يمنح الجزائر موقعا أكثر توازنا وصلابة.. كواشي لـ “الشعب”:

توسيــع الشراكـات.. قوّة تفاوضية وقيمـة مضافـة للــثروة

فضيلة بودريش

تنويـع الشركاء يمنـــح فرصـا أوفر لتوطـين التكنولوجيـات الحديثـــة

تتطلع الجزائر وفق خطوات مدروسة ورؤية بعيدة النظر، لتنويع شراكتها الرابحة وتعاونها المثمر داخل القارة الأوروبية، لتكون شريكا مهما ومموّنا رائدا بالطاقة التقليدية والنظيفة وبما تملكه من صناعة تحويلية متطوّرة وكهرومنزلية وإلكترونية ذات تنافسية عالية.

يؤكد أستاذ العلوم الاقتصادية، البروفيسور مراد كواشي في تصريح خصّ به “الشعب”، أن الجزائر تحرص على التموقع القوّي في سوق ذات بعد استراتيجي، ويرى أن خيار تمدّد الجزائر في أوروبا كشريك مفضل، سينعكس بشكل إيجابي على مراجعة عقد الشراكة مع الاتحاد الأوروبي من خلال الاستفادة من علاقات التعاون الثنائية.
وأوضح الخبير كواشي أن توجه الجزائر إلى تكثيف وتنويع شراكتها قرار صائب، باعتبار أنها حسمت في خيار تنويع شراكاتها الاقتصادية، ما يمنحها قوّة تفاوضية أكبر، ويجعلها تركز جهودها في تنمية قطاعاتها الاقتصادية وتحويل مقدراتها إلى قيمة مضافة وثروة دائمة لا تنضب.

 شراكـــات رابحــة

واستنادا إلى كواشي، فإن تنويع الشراكات وفق المنفعة المتبادلة، يمنح الجزائر موقعا أكثر توازنا وصلابة، وشدّد محدثنا على أهمية الانخراط في مسار تنويع الشراكات، استنادا لمقولة “لا نضع البيض في سلة واحدة”.
 وبات من الضروري – يقول كواشي -  بناء شراكات رابحة مع دول تتواجد في القارة الأوروبية، بينها سلوفينيا، بحكم قرب المسافة مثل إيطاليا وسلوفينيا وألمانيا، بالموازاة مع توطيد العلاقات الثنائية مع دول شرق آسيا مثل الصين، بعد أن أضحت أكبر مورد للجزائر، وفي شرق آسيا مثل قطر وسلطنة عمان، بالإضافة إلى العمق الإفريقي، وكذا العلاقات الجيدة بين الجزائر والولايات المتحدة الأمريكية.
ويأتي حرص الجزائر على إقامة شراكات مع عدّة دول أوروبية، على خلفية أن الدول الأوروبية متطوّرة ومصنّعة ولها اقتصادات متنوّعة وقطاعات زراعية حديثة وتكنولوجيات معلومات رائدة، ما سيتيح للجزائر الاستفادة من هذه الخبرات المتراكمة.
وعن نقاط قوة هذه الدول، اتخذ الخبير من سلوفينيا نموذجا، بحكم أن هذا البلد الأوروبي، رغم صغر مساحته، ومن حيث عدد السكان، إلا يتمتع باقتصاد متطور ويعتمد على قطاع الخدمات بشكل كبير بنسبة 65 بالمائة، وبينما 35 بالمائة من صادراته عبارة عن مواد صيدلانية، منتجات السيارات.
 وإلى جانب ذلك، قال الخبير إن الدول الأوروبية، تعد شريكا طاقويا تاريخيا ومهما للجزائر، في ظل تموين الدول الأوروبية بكميات معتبرة من الغاز سنويا، لافتا إلى أن أن الجزائر توجه علاقتها نحو الدول الأوروبية، وفق مصلحتها والمتمثلة في البحث عن استثمارات منتجة ومتنوّعة في قطاعات ليست طاقوية، على غرار الصناعة والفلاحة والبحث العلمي على سبيل المثال.

