الاعتماد على التّخطيط الاستشرافي وتحويل التّكنولوجيا

المناجم مفتاح نمو الصّناعات التّحويليّة

فضيلة بودريش

 

 

 

تمر الجزائر في الوقت الراهن بخطى ثابتة نحو مرحلة تثمين مختلف مواردها، واستغلال طاقاتها المتنوّعة سواء كانت طبيعية، باطنية أو بشرية، بهدف الانخراط في مسار الإقلاع الاقتصادي وانتهاج الوجهة الصّحيحة، وتبني الخيارات الناجعة التي تفضي إلى الرفع من سقف القيمة المضافة، وتنهي التبعية العضوية لقطاع المحروقات، ويحتل قطاع المناجم الذي مازال يمثل الثروة الخام أهمية ليكون في مقدّمة القطاعات التي تساهم في إنعاش الحياة الاقتصادية، والرفع من نسبة النمو عبر تخطيط استشرافي.

البداية جاءت مع خيار الوزارة المستقلّة التي تعنى بالقطاع وترصد مختلف الكفاءات، وتركّز جهودها لإعادة الاعتبار لهذا القطاع الاستراتيجي، على خلفية أنّ الجزائر ليست فقط بلدا نفطيا وغازيا بل منجميا، ومساحتها الشاسعة تجعلها تنام على ثروات ضخمة، لا يمكن تحديدها بدقة إلا من خلال تسطير خارطة دقيقة وتفعيل الاستكشاف الذي يحتاج إلى التكنولوجيا المتطورة، ويد عاملة متخصصة خضعت للتكوين، ويمكن تفعيل الاستثمارات وجلب آخر التقنيات الحديثة التي تقلص من كلفة الاستثمار.
الإطار القانوني وحده لا يكفي، لأنّ ترجمة التصور على أرض الواقع يعد التحدي الأكبر في معادلة تجاوز بطء أداء هذا القطاع، الذي حان الوقت ليصنف ضمن القطاعات الإستراتيجية القادرة على تنويع الاقتصاد بل وبالدفع بالتنمية الوطنية إلى مستويات آمنة، ويمكن إقحام الجامعة واستحداث مراكز بحث وإشراكها في مسعى الإنعاش الاقتصادي، لأنه حان الوقت لجعل الجامعة جسرا من جسور تعميق التطور الاقتصادي، وتساهم هذه الأخيرة في توسيع استغلال الحقول الكبرى، والعثور على حقول جديدة في عدة معادن ثمينة وأخرى تدخل في إنتاج مختلف الصناعات، خاصة أن الجزائر مقبلة على إرساء قاعدة متينة للصناعات الميكانيكية، وتسير نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في مادة الحديد بتغطية ورشات البناء الضخمة، وتخصيص كميات معتبرة نحو التصدير، على اعتبار أن مادة الحديد الجزائري تعد من أجود الأنواع. ومن المعادن الثمينة على غرار الذهب يمكن الرفع من الاحتياطي الجزائري من الذهب من خلال برامج جادّة ودقيقة للتنقيب والاستغلال، والتي يمكنها أن تستحدث القيمة المضافة من خلال إطلاق الاستثمارات وتشغيل الشباب وضخ ثروة الذهب.
ومن مفاتيح بعث القطاع الذي يتطلع لاستحداث القيمة المضافة، ضرورة الارتكاز على التخطيط الاستشرافي وتحويل التكنولوجيا سواء تعلق الأمر ببناء شراكات أو الانفتاح على مستثمرين كبار يملكون الخبرة المطلوبة والتقنية الحديثة بكلفة منافسة. إذا لا يقل قطاع المناجم أهمية عن الفلاحة أو الصناعة أو السياحة بل يعد قاطرة إضافية يمكن استغلالها استغلالا جيدا برؤية اقتصادية بحتة، ويمكن الاطلاع على تجارب دول نجحت في استغلال مواردها، لكن لا يعني هذا أنه تستنزف الحقول الكبرى للمناجم، وإنما يؤخذ بعين الاعتبار الحفاظ على جزء من الموارد للأجيال المقبلة. والجزائر ستقبل على مرحلة جديدة يكون فيها للثروة المنجمية مكانة في معركة التنمية.

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024