مفاوضات عالية المستوى وشراكات دولية ضمن رؤية استراتيجية

صناعة المركبات.. وعـد يتجسّــد وعلامــات تتعــدّد

هيام لعيون

 إنشاء شبكة صناعة متكاملة لقطع الغيار 

إنزال غير مسبوق بحثًا عن فرص الاستثمار

 ”فيات”..”هيونداي”..”شيري”..”جيتور”..سيارة “مايد إين ألجيريا”

يعرف ملف صناعة السيارات ولواحقها في الجزائر تطوّرا لافتا، مدفوعا بإصلاحات تشريعية، وشراكات استراتيجية، واهتمام متزايد من المستثمرين الدوليين، بالولوج إلى السّوق الوطنية. وتمتلك الجزائر إمكانات تطوير صناعة سيارات قوّية بفضل موقعها الجغرافي وسوقها الكبيرة، وتسعى إلى دعم الصناعة المحلية لقطع الغيار، وفق رؤية إستراتيجية تنتهجها الدولة، تندرج في إطار خلق قاعدة صناعية صلبة.

حرصت الجزائر على تبني رؤية استراتيجية في ملف السيارات ولواحقها، من خلال انتهاج نموذج يجمع بين تشجيع الاستثمار الأجنبي في مجال التصنيع، وتحفيز الإنتاج المحلي لقطع الغيار، مع الإبقاء على الاستيراد دون قيود مشدّدة، ما يسمح بتوازن السوق، ويدعم مسار تطوير الصناعة للوصول إلى آفاق واعدة تلبي طلبات السوق المحلية وتسمح بتصدير الفائض إلى الأسواق الإفريقية والعالمية.وتجري الجزائر مفاوضات مع 13 شركة عالمية لتصنيع السيارات وقطع الغيار، بهدف إنشاء مصانع محلية وتغطية احتياجات السوق، من بين هذه الشركات، “هيونداي” التي أمضت على بروتوكول تفاهم مع وزارة الصناعة يقتضي مرافقة مصنعي قطع غيار السيارات منذ اليوم الأول، الى جانب شركة “قريت وال” الصينية، حيث أعلنت وزارة الصناعة في أفريل الماضي أن 13 شركة عالمية لصناعة السيارات دخلت في مفاوضات معها من أجل الاستثمار في تصنيع المركبات بالجزائر، موازاة مع ذلك أعلنت حاجة بلادنا لـ500 شركة مختصة في تصنيع قطع الغيار فيما يتواجد حاليا 120 مصنعا، وفق ذات المصدر.
وخلال الأشهر الأولى من السنة الجارية، عرفت الجزائر إنزالا غير مسبوق لوفود أجنبية وشركات عالمية لتصنيع السيارات أبدت رغبتها في الاستثمار في الجزائر في مجال تصنيع السيارات، حيث قامت الشركات بالتفاوض مع مسؤولين جزائريين، وأبدت رغبتها الشديدة للاستثمار في بلادنا، كان آخرها استقبال وزير الصناعة سيفي غريب لوفد عماني تمت فيه مناقشة آليات بعث مشروع مصنع “هيونداي” لتصنيع المركبات في الجزائر في أقرب الآجال، بما يعكس الإرادة المشتركة لتجسيد الشراكة الصناعية الجزائرية-العُمانية على أرض الواقع.
فيما استقبل مسؤولو وزارة الصناعة، شركة “أستروويد” المالكة لعلامة “ENC” الأمريكية المتخصصة في صناعة الحافلات والشاحنات، والشركة الصينية “جريت وول موتورز”، والتي تعتبر واحدة من أكبر الشركات المصنعة للسيارات في الصين تحت عدّة علامات تجارية، منها “هافال”، و«تانك” و«باور”.كما حل وفد عن الشركة الأم لعلامة شيري الصينية، بالجزائر، وتحادث مع الوزير حول سبل إرساء صناعة حقيقية لمركبات علامة شيري في الجزائر.

خطـوات عملاقـــة

وفي إطار تجسيد استراتيجية الدولة الهادفة إلى توطين مختلف الصناعات الاستراتيجية في البلاد، وسعيا لتحقيق الإدماج المحلي في صناعة المركبات شجعت المستثمرين على ولوج مجال تصنيع قطع غيار السيارات الذي يعرف انتعاشا حاليا، إذ يتم تصنيع البطاريات والمكابح والفلاتر والكوابل وحتى بعض أدّق المكوّنات. وفق تصريحات مستشار وزير الصناعة بلال لميطة شهر أفريل المنصرم.
وتعرف صناعة قطع غيار المركبات في الجزائر تطوّرات ملحوظة خلال عام 2025، في إطار استراتيجية وطنية تهدف إلى تعزيز الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الاستيراد، حيث تم اتخاذ خطوات كبيرة في هذا المجال على غرار، إطلاق شبكة وطنية لمنتجي قطع الغيار، إذ سارعت وزارة الصناعة إلى إنشاء شبكة وطنية تضمّ جميع المنتجين المحليين لقطع غيار المركبات شهر فيفري الماضي.
وتهدف هذه الشبكة إلى” تنظيم القطاع، ورفع نسب الإدماج الوطني، وضمان جودة المنتجات وتطوير هذه الصناعات، على أن يتم إحصاء كل المنتجين الوطنيين الذين يقومون بتصنيع قطع الغيار الموجهة للسيارات في إطار خارطة وطنية لنسيج مصنعي قطع الغيار لتنظيم هذه الشبكة في بعدين: “الجانب التقني المتعلق بالخصائص التقنية لقطع الغيار، والجانب التنظيمي والهيكلي لهذه الشبكة لضمان التنسيق والعمل في إطار جماعي”.

