تعزيزالربط بين الموانئ الجزائرية والمناطق الصنّاعية الداخلية
تقوية تعزيز مكانة الجزائر كمركز تجاري إقليمي ودولي
استحــداث شركة جزائرية للأشغــال البحريــة الكـبرى.. دور محـوري في المتوســط
تسعى الجزائر إلى تطوير موانئها لتعزيز قدرتها التنافسية دوليا واقليميا، ومساهمتها في دعم الاقتصاد الوطني، وفق خطة شاملة تستهدف توسعة منشآتها البحرية، للقيام بدور محوري في المنطقة المتوسطية خاصّة، وهو ما تترجمه أشغال توسعة ميناء جن جن بولاية جيجل شرق البلاد، لتعزيز التجارة الخارجية للجزائر، وتحسين القدرة الاستيعابية للميناء، وخفض التكاليف اللوجستية المرتبطة بتدفّق الواردات والصادرات.
يندرج هذا المشروع ضمن رؤية الرئيس عبد المجيد تبون، لتطوير البنية التحتية البحرية وجعلها مركزا لوجستيًا إقليميا، لما يشكل من أهمية كبرى للدفع بوتيرة التنمية والحركية الاقتصادية محليا، وكذا الرفع من قدرات استغلال الميناء الذي يشكل منشأة أساسية يعوّل عليها في بعث حركية التجارة الخارجية وخفض التكاليف اللوجيستية لتدفقات الواردات والصادرات، حيث سيصبح ميناء جن جن بعد هذه التحسينات قطبا اقتصاديا محوريا في الجزائر، مما يعزّز النمو الاقتصادي ويجعل البلاد أكثر قدرة على المنافسة في الأسواق الدولية.
استمعت الحكومة، بقيادة الوزير الأول نذير العرباوي نهاية الأسبوع الماضي، إلى عرض حول مدى تقدّم مشروع توسعة وتطوير ميناء جن جن بولاية جيجل، الذي سيجعل منه قطبا هاما لتبادل السلع في حوض البحر الأبيض المتوسط، ويتمتع ميناء جن جن بموقع استراتيجي يسمح له بأن يكون مركزًا لوجستيًا رئيسيًا، خاصة مع توسعة بنيته التحتية وربطه بشبكة الطرق والسكك الحديدية، بحسب بيان الوزارة الأولى.
وكان رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، قد أمر باستحداث شركة جزائرية للأشغال البحرية الكبرى، متخصصة في تهيئة الموانئ، مع توسعة ميناء جن جن بجيجل، للعب دور محوري في المتوسط”، فيما أمر الرئيس بداية السنة الجارية “بتغيير نظام العمل في الموانئ قبل نهاية الشهر الجاري وفق نظام 24 /24 ساعة، خصوصا الموانئ ذات النشاط الاقتصادي في كل من جن جن، الجزائر، بجاية، عنابة، وهران ومستغانم”، حرصا منه على تجسيد الدور الاستراتيجي للموانئ في تعزيز الاقتصاد الوطني والحركة التجارية
وفي هذا الإطار، تعدّ توسعة ميناء جن جن خطوة هامة لتعزيز وترقية الاقتصاد الوطني، من خلال تعزيز التجارة الخارجية للجزائر، خاصّة في ظل التوجّه نحو تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على المحروقات، مع التحدّيات الاقتصادية الراهنة التي يعرفها العالم، فبتحسين القدرة الاستيعابية والربط اللوجستي للميناء، يُتوّقع أن يتمكّن هذا الأخير من استيعاب حجم أكبر من الواردات والصادرات، مما يدعّم الاقتصاد الوطني الذي يشهد نهضة اقتصادية على مستويات عدّة..
كما تُساهم توسعة ميناء جن جن، في تحقيق أهداف السلطات العليا في البلاد في التوّجه نحو تنويع الاقتصاد الوطني من خلال تعزيز التجارة الخارجية وتطوير الصناعات المحلية، وتحسين كفاءة العمليات اللّوجستية، مما يُقلّل من التكاليف ويعزّز من تنافسية المنتجات الجزائرية في الأسواق العالمية، وتحسين الربط اللوجستي بين الميناء والمناطق الصناعية، مما يسهّل حركة البضائع ويُعزّز من التكامل بين مختلف القطاعات الاقتصادية.
