نجاعة إستراتيجية..نتائـج ملموســة وتحســّن في منــاخ الأعمال
أكّد الخبير الاقتصادي أحمد الحيدوسي، أنّ المؤشرات الإيجابية التي يسجّلها الاقتصاد الوطني تشكّل دليلا واضحا على نجاعة الاستراتيجية التي انتهجتها الدولة، والتي بدأت تعكس نتائجها بشكل ملموس، لاسيما من خلال التحسن في مناخ الأعمال والتطورات التي عرفتها مختلف القطاعات الحيوية، مثل رقمنة المعاملات التجارية وتعديل قانون الاستثمار.
قال أستاذ الإقتصاد لـ “الشعب”، إنّ الجزائر تمضي بخطى ثابتة نحو بناء اقتصاد متنوع، يقوم على تقليل التبعية لعائدات المحروقات وتعزيز قطاعات واعدة مثل الزراعة، والصناعة، والسياحة، والخدمات، وأشار إلى أنّ الإصلاحات الاقتصادية الجارية وتهيئة مناخ الأعمال تساهم بشكل كبير في جعل الجزائر بيئة أكثر جذبا للاستثمارات، سواء الأجنبية أو المحلية، من خلال تبسيط الإجراءات الإدارية، وتحسين البنية التحتية، وتوفير الحوافز للمستثمرين، ممّا يعكس توجها استراتيجيا ومستقبل اقتصادي واعد.
وصرّح الخبير أنّ المؤشّرات الإيجابية التي يشهدها الاقتصاد الوطني تأتي في سياق الديناميكية المتسارعة والواضحة التي يعرفها قطاع الاستثمار، ما يعكس تحوّلا نوعيا في مناخ الأعمال، فمنذ إطلاق الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار، تمّ تسجيل أكثر من 13.712 مشروعا استثماريا، وهو رقم لا يعبّر فقط عن تزايد الاهتمام بالاستثمار المحلي، بل يؤكد أيضا تحسن الإطار التنظيمي وتوفر الإرادة السياسية لدعم المبادرات الاقتصادية.
وأشار في هذا السياق، إلى أهمية الجهود المبذولة لتحسين بيئة الاستثمار، مبرزا أهمية هذا الجانب في أي نشاط اقتصادي، كما لفت إلى التحديث الذي طال قانون الاستثمار، والذي منحه قدرا أكبر من المرونة والليونة، بما ساهم في تعزيز جاذبيته للمستثمرين سواء المحليين أو الأجانب، وأضاف أن الدولة قد أطلقت، مجموعة من المشاريع الطموحة التي تعكس توجهها نحو دعم الاستثمار وتحفيز النمو الاقتصادي.
بالحديث عن الحوافز التي توفرها الدولة في مختلف القطاعات الاقتصادية، أكّد الخبير أنّ هذه المبادرات ترفع الديناميكية الاستثمارية، لاسيما في ما يتعلق بالمؤسسات الناشئة والمصغرة، كما دعا في هذا السياق القطاع الخاص إلى دعم هذه المؤسسات، نظرا للدور الأساسي الذي تلعبه في زيادة معدلات النمو الاقتصادي، إلى جانب مساهمتها الفعالة في تسويق منتجاته وتقديم حلول ابتكارية لمختلف الإشكاليات.
واستطرد حيدوسي قائلا بأنه ورغم ما تحقّق من تقدم ملحوظ في مسار التنمية والإصلاحات الاقتصادية، إلى أن التحدي الأكبر لا يزال قائما، ويتمثل في ضرورة الحفاظ على وتيرة النمو الحالية، بل والعمل على تسريعها بشكل أكبر، فالاستمرار على هذه الوتيرة يتطلب سياسات اقتصادية واستراتيجيات شاملة تضمن اتساع قاعدة المستفيدين من هذا النمو، ومن المهم أن يشمل هذا التقدم مختلف القطاعات الحيوية، بما في ذلك الصناعة، الزراعة، والخدمات، إلى جانب ضمان توزيعه العادل بين المناطق.
وأشار محدّثنا إلى أنّ الرسالة الأخيرة الصادرة عن البنك الدولي، التي جاءت محمّلة بإشارات إيجابية، تعكس التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال الإصلاحات الاقتصادية، لا سيما على مستوى ضبط التوازنات المالية وتعزيز مناخ الأعمال، غير أن هذا التقدير يوجب الاستمرار في تنفيذ الإصلاحات بوتيرة أسرع وأكثر شمولا، مع التركيز على الملفات الهيكلية العميقة التي لا تزال تراوح مكانها.
ويرى الخبير الاقتصادي أنّ الإصلاحات الجارية، رغم أهميتها، لم تصل إلى مستوى الطموحات الكبرى المعلنة في إطار مشروع التحول الاقتصادي الوطني، وأضاف أن الجزائر مطالبة أكثر من أي وقت مضى، بالخروج من دائرة الإجراءات الظرفية والانتقال إلى تبني سياسات اقتصادية طويلة الأمد، تقوم على تنويع مصادر الدخل، تحرير المبادرات، وتطوير قطاعات واعدة مثل الاقتصاد الرقمي والصناعات التحويلية والطاقة المتجددة.
وشدّد الحيدوسي على أنّ الجزائر تمتلك كافة المقومات التي تؤهلها لتصبح قوة اقتصادية إقليمية وإفريقية: “موارد طبيعية، العنصر البشري، والموقع الاستراتيجي” تحتاج فقط إلى إرادة قوية لتسريع الإصلاحات وضمان استقرارها، لبناء اقتصاد قادر على خلق ملايين مناصب الشغل، وتحقيق تموقع فعلي على السّاحتين الإقليمية والدولية.
لذا، يتّضح من خلال ما سبق أن الجزائر تسير في الاتجاه الصحيح نحو بناء اقتصاد قوي ومتنوع، فالإصلاحات التي قامت بها الدولة بدأت تعطي نتائج إيجابية، خاصة في تحسين مناخ الاستثمار ودعم القطاعات الحيوية، ورغم التحديات فإن الاستمرار في هذا النهج، مع تسريع وتيرة الإصلاحات وتوسيعها، سيساهم في تحقيق نمو اقتصادي.