أطلقت الأيام العلمية والتقنيـة الثانية عشرة من وهـران

سوناطـراك.. قاطـرة الاقتصـاد السيّد والتحوّل نحـو الاستدامة والابتكـار

حبيبة غريب

 ياسع: تنويع مصادر الطاقة أولوية استراتيجية والرّهان على الكفاءات الوطنية

حشيشي: التحوّل الرقمي والذكاء الإصطناعي.. محرّكات استراتيجية «سوناطراك» 

الأمين العام لـ«أوابك»: منصة حيوية تصنع الفارق في مستقبل الطاقـة العربـي

 افتتحت أمس الثلاثاء، بوهران الطبعة 12 للأيام العلمية والتقنية لمجمّع «سوناطراك»، بحضور وزير الصناعة سيفي غريب وكاتب الدولة لدى وزير الطاقة المكلف بالطاقات المتجدّدة نور الدين ياسع، والرئيس المدير العام لمجمّع «سوناطراك» رشيد حشيشي.

أكّد كاتب الدولة لدى وزير الطاقة المكلف بالطاقات المتجدّدة نور الدين ياسع، سعي الجزائر إلى تعزيز سيادتها التكنولوجية وتقوية التكامل الصناعي من خلال توطين سلاسل القيمة الإستراتيجية، لا سيما في قطاع الطاقة الشمسية.
وأبرز ياسع في كلمته بمناسبة افتتاح الطبعة 12 للأيام العلمية والتقنية لسوناطراك أنّ «المبادرات الملموسة، مثل الإنتاج المحلي للألواح الشمسية الكهروضوئية، تمثل خطوة أولى نحو تصنيع معدات الطاقة المتجدّدة، ويستحق هذا النوع من المشاريع التوسّع والدعم من قبل قطاع البحث والتطوير لتعزيز القدرات التكنولوجية الوطنية». وأضاف أنّ «تطوير الشركات الناشئة يعد أيضا رافعة أساسية لتحقيق هذا الهدف.
فمن خلال الإبتكار في مجالات الطاقة المتجدّدة والتخزين والشبكات الذكية والإدارة الذكية للطاقة -  يقول ياسع - «لا تُسهم هذه الشركات الناشئة في تنويع مزيج الطاقة فقط، بل أيضا في تقليل الاعتماد على المحروقات، مع تعزيز إمدادات مستدامة ومحلية ومرنة».
وأشار كاتب الدولة إلى أنّ «الجزائر، الغنية بمواردها الأحفورية والمتجدّدة، تواجه تحديا مزدوجا لتلبية الطلب المحلي المتزايد على الطاقة، نتيجة النمو السكاني والتنمية الإقتصادية والتوسّع العمراني، مع مراعاة الالتزامات الدولية لمكافحة تغيير المناخ»، لافتا إلى أنّ «هذا التحدي يتطلّب تحولا تدريجيا في نموذج الطاقة نحو مزيج أكثر استدامة، يجمع بين مصادر الطاقة الجديدة والمتجدّدة وتحسين كفاءة الطاقة مع خفض انبعاثات غازات الإحتباس الحراري».
وأردف قائلا: «بحلول عام 2050 سيستمر الطلب العالمي على الطاقة في النمو بسرعة، ولمواجهة هذا التطور أصبح تنويع مصادر الطاقة أولوية استراتيجية، ويشمل ذلك تعزيز الطاقات المتجدّدة (الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وطاقة الكتلة الحيوية وغيرها)، وتطوير طرق منخفضة الكربون من الغاز الطبيعي».
ويعد تحول الطاقة - يضيف كاتب الدولة - «أولوية استراتيجية للبلاد ويتطلب ذلك إطارا تنظيميا مناسبا واستثمارات موجّهة والتزاما قويا بالبحث والإبتكار»، مشيرا إلى أنّ «إنشاء وتعزيز بنى تحتية بحثية مخصّصة بالإضافة إلى تدريب الكفاءات الوطنية، سيكون أمرا أساسيا لدعم الإبتكار في قطاعات الطاقة الجديدة والمتجدّدة».
كما أعلن أنه سيتم تنظيم خلال هذه الأيام العلمية والتقنية، وبالتعاون مع المجلس الوطني للبحث العلمي والتكنولوجيات، يوما دراسيا يهدف إلى جمع كل الفاعلين في مجال الطاقة للتشاور وتبادل الآراء، بغية التوصّل إلى توافق وصياغة المبادئ التوجيهية واقتراح خارطة طريق لتطوير استراتيجية شاملة للطاقة في الجزائر، حيث يشمل هذا النهج تشجيع بحث علمي يشكل دعما للسياسة الطاقوية الوطنية من خلال دراسة كل السبل العلمية والإبتكارات في مختلف سلاسل القيمة، بهدف تحديث وتحسين أنظمة الطاقة.
كما يشمل برنامج هذه الأيام - يضيف ياسع - يوما يخصّص لشعبة الهيدروجين الأخضر، حيث تولي الجزائر اهتماما كبيرا لتطويرها بطريقة فعالة وتدريجية، من خلال تنفيذ استراتيجية وطنية تعتمد على عدة محاور، منها إنشاء بيئة مواتية تشمل الأطر التنظيمية والمؤسّساتية وتطوير رأس المال البشري، بالإضافة إلى مختلف طرق التمويل وتطوير الشراكة والتعاون الدولي.

