توزيـــع عــادل للطلبــة على مختلف التخصصـات والمؤسســات
تعرّف حاملو شهادة البكالوريا، هذا الأسبوع، على نتائج التوجيه الجامعي الأولي للسنة الجامعية 2025-2026، وهي مرحلة حاسمة تحدد المسار الأكاديمي للطلبة الجدد وتتوج مسارا رقميا دقيقا، انطلق منذ صدور المنشور الوزاري رقم 01، المؤرخ في 14 جويلية 2025، المتعلق بالتسجيل الأولي وتوجيه حاملي شهادة البكالوريا للسنة الجامعية 2025-2026، الذي حمل رؤية جديدة في التوجيه ارتكزت على أربعة معايير متكاملة هي المعدل العام أو الموزون، رغبات الطالب، قدرات الاستيعاب البيداغوجي، والانتماء الجغرافي، غير أن التجديد الأبرز يتمثل في التفاعل الرقمي من خلال منصة TawdjihCom، التي سمحت للطالب بالمشاركة الفعلية في هندسة مستقبله الجامعي، بدل التوجيه الآلي الذي طبع المراحل السابقة.
عبر المنصة الرقمية المخصصة للتسجيلات الجامعية orientation-esi.dz تعرف الطلبة الحاصلين على شهادة البكالوريا لدورة 2025، على نتائج التوجيه الجامعي الأولي، وذلك في ختام المرحلة الأولى من عملية التسجيلات المسبقة التي امتدت من 16 إلى 23 جويلية 2025، وقد مثل هذا الحدث محطة مفصلية في المسار الأكاديمي للطلبة الجدد، بعد اختيار رغباتهم عبر بطاقية التوجيه الرقمية التي أتاحت لهم ما بين 6 إلى 10 خيارات، على أن تنطلق المرحلة الثانية من التسجيلات الجامعية بداية من 10 أوت إلى 15 أوت 2025، وتخصص هذه المرحلة لحاملي شهادة البكالوريا الجدد الذين لم يتحصلوا على أي اختيار من اختياراتهم الأولى خلال التوجيه الأولي.
ازدواجية الشهادات وتعدد المسارات
وفق لما تضمنه المنشور رقم 01 المؤرخ في 14 جويلية 2014، تم اعتماد توجيه آلي نحو التكوينات والمؤسسات التعليمية العليا في الجزائر ارتكز على أربعة معايير أساسية، تضمن توزيعا عادلا للطلبة على مختلف التخصصات والمؤسسات، وهي أولا نتائج امتحان البكالوريا وشعبة البكالوريا من خلال المعدل العام والمعدل الموزون، الذي يراعي المواد الأساسية حسب التخصص، بالإضافة إلى شروط خاصة ببعض التخصصات أو مجالات التكوين، ثانيا الرغبات المعبر عنها من قبل حامل شهادة البكالوريا، بحيث أخذت تفضيلات الطلاب بعين الاعتبار، مما يؤكد أهمية قيام كل حامل بكالوريا بملء بطاقة رغباته بطريقة مدروسة واستراتيجية، ثالثا قدرات استيعاب مؤسسات التعليم والتكوين العالي، ويضمن هذا المعيار أن عدد الطلاب الموجهين إلى تخصص معين يتوافق مع القدرات المادية والبيداغوجية للمؤسسات، رابعا وأخيرا الدوائر الجغرافية، بحيث يمكن أن يؤثر الانتماء الجغرافي لحامل البكالوريا على توجيهه، خاصة بالنسبة للتكوينات الحضورية، وذلك لتسهيل الوصول إلى التعليم العالي على المستوى المحلي أو الجهوي.
ويسمح لحامل شهادة البكالوريا الجزائرية أو شهادة أجنبية معادلة لها بالتسجيل في التعليم العالي في مسار تكوين حضوري أو عن بعد، أو حتى متابعة مسارين تكوينيين مختلفين بالتوازي للحصول على شهادة مزدوجة، شريطة توفر المقاعد البيداغوجية وشروط الوصول الخاصة بكل تكوين، ويستثنى من ذلك حاملو عدة شهادات بكالوريا، الذين لا يمكنهم الاستفادة إلا من تسجيل حضوري واحد.
أما المعدلات الموزونة المحسوبة حسب تخصصات وميادين التكوين، فتسمح لحاملي البكالوريا بتقييم أفضل لفرصهم في الوصول إلى التخصصات المرغوبة، إذ يهدف نظام الحساب هذا إلى مواءمة المتطلبات الأكاديمية مع ملفات حاملي البكالوريا، مما يضمن توافقا أفضل بين الكفاءات المكتسبة واحتياجات التخصصات الجامعية.
