تمكين الفلاّحين من الاستغلال الأمثل للأرض وتحقيق الاكتفاء الذّاتي
الشبكة الكهربائية الوطنية عصرية..متّزنة وتسيّر باحترافية
يؤكّد رئيس المجلس الجزائري لخبراء الاقتصاد والطاقة والطاقات المتجددة حسين بن شنين، أنّ ربط المستثمرات الفلاحية بالكهرباء يندرج ضمن المقاربة الشاملة للأمن الغذائي في الجزائر، مستدلا بالدعم الكلي لعملية الربط بالشبكة الكهربائية لهذه المستثمرات وبالمجان، من خلال تكفل مصالح سونلغاز ابتداء من مسار 2 كلم إلى غاية 10 كلم أو أكثر بقليل بضمان ذلك، وفي حال تجاوز ذلك يتم تزويد المستثمرات بمخرج شمسي، وهو الأمر الذي كان محط استحسان من الفلاحين، مشيرا إلى أنّ الجزائر هي الدولة الوحيدة التي تقوم بذلك في العالم.
أوضح بن شنين في تصريح لـ “الشعب”، أن هذا النوع من الدعم لتزويد المستثمرات الفلاحية بالكهرباء يعتبر أولوية وطنية رئيسية، حث عليها رئيس الجمهورية بهدف تعزيز الإنتاجية الفلاحية وتقليل الاعتماد على “المازوت” في عمليات السقي، ما من شأنه تمكين الفلاحين من الاستغلال الأمثل لأراضيهم، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات الزراعية.
وحسب رئيس المجلس الجزائري لخبراء الاقتصاد والطاقة ساهم هذا الدعم في رفع عدد المستثمرات الفلاحية المزودة بالكهرباء، والذي وصل إلى حدود 78 ألف مستثمرة فردية وجماعية ما بين 2022-2024، وهو رقم جد مشجّع ومرشّح للارتفاع، ويترجم إرادة الدولة في ترقية الإنتاج الفلاحي بمختلف أنواعه وضمانه على طول العام والمواسم، ناهيك عن استدامة انعكاساتها سيما على استمرارية مناصب الشغل، وتوسيع واستعادة مساحات زراعية لم تكن مستغلة بسبب غياب الكهرباء، وهو ما ساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي في الكثير من الشعب الفلاحية وبالتالي تقليص فاتورة استيراد.
وأكّد المتحدّث أن عملية الربط بالكهرباء عملية تقنية متحكم بها عبر الوطن سواء من خلال شبكة الضغط العالي أو المتوسط أو المنخفض، مشيرا إلى أنّ الجزائر لديها فائض في الكهرباء بنسبة 25 بالمائة، ما يضمن استقرار عام في التزود بمعدل 27 ألف ميغاواط على مستوى مراكز توليد الكهرباء بالساحل والهضاب العليا ضمن شبكة كبيرة وشاملة ومتنوعة ما بين 400 كيلوفولط، 220 كيلوفولط، 60 و30 كيلوفولط مسيّرة بطريقة محكمة واحترافية من طرف مؤسسة عمومية لديها خبرة طويلة في المجال منذ جويلية 1968، وهو ما يضمن التزود المستدام بالكهرباء دون تذبذب إلا في حالات مناخية قاهرة، ناهيك عن ربط شبكة الكهرباء في جنوب البلاد بالشبكة الوطنية، من خلال إنجاز 33 محطة لتزويد ولايات الجنوب الكبير بالطاقة، الذي يعد مشروعا ذو أبعاد إستراتيجية للنهوض بالاقتصاد الوطني ككل.
وحسب الخبير في الطاقة، فإنّ تزويد المستثمرات الفلاحية بالكهرباء لا يمكن أن يؤثّر على الشبكة الوطنية، لأن أي عملية ربط تتم انطلاقا من دراسة شاملة للموقع وتقنيا وماليا، وهو ما يحول دون تسجيل أي مشاكل ماعدا المتعلقة بالظروف المناخية، غير ذلك فإنّ “سونلغاز” لها باع وخبرة كبيرة في المجال، فالتحكم التقني موجود بفضل الإطارات المحترفة والوفرة الكهربائية موجودة ما سمح للجزائر التوجه نحو التصدير للخارج بعد تحقيقها لاكتفاء وفائض طاقوي.
من جهة أخرى، تحدّث بن شنين عن رافد طاقوي آخر للجزائر تعكف على استغلاله خدمة للاقتصاد الوطني وهو الطاقة الشمسية من خلال مشروع 15 ألف ميغاواط 2025-2035، والذي انطلق في شطره الأول في 2023 لإنتاج 3 آلاف ميغاواط، ناهيك عن 21 محطة بالهضاب العليا قيد الإنجاز، والتي ينتظر أن تساهم في إنتاج 3200 ميغاواط، والتي تضاف إلى 27 ألف ميغاواط، ما يعني 30 ألف ميغاواط نهاية هذه السنة، وبالتالي تحقيق فائض بـ 9 آلاف ميغاواط، ما يجعل الجزائر في أمن طاقوي مريح بفضل السياسة الاستشرافية لمؤسسة “سونلغاز”، موضّحا أنّ الكثير من المستثمرات الفلاحية البعيدة عن الشبكة الكهربائية مزودة بالطاقة الشمسية، ما يؤكّد - حسبه - أن التزود بالكهرباء سواء عبر الشبكة أو من خلال مخرج شمسي مضمون وليس بمستحيل.
في المقابل أثار رئيس المجلس الجزائري لخبراء الاقتصاد والطاقة، مسألة النجاعة والفعالية الطاقوية للحفاظ على استدامة الاستقرار الطاقوي للجزائر وعدم تبديد كل الجهود المبذولة والمشاريع المبرمجة بسبب التبذير، سيما في البنايات بنسبة 40 بالمائة، 75 بالمائة في الإنارة العمومية و18 بالمائة في النسيج الصناعي، واستغلالها في مجالات أخرى تخدم الاقتصاد الوطني وتحقيق الجدوى الاقتصادية لهذه الطاقة، وتخفيف الانبعاثات الغازية في الجو عملا بالتزامات الجزائر في هذا الإطار تطبيقا لبروتوكول “كيوتو” وقمة “باريس”، هذه المقاربة “من أجل طاقة نظيفة” حرص رئيس الجمهورية في فيفري الفارط على ضرورة ترشيد استغلال الطاقة، وضبط آليات التحكم في الطاقة من أجل الأجيال القادمة، ومستقبل مستدام لما بعد 2050 بصفر كربون.