لجنتــان لمتابعـة وتأطــير النشــاط

في شهر مارس المنصرم، تم تنصيب لجنتين مكلفتين بمتابعة وتأطير نشاط تصنيع قطع غيار المركبات وتحقيق الإدماج في مجال تصنيع المركبات، وذلك في إطار إطلاق شبكة وطنية لقطع غيار المركبات، الأولى هي اللجنة التوجيهية، تُعنى بوضع الاستراتيجية العامة للنشاط وضمان التنسيق بين الفاعلين، ولجنة الدراسات والهندسة التي تركز على المعايير التقنية والجودة، وتقديم الدعم الفني والتكويني للمصنعين المحليين.كما سيتم إشراك هاتين اللجنتين في تحديد منهجية حساب نسبة الإدماج الوطني في صناعة قطع الغيار والمركبات، من خلال وضع معايير دقيقة وشفافة تأخذ بعين الاعتبار مساهمة كل مكوّن محلي في سلسلة الإنتاج.

شراكــات أجنبيـــة

وفي إطار خطة ترشيد الواردات وتقليل الاعتماد على الاستيراد، من خلال توفير قطع غيار ذات جودة عالية بأسعار تنافسية بغية تطوير قطاع تصنيع السيارات في الجزائر، تم توقيع اتفاقية بين الشركة الوطنية للأنابيب “أنابيب” وشركة “أوتو لوميار” الصينية، لإنشاء شركة مختلطة لصناعة قطع غيار السيارات، تشمل مصابيح السيارات والمصدات كمرحلة أولى، حيث تعكس سياسة الحكومة في دعم الشراكات الاستراتيجية التي تساهم في تحويل التكنولوجيا وتطوير المنتج الوطني الصناعي.ومنذ أيام قليلة فقط من الشهر الجاري، وقعّت الجزائر على اتفاقية شراكة من أجل إنشاء تجمع جزائري-إيطالي متخصّص في صناعة اللّواحق البلاستيكية للمركبات بولاية سطيف ووقّع على هذه الاتفاقية كل من مؤسسة “سيبلاست” التابعة للمجمع العمومي للبلاستيك والمطاط، ومجمع “سيجيت” الإيطالي المتخصّص في صناعة المكوّنات البلاستيكية والمطاطية الموجّهة لصناعة السيارات.
ويعكس هذا التوجّه تعزيز الإنتاج الوطني وتقليل التبعية للاستيراد المباشر، كما أن الانفتاح على الشركات الأجنبية يعكس سعي الجزائر لجذب التكنولوجيا الحديثة وتحقيق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني الخاص بقطاع صناعة السيارات وقطاع غيار المركبات التي تحظى بدعم الرئيس عبد المجيد تبون الذي يشجع صناعة قطاع الغيار محليا.وفي إطار إعداد خريطة إنتاج قطع غيار السيارات على المستوى الوطني، وبعد إطلاق التجمع الخاص بمنتجي قطاع غيار السيارات في الجزائر وإنشاء لجنتين خاصتين بالهندسة والقيادة لهذه الشعبة، فتحت وزارة الصناعة الباب أمام جميع المتعاملين الاقتصاديين الناشطين في هذا المجال، التسجيل من أجل القيام بعملية إحصاء لجميع المتعاملين الاقتصاديين الناشطين على مستوى هذه الشعبة، حيث أن المؤسسات التي سيتم إحصائها سوف تكون ضمن المؤسسات المكوّنة للشبكة الوطنية للمناولة في مجال تصنيع قطع الغيار.

إنشـاء وحــدات صناعية جديــــدة

في هذا الإطار، فقد تم تدشين وحدات صناعية جديدة، على غرار وحدة “SARL IAASAF لصناعة فرامل السيارات ببلدية أولاد موسى، في إطار تعزيز الإنتاج المحلي في مجال الميكانيك وقطع الغيار خلال شهر فيفري من السنة الجارية، في خطوة تعكس توجّه القطاع.
وبحسب المختصين، فإن تطوير صناعة قطع الغيار يؤدي إلى إنشاء شبكة صناعية متكاملة، مما يعزّز فرص العمل ويقلّل من فاتورة الاستيراد ويدّعم الاستقلالية الصناعية، كما يخفّف من الميزانية التجارية وميزانية المدفوعات بالعملة الصعبة، ويساعد الجزائر من مجرد مستورد أو مجمع للسيارات إلى دولة مصنعة لمكوّنات السيارات وهو ما يفتح آفاقا للتصدير، نحو أسواق أخرى خاصّة في إفريقيا.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19781

العدد 19781

الأحد 25 ماي 2025
العدد19780

العدد19780

السبت 24 ماي 2025
العدد 19779

العدد 19779

الخميس 22 ماي 2025
العدد 19778

العدد 19778

الأربعاء 21 ماي 2025