خطـــوة استراتيجيـة
وتسعى الجزائر من خلال مشروع توسعة ميناء جن جن إلى رفع طاقته الاستيعابية إلى 26 مليون طن من البضائع العامّة و5 ملايين حاوية مكافئة سنويا، ما يعزّز حركة التجارة ويقلّل من تكاليف النقل، حيث يتضمّن المشروع تمديد كاسرات الأمواج الرئيسية على مسافة 3100 متر، إضافة إلى بناء رصيف بعمق 20 مترا، حيث تتطلب توسعة الميناء غلافا ماليا يقدر بـ310 مليار دج، ومن المتوقع أن يُسهم هذا التوسع في تحسين قدرة الميناء على استقبال السفن الكبيرة، ما يعزّز من حجم الصادرات ويُقلّل من تكاليف الشحن.كما تُعتبر توسعة ميناء جن جن خطوة هامة نحو تعزيز صادراتنا خارج قطاع المحروقات، مما يسهم في تنويع الاقتصاد الوطني وتقليل الاعتماد على المحروقات، إذ يُعتبر هذا الميناء من أبرز الموانئ الجزائرية التي تسهم في تصدير المنتجات غير النفطية، وهذا وفقًا لتصريحات مسؤولي هذه المنشأة الاقتصادية الهامة، فإن حوالي 50 بالمائة من الصادرات عبر الميناء تتكوّن من مواد خارج المحروقات، مثل الإسمنت، الحديد، المواد الفلاحية، والورق، سجلت سنة 2021. ومن شأن هذه التوسعة الرفع من قيمة السلع إلى مستويات كبيرة في إطار خطة الحكومة لتعزيز الصادرات خارج المحروقات وتشجيع المتعاملين الاقتصاديين على تصدير منتجاتهم ضمن أطر تنظيمية عالمية، ففي عام 2021، بلغ حجم الصادرات غير النفطية عبر الميناء نحو 3.5 مليون طن، وفق إحصائيات رسمية، مع توقعات بزيادة هذه الأرقام في السنوات القادمة.
وفي هذا الإطار، يُعتبر ميناء جن جن من الموانئ الاستراتيجية في الجزائر، من المتوقّع أن تؤدي توسعته إلى تعزيز القدرة التنافسية للجزائر في الأسواق الدولية، من خلال تحسين الربط مع الأسواق العالمية، وتطوير البنية التحتية البحرية واللوجستية، مما يعزّز الإيرادات الوطنية حيث بلغ حجم التبادلات التجارية عبر ميناء جن جن لغاية أكتوبر من السنة الماضية حوالي ثمانية ملايين طن من السلع، كما يؤدي استغلال هذه المنشأة البحرية لتسهيل عمليات الاستيراد، من خلال استقبال كميات أكبر من المواد الأولية والصناعية والسلع الوسيطة بتكلفة أقل، مما يدعّم الصناعات المحلية، والقطاعات الإنتاجية.
وتؤدي التوسعة إلى خفض التكاليف اللّوجستية، حيث تسهم توسعة الميناء في تقليل التكاليف اللوجستية من خلال تقليل زمن انتظار السّفن، مما يخفّض تكاليف التشغيل للشركات البحرية، إلى جانب تحسين كفاءة عمليات الشحن والتفريغ، مما يقلّل من تكاليف النقل الداخلي.
أما النقطة الأكثر أهمية، فتتمثل في مواكبة خطة السلطات العليا في البلاد الرامية لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية في الجزائر، بعد سنّ قانون الاستثمار 22/18، وذلك عبر توفير بيئة ملائمة تلبي احتياجات الشركات العالمية، الهدف منه هو زيادة التبادلات التجارية بين الجزائر وشركائها الاستراتيجيين.
