيضات أقل مع مطلع أوت الداخل المقبل للوصول إلى مستوى يمكن من توازن العرض والطلب في السوق، كما نجح المنتجين في تعميق الحوار وإقناع منتجين آخرين أقل امتثالا على تعديل مستوى إنتاجهم في الاشهر المقبلة من أجل قبول تبني مبدأ التعويضات الإنتاجية. ويتقاطع الخبراء حول سحر الحسم في دخول لقاح حيز السريان ليقلب وجه الاقتصاد وأسواق النفط.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19482

العدد 19482

الثلاثاء 28 ماي 2024
العدد 19481

العدد 19481

الإثنين 27 ماي 2024
العدد 19480

العدد 19480

الأحد 26 ماي 2024
العدد 19479

العدد 19479

السبت 25 ماي 2024