الخبـير الاقتصـادي الهـواري تيغرسي لـ”الشعـب”:

الاستقلال الاقتصـادي رسّـخ الشفافيـة وخـدم المواطن

فضيلة بودريش

تقويـة التحفيز الضريبـي.. توسيـع الوعــاء الجبائــي وإنشاء منصــّات للتصريح  

تقليــص التأخـــير ومكافحـة الفســاد الإداري

تعميـق التكنولوجيــا الماليـة وتعزيــز الشمــول المالـي

سلط الخبير الاقتصادي الهواري تيغرسي، الضوء على الخطوط العريضة لإصلاحات المنظومة المالية، واستفاض في شرح آثارها الإيجابية على صعيد تعميق شفافية الأداء وتلاشي الفساد وقطع أشواط معتبرة من الحوكمة بفضل تعميم الرقمنة، ويتوقّع أن تؤدي الرؤية الإستراتيجية المجسّدة إلى المزيد من التحوّل الاقتصادي الواعد للمنظومة الإنتاجية، ودعا إلى تعميق الرقمنة والتكنولوجيا المالية وتعزيز الشمول المالي.

في البداية ركّز الدكتور الهواري تيغرسي، على أهم الإصلاحات المدرجة منذ عدّة سنوات وشملت المنظومة المالية والمصرفية، وبدأت تتضّح معالم الجهود المبذولة بفضل رؤية وتوجيهات رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، ولم يخف الخبير، أنه خلال المراحل السابقة أصبحت الجزائر، تعتمد على توفير مداخيل وموارد مالية بالعملة الصعبة خارج قطاع المحروقات، تفاديا لأي تأثيرات لأزمات سياسية خارجية أو تذبذب في الأسواق العالمية، وانطلقت الإصلاحات بحسب تأكيد الخبير، من بينها أدوات السياسة المالية، لأنه تم على إثر ذلك اعتماد قانون مالية ذا طابع توسيعي وضبط مالي للميزانية، على خلفية أن حرص الحكومة يكمن في الولوج التدريجي لتقليص أي عجز في الميزانية من دون التأثير على النفقات الاجتماعية الأساسية.
 مشيرا في نفس السّياق إلى النفقات الاجتماعية المعتبرة والكبيرة المرصودة خلال هذه السنة.

مرونة وتحديث الجباية

وتناول الخبير أهمية اعتماد قانون المالية العضوي على اعتبار أن الهدف من قانون المالية، تكريس مبدأ الشفافية في الميزانية وربط الإنفاق العمومي أو الميزانية بالأداء بالمراحل القادمة، وعلى ضوء ذلك، أصبحت الميزانية قائمة على البرمجة الثلاثية أي كل ثلاث سنوات، بمعنى.. كيف يتم إيجاد تخطيط للميزانية خلال هذه المدة الزمنية؟.. وذكر الخبير أنه إلى جانب ذلك تم تسجيل إعداد الميزانية على أساس النتائج وليس الإنفاق.
وتطرّق الخبير تغرسي بشكل دقيق ومستفيض إلى جهود إصلاحات النظام الجبائي وتوسيع الوعاء الضريبي، مسجلة نتائج إيجابية ومتقدّمة، انعكست كثيرا على نجاعة المنظومة الجبائية بفعل تحديثها وإضفاء المزيد من المرونة والفعّالية وكذا الدّقة، وكان الهدف كذلك استقطاب المزيد من  الموارد المالية وتقوية التحفيز الضريبي ورفع التحصيل الضريبي إلى مستوى لا يقلّ عن سقف 80 بالمائة مستقبلا. كما تحدّث الخبير عن تذليل مختلف
العراقيل والمتمثلة في مسح بعض الضرائب على غرار إلغاء الرسم على النشاط المهني في قانون المالية 2024. واستعرض تغرسي سلسلة من المكاسب المحقّقة في الإصلاحات المالية، من بينها، تبني خطة واضحة لتوسيع الوعاء الجبائي من خلال تفعيل عملية التحصيل الضريبي ورقمنة المنظومة الجبائية، وإلى جانب إنشاء منصّات للتصريح
والدفع الالكتروني، في انتظار توسعة الدفع الالكتروني، وبالموازاة مع ذلك قال الخبير، إنه تم اعتماد نظام الفوترة الالكترونية في عديد القطاعات مثل الكهرباء والبنوك والمياه وما إلى غير ذلك، وبالإضافة إلى إعداد سجل وطني موّحد للملزمين بالضريبة، وتحصيل إلكتروني للرسوم والضرائب، والرفع من سقف الشفافية وتحسين العلاقة بين الإدارة الجبائية والمواطن من خلال تبسيط الإجراءات، وكذا تحويل الاقتصاد الموازي إلى نطاق الدائرة الرسمية، وإطلاق تحفيزات جبائية، من بينها كل ماهو موجّه للمقاول الذاتي.
ومن بين الإصلاحات المهمة المنتظر منها الكثير والمزيد من النتائج الايجابية، تطرّق الخبير تغرسي إلى إصلاح الدعم الاجتماعي، على اعتبار أن قانون المالية 2022 حث على توجيه النفقات الاجتماعية خاصة الدعم للمواد
الأساسية، ووضع مشروع للسّجل الاجتماعي الموّحد، وأثار الخبير في هذا المقام مسألة ضبط النفقات وتحقيق التوازن المالي على خلفية أن ما لا يقل عن 44 مليار دولار للنفقات موجّهة للدّعم الاجتماعي.