حركيّة وانتعاش التّنمية المحليّة
وضمن هذا السّياق، فإن عملية توسعة ميناء جن جن، تؤثّر بشكل كبير على الاقتصاد المحلّي، حيث تُسهم في تعزيز التجارة البحرية ودعم الصناعات المحلية، إذْ يعمل الميناء بعد التحسينات التي تُجرى عليه حاليا، على تحسين الربط اللّوجستي عبر تعزيز شبكة الطرق السريعة والسكك الحديدية، مما يسهل نقل البضائع من وإلى الميناء بسرعة عالية
ولأن توسعة ميناء جن جن سيكون لها تأثير كبير على قطاع النقل في الجزائر، حيث ستسهم في تحسين البنية التحتية للنقل البحري والبرّي، وتعزيز كفاءة العمليات اللوجستية، فقد عملت السلطات العليا في البلاد على مواكبة التطوّر الحاصل في هذه المنشأة البحرية الهامّة، على تحسين الربط بين الميناء وشبكات النقل، حيث سيتم تطوير الطرق السريعة والسكك الحديدية المرتبطة بالميناء، مما يسّهل نقل البضائع بسرعة إلى مختلف المناطق الصناعية والتجارية المحلية مما يساهم في تعزيز شبكة الطرق وترقية التجارة الداخلية.
ومن ثمّ، فإن تطوير النقل البري واللوجستي، سيواكبه تحسين خدمات النقل بمختلف وسائله، سواء كان بالشاحنات أو القطارات لنقل البضائع من وإلى الميناء، ما يقلّل من زمن الانتظار ويزيد من كفاءة التوزيع، ناهيك عن تعزيز الاستثمارات في قطاع النقل، كما أن توسعة الميناء ستجذب شركات النقل والخدمات اللوجستية العالمية، مما يؤدي إلى تحسين جودة الخدمات وزيادة فرص العمل في هذا القطاع.
إلى جانب ذلك سيؤدي تحسين البنية التحتية للميناء بتسهيل عملية استيراد المواد الأولية وتصدير المنتجات المحلية مثل الحديد والصلب، مما يدّعم نموّ الصناعات المحلية، ويزيد من تنافسيتها عالميا، الى جانب خلق فرص عمل واستقطاب اليد العاملة، من خلال ضخ استثمارات ضخمة في البناء والتشغيل والنقل، مما يؤدي إلى توفير آلاف الوظائف المباشرة وغير المباشرة في قطاعّي النقل والخدمات اللوجستية، أمر يسهم في محاربة البطالة، واستغلال اليد العاملة الشابة من خريجي المدارس، الجامعات ومعاهد التكوين.
فوائـدٌ اقتصاديـة
تحمل توسعة ميناء جن جن فوائد اقتصادية كبيرة للجزائر، حيث تعزّز التجارة البحرية، تخفّض التكاليف اللوجستية، وتدّعم النموّ الاقتصادي للبلاد الذي هو في نموّ مستمر، من خلال زيادة القدرة الاستيعابية، إذ ستسمح هذه التوسعة بمعالجة أكثر من 26 مليون طن من البضائع العامّة، و5 ملايين حاوية مكافئة سنويًا، مما يعزّز حركة التجارة ويقلّل من تكاليف النقل، كما أن زيادة حركة النقل البحري بتوسعة الأرصفة وزيادة عمقها ستسمح باستقبال سفن أكبر، مما يعزّز حركة التجارة البحرية ويقلّل من تكاليف الشحن.
كما أن الحركية الاقتصادية للبلاد، ستتعزّز بالاستثمارات الأجنبية، حيث أن تحسين الميناء يجعله نقطة جذب للشركات العالمية التي تبحث عن مراكز لوجستية حديثة، مما يعزّز الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الجزائر، في اطار خطة الحكومة باستقطاب الاستثمارات الأجنبية خاصّة وأن الجزائر باتت وجهة مفضلة للأجانب مع عودة كبرى الشركات العالمية للاستثمار هنا.
وفي إطار تعزيز تواجد الجزائر في العمق الأفريقي ولعبها دورا محوريا باعتبارها أيضا بوابة نحو أوروبا، فإن استكمال مثل هذا المشروع، سيمكّن الأفارقة من تصدير منتوجاتهم نحو الضفّة المتوسطية الأخرى عبر بوابة الجزائر، حيث يساهم الميناء في ربح هذه الدول للوقت وكذلك تقليص التكاليف، بحسب تصريحات سابقة لمسؤولي هذه المنشأة البحرية.