سلوفينيـا نقطــة ارتكـاز

وفيما يخص رهان توسيع الشراكات مع الدول الأوروبية لاسيما الشرقية منها، قال كواشي إنه يمنح الجزائر قوّة تفاوضية أكبر عندما تعيد مفاوضاتها مع الاتحاد الأوروبي حول عقد الشراكة، لأنها ستستفيد بإبرام اتفاقيات مع عديد الدول الأوروبية، وأفاد أن بداية التوسع جاء من سلوفينيا التي ستكون نقطة ارتكاز بفضل موقعها الجغرافي، فهي منطقة فاصلة بين بلدان البلقان وأوروبا الشرقية، إضافة إلى أنها تعد مدخلا يجمع بين أوروبا الشرقية والغربية.
 وقال كواشي إن إعادة اكتشاف هذا البلد المتطوّر، وإقامة شراكة وعلاقة اقتصادية منتجة، سيعبّد الطريق لتوسيع وتعميق العلاقات مع بلدان أخرى سواء في أوروبا الشرقية أو بلدان انفصلت عن يوغسلافيا سابقا أي البلقان.
وتوقّع أستاذ العلوم الاقتصادية، أن تكون سلوفينيا نقطة ارتكاز لتصدير الغاز الجزائري وبشكل عام الطاقة النظيفة في المرحلة القادمة، لأن هذه الدولة مجاورة لإيطاليا والنمسا والمجر وألمانيا، ويساعد موقعها أن تكون زبونا مهما بحكم أنها تملك صناعة متطوّرة وتحتاج إلى توريد طاقوي مستمر، خاصة وأن الجزائر تسعى إلى تصدير كميات إضافية من الغاز إلى هذه المنطقة، بالإضافة إلى تصدير الطاقات المتجدّدة مثل الهدروجين الأخضر عبر الممر الجنوبي إلى هذه البلدان.

ورقـة رابحــة

وتناول الخبير الاقتصادي كواشي كذلك حاجة الجزائر إلى مثل هذه الشراكات، من أجل جذب استمثارات متنوّعة في القطاع الصناعي، ورفع مساهمة الصناعة في الناتج الداخلي الخام، خاصة وأن رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، شدّد على رفع مساهمة الصناعة إلى مستوى 14 بالمائة خلال السنوات المقبلة.
وفي ظل التطور العالمي، أوضح الخبير أن الصناعة صارت تتطلب تكنولوجيات متطوّرة، والجزائر تحتاج إلى هذه التقنيات في صناعة السيارات والأجهزة الالكترونية والنسيجية والغذائية والتحويلية والسياحة، داعيا إلى التركيز على الاستثمارات وتحويل التكنولوجيا إلى القطاع الصناعي والقطاع الفلاحي، بالنظر إلى أهميتهما في تحقيق الأمن الغذائي، بعد أن قطعت الجزائر خطوات متقدمة وعملاقة في المجال.
ويرجح الخبير الاقتصادي مراد كواشي أن يحتل المنتوج الجزائري موقعا إستراتيجيا في الأسواق الخارجية بفعل توفر سلسلة من العوامل، من أبرزها التطور اللافت للمنتوج الجزائري من حيث النوعية والكلفة والتنافسية التي تضاهي أقوى العلامات في الأسواق العالمية، وكذا تواجد جالية جزائرية كبيرة في القارة الأوروبية، وهي تمثل ورقة رابحة، وتسهل استهداف الأسواق الأوروبية في المستقبل القريب، ومع أهمية استغلال الدور المميز الذي تقوم به الدبلوماسية الجزائرية عبر المرافعة لمنح الأولوية للمنتوج الجزائري داخل الأسواق الأوروبية، وبدا الخبير مقتنعا، أنه يمكن التعويل كثيرا على الأسواق الأوروبية مستقبلا.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19775

العدد 19775

الأحد 18 ماي 2025
العدد 19774

العدد 19774

السبت 17 ماي 2025
العدد 19773

العدد 19773

الخميس 15 ماي 2025
العدد 19772

العدد 19772

الأربعاء 14 ماي 2025