استقطاب أموال السّوق الموازية

ومن أبرز مظاهر إصلاحات القطاع المالي والمصرفي غير المسبوقة والثمينة اقتصاديا وتنمويا، ذكر الخبير جملة من الإنجازات شملت إطلاق خدمات الدفع عبر الهاتف بهدف توسيع الشمول المالي، كما ألزمت الحكومة عملية تحديث الدفع الرقمي والمنصات الإلكترونية، إلى جانب إدراج منتجات خدمات المالية الإسلامية على مستوى البنوك العمومية، بهدف توسيع قاعدة الدفع وخصّصت العديد من الفروع على مستوى البنوك الأجنبية.
ووقف الخبير على تحيين آليات الرقابة على السيّولة ومتابعة الاستدامات البنكية وتشجيع الحكومة للبنوك من أجل تمويل المؤسسات الناشئة والصغيرة على وجه الخصوص، وفتح الحسابات البنكية عن بعد، وهذا ما لم يكن موجودا من قبل، بالإضافة إلى تقديم الخدمات من دون تنقل.
وبخصوص إصلاحات الخزينة العمومية وتحسين تسيير النفقات، أكد
الخبير الاقتصادي تغرسي، أنه تم  رقمنة الخزينة العمومية وربطها بالإدارات الأخرى، كما استفادت من تحديث نظام المعلومات، وأوضح في سياق متصّل أن هذا هو الهدف من القانون العضوي للمالية من أجل تعميم الرقمنة بما يسمح بمتابعة الميزانية بسرعة وتفعيل أنظمة الدفع والتحويل المالي للنفقات، مما قلص من التأخير والفساد الإداري وتوحيد الحسابات العمومية من أجل تحصيل الكفاءة المالية، ووضع نظام جديد لمتابعة الدين العام الداخلي والخارجي وإنشاء خلايا تحليل ومراقبة داخلية للخزينة على مستوى الوزارات، وكذلك ذكر الخبير تغرسي تفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص لإنشاء مشاريع البنية التحتية دون أعباء مباشرة على الخزينة في عدّة قطاعات مثل الصّحة والتعليم والنقل والطاقة.
وخلص الخبير إلى القول، أن الإصلاحات المالية الواسعة المكرسة خلال السنوات الأخيرة، ساهمت في تحسين الأداء الاقتصادي وتكريس الشفافية ومشاركة مختلف المؤسسات التمويلية، ويعتقد أنه ينتظر صدور مراسيم تنفيذية لقانون النقد والقرض، لتقفز هذه الإصلاحات إلى مستوى أبعد، ودعا من جانب آخر إلى استقطاب المزيد من أموال السوق الموازية، وتعميق الرقمنة وترسيخ التكنولوجيا المالية وتعزيز الشمول المالي وبالإضافة إلى فتح مجالات التمويل الإسلامي خاصّة لفائدة المؤسسات الناشئة.

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19813

العدد 19813

الخميس 03 جويلية 2025
العدد 19812

العدد 19812

الأربعاء 02 جويلية 2025
العدد 19811

العدد 19811

الثلاثاء 01 جويلية 2025
العدد 19810

العدد 19810

الإثنين 30 جوان 2025