ورشات متكاملة تضــع التـوازن البيئـي في قلـب أولوياتهـا
مشاريــع الهيـدروجين الأخضــر تحظـى باهتمــام خــاص
بخُطى واثقة ورؤية متفائلة، تتجّه الجزائر لتكون من أبرز الفاعلين في سوق الطاقة النظيفة على الصعيدين الإقليمي والدولي، مستثمرة قدراتها الطبيعية الضخمة وموقعها الاستراتيجي. ويبرز هذا التوجه في إطار مزيج طاقوي يجمع بين المصادر التقليدية والبديلة، ويعد بتحقيق أثر بعيد المدى على خارطة الطاقة العالمية، خصوصاً في ظل ما يشهده العالم من تحولات بيئية وتكنولوجية متسارعة.
وتحظى مشاريع الهيدروجين الأخضر باهتمام خاص، حيث شرعت الجزائر فعلياً في إطلاق دراسات استراتيجية بالشراكة مع كبرى الشركات العالمية، بهدف إنتاج هذه المادة الحيوية ذات الانبعاثات المنعدمة. وتسعى البلاد من خلال هذه المبادرات إلى أن تتحوّل إلى محور إقليمي وعالمي لتزويد الأسواق الأوروبية بالطاقة النظيفة، ضمن “خط أخضر” جديد يعزّز مكانتها كمورد موثوق ومستدام.
ورغم أن الطاقة الأحفورية لا تزال تهيمن على أسواق الإنتاج والاستهلاك، إلا أن الجزائر تسير بثبات نحو التحوّل الطاقوي، من خلال مشاريع متكاملة تضع الأمن الطاقوي والتوازن البيئي في قلب أولوياتها. ويعتمد هذا التحول على تنويع المصادر والرفع التدريجي المدروس لحصة الطاقات المتجدّدة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ما يسهم في بناء منظومة طاقوية منخفضة الكربون تدعم التنمية المستدامة.
هذا التوجه لم يكن وليد اللحظة، إذ أدركت الجزائر مبكراً أهمية التحوّل نحو الطاقة النظيفة، فرسمت الرؤية وحددت الاستراتيجية، وها هي اليوم تعبّد الطريق بمشاريع طاقوية متنوّعة تركز على خيار التنوّع باعتباره السبيل الأمثل لبناء اقتصاد قوّي ومتين.
ويشهد القطاع تنسيقاً محكماً بين مختلف الهيئات الحكومية، لضمان سير مشاريع الطاقات المتجدّدة في عدّة ولايات، لا سيما في المناطق الصحراوية، حيث تتوفر إمكانيات هائلة للاستغلال.
وتؤكد هذه المشاريع على ضرورة مواصلة الجهود من أجل بناء مزيج طاقوي متوازن لا يقتصر على الموارد التقليدية، بل يمنح الطاقات النظيفة مكانتها المستحقة في المستقبل الطاقوي للبلاد.
كما يمثل تطوير البنية التحتية عنصراً محورياً في هذا التحوّل، حيث تعمل الجزائر على تشجيع الاستثمار في قطاعات جديدة، مثل الليثيوم والطاقة الشمسية، بما يدّعم رفع كفاءة القطاع الطاقوي وتحسين مردوديته. وتسعى الدولة إلى تعزيز موقعها كمورد موثوق في السوق العالمية، خاصة في ظل الرهانات المتزايدة على مصادر الطاقة النظيفة.
ويُنتظر أن يشكل الهيدروجين الأخضر أحد أعمدة الاستراتيجية الجزائرية المستقبلية، كرافد طاقوي استراتيجي يعكس التحوّل السلس الذي يعيشه القطاع، ويضاف إلى سلسلة إنجازات تشمل التوسّع في استغلال الطاقة الشمسية والرياح، وتحفيز الصناعيين على تبني الحلول البيئية لخفض البصمة الكربونية.
بهذه الديناميكية المتسارعة، تؤكد الجزائر عزمها على دخول مرحلة جديدة من تاريخها الطاقوي، قائمة على الابتكار والاستدامة والتنوّع، بما يضمن لها مكانة رائدة في عالم ما بعد النفط.