بركان: إرساء آلية عربية لتبادل الخبرات والتجارب في مجال التنويع الاقتصادي
تطوير الشراكات الاقتصادية العربية..التكامل وتشجيع الاستثمارات البينية
شاركت الكنفدرالية العامة للمؤسسّات الجزائرية في أشغال الدورة 51 لمؤتمر العمل العربي المنعقد بالقاهرة، حيث قدمت عرضا حول تجربة الجزائر في تنويع الاقتصاد الوطني، مبرزة الجهود المبذولة لتقليل الاعتماد على قطاع المحروقات وتعزيز القطاعات البديلة، مبرزة في الوقت ذاته أهمية التحول نحو نماذج اقتصادية أكثر تنوعا واستدامة لمواجهة التحديات الاقتصادية الراهنة.
في هذا السياق، أبرز الرئيس الوطني للكنفدرالية، ناصر بركان، خلال مداخلته في الدورة الواحدة والخمسين لمؤتمر العمل المنعقد بالقاهرة، الذي ترأّسه وزير الشؤون الاجتماعية والعمل في جمهورية اليمن، الدكتور محمد الزعوري، والمدير العام لمنظمة العمل العربية، تجربة الجزائر كنموذج فعّال في صياغة استراتيجية تنموية شاملة، تقوم على تنويع الاقتصاد الوطني وترسيخ مبادئ العدالة الاجتماعية.
وأوضح المتحدث في كلمته، أنّ الجزائر قد شرعت في تنفيذ مجموعة من الإصلاحات الهيكلية العميقة، لتنويع اقتصادها وتقليل الاعتماد على قطاع المحروقات، وتشمل هذه الإصلاحات تعزيز قدرات الإنتاج المحلي، مع تركيز خاص على تطوير الصناعات التحويلية لخلق القيمة المضافة ومناصب الشغل، كما تعمل الدولة على تشجيع الابتكار ودعم ريادة الأعمال، من خلال توفير البيئة المناسبة لنمو المؤسّسات الناشئة، لاسيما تلك التي يقودها الشباب، من أجل إرساء اقتصاد قائم على المعرفة والمبادرة.
وأضاف في السياق، أنه تم العمل على تحسين مناخ الاستثمار وتطوير البنية التحتية، إلى جانب تعزيز الاستثمار في قطاعات واعدة مثل الزراعة والطاقات المتجدّدة، والاقتصاد الرقمي، والانفتاح على شراكات نوعية، وفي هذا الإطار دعا إلى إرساء آلية عربية لتبادل الخبرات والتجارب في مجال التنويع الاقتصادي وتنسيق الجهود لدعم المؤسّسات الصغيرة والمتوسطة، باعتبارها دعامة أساسية للاقتصاد المنتج.
وفي مجال التحول الرقمي أشاد المتحدث بالخطوات الإيجابية التي قطعتها بلادنا في هذا المجال، عبر إطلاق استراتيجيات رقمية وطنية تهدف إلى دمج الاقتصاد في المنظومة الرقمية العالمية، حيث أبدت الكنفدرالية دعمها الكامل للمبادرات التي تهدف إلى تأهيل المورد البشري في مجال التكنولوجيا والابتكار، لتعزيز قدرتها على مواكبة التحولات الجارية وتحقيق الاندماج في الاقتصاد الرقمي.
وأكّد في مداخلته، أنّ الحوار الاجتماعي الثلاثي الذي يجمع بين الحكومات وأصحاب العمل والعمال، يشكّل حجر الزاوية لتحقيق التوازن بين الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، وأوضح أنه، على الصعيد الوطني، يجري العمل على تعزيز التوافق حول السياسات العمومية وترسيخ ثقافة الحوار والتشاور كآلية فعالة لحل النزاعات وبناء الثقة.
كما تطرّقت الكنفدرالية إلى التكامل الاقتصادي العربي والشراكات الاستراتيجية، أين أكّدت أنّ تحقيق تنمية شاملة يتطلب تطوير شراكات اقتصادية عربية تقوم على التكامل وتشجيع الاستثمارات البينية، وتسهيل تنقل رؤوس الأموال والمهارات، إضافة إلى تنمية سلاسل الانتاج، وهذا ما يتطلّب إرادة سياسية موحدة ورؤية جماعية طموحة، يكون فيها القطاع الخاص شريكا فعالا في صياغة وتنفيذ السياسات التنموية.
وجدّدت الهيئة دعمها الكامل لحقوق العمال في جميع الدول العربية، وعلى وجه الخصوص حقوق الأشقاء الفلسطينيّين الذين يواجهون يوميا انتهاكات جسيمة تحت وطأة الاحتلال، ودعت من خلال المؤتمر إلى ضرورة تنسيق الجهود العربية والدولية للدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وتعزيز صموده، من خلال توحيد الرؤى والمواقف المشتركة على مستوى الهيئات والمنظمات الدولية والإقليمية، بما يٌسهم في تعزيز التضامن مع عمال فلسطين وشعبها.
وأبدى المتحدث استعداد هيئته للمساهمة بفعالية في تنفيذ توصيات هذا المؤتمر، بما يخدم تطلعات الشعوب نحو الازدهار والعدالة ويمنحها مناعة أكبر في مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية، كما دعا إلى وضع رؤية عربية موحّدة تجسّد الإرادة السياسية المشتركة في بناء اقتصادات حديثة، منتجة ومبتكرة، تعيد الاعتبار للعمل والإنتاج كسبيل لتحقيق التنمية المستدامة.
وأكّد رئيس الكنفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية في الختام، أنّ المشاركة في مؤتمر العمل العربي جاءت لتؤكّد التزام الجزائر الثابت نحو تنمية اقتصادية شاملة تقوم على تنويع مصادر الدخل، وتشجيع الابتكار، ودعم المؤسّسات الناشئة، وتعزيز الحوار الاجتماعي، كما عبّرت عن رؤيتها الواضحة بضرورة التكامل والتعاون العربي في مواجهة التحديات المشتركة، مجدّدة دعمها للقضايا العادلة، وعلى رأسها قضية الشعب الفلسطيني.