خارطة طريق

 وذكّر الرئيس المدير العام لسوناطراك، رشيد حشيشي في افتتاح للأيام العلمية والتقنية، أنّ المجمّع وضع «خارطة طريق طموحة بهدف تقليص الغازات المحروقة إلى نسبة 1 بالمائة في آفاق سنة 2030، وتقليص نسبة الإنبعاثات المتسرّبة للميثان في منشآتها الغازية إلى أقل من 3 بالمائة»، ويأتي ذلك «انسجاما مع التزامات الجزائر بتوصيات اتفاق الأطراف المشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ الذي جرى اعتماده سنة 2015، والذي صادقت عليه بلادنا، يقول المسؤول ذاته، مبرزا أنّ «المسؤولية البيئية تستوجب منا تقليص البصمة الكربونية، وتحقيق التوازن بين متطلبات الإنتاج وحتميات الحفاظ على المنظومة البيئية».
وفي هذا السياق - يواصل حشيشي - تعمل «سوناطراك» من خلال سياستها الجديدة المتعلقة بالمناخ التي تم اعتمادها في فبراير 2025، على تطوير نظام فعال من أجل مراقبة ومتابعة هذا المسعى وذلك بالاعتماد في المقام الأول على قدرات البحث والتطوير التي تحوزها المؤسّسة من أجل التحكّم الفعال في البصمة الكربونية، حسب المتحدث الذي أشار إلى أنّ «ضمان انتقال طاقوي ناجح يتطلب منا العمل على اعتماد نموذج طاقوي بديل، حيث يبرز الغاز كعنصر مفضل من أجل الانتقال، والهيدروجين كعنصر رئيسي من أجل التخلّص من الكربون».
ويعد الحفاظ على البيئة والتنمية المستدامة كأولوية في مسار الإنتقال الطاقوي، مجالا من ثلاثة محاور تقوم عليها هذه الاستراتيجية التي يعيشها القطاع الطاقوي اليوم، ومن بين هذه المحاور التحديات الجديدة في مجال الإستكشاف والإنتاج للنفط والغاز، الذي «يشهد تحولات عميقة تدفع إلى المضي في رحلة دائمة للبحث عن حلول علمية وتطبيقية مبتكرة وأكثر كفاءة في استغلال الموارد الهيدروكربونية»، وفقا لحشيشي، الذي أضاف أنّ تحديات الإستكشاف في أعماق البحار والحقول غير التقليدية «تحتّم علينا اعتماد أدوات وتقنيات متقدمة تُسهم في تعزيز قدراتنا التنافسية وتحسين مردودية عملياتنا»، مشيرا إلى أنّ «معطيات وكالة الطاقة الدولية بينت أن قطاع النفط والغاز العالمي استثمر في عام 2023، قرابة 1000 مليار دولار في الإستكشاف والتطوير، ويتم اليوم توجيه حصة متزايدة منها أي نحو 15 بالمائة إلى التكنولوجيات الرقمية والحلول منخفضة الكربون». كما يعد محور التحول الرقمي محرّكا رئيسيا للنجاعة والشفافية في صلب هذه الاستراتيجية، حيث تعمل «سوناطراك» على دمج الذكاء الإصطناعي وأنترنت الأشياء.

مستقبل الطاقة

 من جهته، أكّد الأمين العام لمنظمة البلدان العربية المصدرة للبترول (أوابك)، جمال عيسى اللوغاني بالمناسبة، أنّ الأيام العلمية والتقنية لسوناطراك أصبحت «منصة استراتيجية تساهم في صنع الفارق بين حاضر ومستقبل قطاع الطاقة العربي».
واعتبر ذات المسؤول أنّ هذه التظاهرة «ليست مجرّد حدث دوري، بل هي منصة استراتيجية تساهم في صنع الفارق بين حاضر ومستقبل قطاع الطاقة العربي وتؤسس لجيل جديد من التعاون والإبتكار»، لافتا إلى أنّ هذه التظاهرة ستكون «منطلقا لمبادرات جديدة تخدم الصناعة الطاقوية في منطقتنا العربية». وأكّد اللوغاني على «الالتزام المستمر بتعزيز التعاون العربي المشترك ودعم الدول الأعضاء في تحقيق التنمية المستدامة والأمن الطاقوي، بما ينسجم مع رؤية هذه الدول ومصالحها ويساهم في توازن واستقرار أسواق الطاقة».
من جهته، أشار المدير التنفيذي للمركز الإقليمي للطاقات المتجدّدة وكفاءة الطاقة، حمدي زهير، إلى أهمية مواكبة التطورات العالمية المتسارعة في قطاع الطاقة في ظل ندرة الموارد الطاقوية وتغير المناخ، حيث أصبح التحول نحو الطاقة النظيفة «أمرا حتميا».
من جانبها، شدّدت مفوضة الاتحاد الإفريقي للبنية التحتية والطاقة، ميراثو دوروتي ماتابوجي، على أهمية «تعزيز التعاون الإفريقي المشترك في قطاعات طاقوية إنتاجية، خاصة ما تعلّق بالبحث العلمي في المجال الطاقوي».

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19805

العدد 19805

الثلاثاء 24 جوان 2025
العدد 19804

العدد 19804

الإثنين 23 جوان 2025
العدد 19803

العدد 19803

الأحد 22 جوان 2025
العدد 19802

العدد 19802

السبت 21 جوان 2025