وبالرغم من الانفتاح على التكوين المزدوج وتعدد المسارات، يبقى الالتحاق ببعض التخصصات مرهونا بمعدلات دنيا، أو حتى بمقابلات شفوية، كما هو الحال بالنسبة للمدارس العليا للأساتذة، أو تخصصات الطب، وعلوم الصحة، والرياضة، ويلزم المنشور الطلبة الجدد بالخضوع لمراحل توجيه دقيقة قبل الالتحاق النهائي، وهو ما يعكس توجها نحو الانتقاء البيداغوجي أكثر من التوجيه الآلي.
منصة رقمية وتوجيه ذكي
اعتمدت وزارة التعليم العالي، الرقمنة الكاملة لعملية التسجيل المسبق والتوجيه، وجعلت استخدام المنصات الإلكترونية المخصصة إلزاميا، بحيث يجب على حامل البكالوريا الاتصال بالموقع الإلكتروني المتخصص، https://www.orientation-esi.dz، باستخدام رقم البكالوريا ورمز التسجيل المسبق الخاص به على هذه المنصة، للاطلاع على قائمة التكوينات المتاحة، سواء كانت حضورية أو عن بعد، وملء بطاقة رغباته.
من الجوانب الحاسمة في هذه المرحلة هو تقديم بطاقة الرغبات، التي يجب أن تحتوي على 6 خيارات كحد أدنى و10 خيارات كحد أقصى، ومن الضروري أن يدرج حامل البكالوريا ضمن هذه الخيارات مسارين تكوينيين على الأقل في الليسانس يتبعان التسجيل الجهوي أو المحلي، ويتم تقديمهما في مؤسسة تعليم عالي تابعة لدائرته الجغرافية، ويهدف هذا الإجراء إلى ضمان توزيع عادل للطلاب وتحسين استخدام القدرات الاستيعابية الجهوية.
ووفرت الوزارة الوصية بوابة رقمية تفاعلية، “بوابة البكالوريا”، يمكن الوصول إليها عبر الموقع الإلكتروني أو تطبيق الهاتف المحمول، توفر هذه البوابة لحاملي البكالوريا نسخة رقمية تفاعلية من المنشور الوزاري السابق الذكر، مما يسمح لهم بتحديد التخصصات المسموح بها بناء على نتائج البكالوريا وشعبتهم، كما توفر معلومات إضافية حول الخدمات الجامعية (الإقامة، النقل، المنح، الإطعام)، مما يسهل دمج الطلاب الجدد في البيئة الجامعية، على أن تتم معالجة بطاقات الرغبات بطريقة آلية، مع الأخذ في الاعتبار معايير التوجيه الأربعة المذكورة سابقا.
وتم نشر نتائج هذه المعالجة على الموقع الإلكتروني المخصص، ودعي حاملو البكالوريا إلى مراجعة هذه المنصة بانتظام للاطلاع على توجيههم، وفي حالة عدم الحصول على أي من الخيارات المعبر عنها، يتم اقتراح عملية تسجيل مسبق ثانية، مما يسمح لحامل البكالوريا بتقديم بطاقة رغبات جديدة بستة خيارات، بما في ذلك مساران إلزاميان في الليسانس للتسجيل الجهوي أو المحلي، مع احترام المعدلات الدنيا للوصول والمقاعد البيداغوجية المتاحة، يتم دفع رسوم التسجيل النهائي أيضا إلكترونيا، حصريا عبر بطاقة “الذهبية”، بعد الحصول على التوجيه، وتهدف هذه الرقمنة إلى تبسيط الإجراءات الإدارية وجعل العملية أكثر سلاسة للطلاب.
مقاربة مرنة في التوجيه...ولكن بشروط
حدد المنشور الوزاري أيضا حالات تسجيل خاصة، لضمان الانصاف، نذكر منها تسجيل حاملي البكالوريا الجزائريين الحاصلين على بكالوريا خاصة (دورة 2025) على سبيل المثال بكالوريا تقنية أو مهنية، بحيث لا يخضع هؤلاء المرشحون لعملية التسجيل المسبق والتوجيه عبر الموقع الإلكتروني المتخصص، بل يقومون بتسجيلهم النهائي مباشرة على مستوى مؤسسة التعليم العالي التي يختارونها، وفقا لشروط الوصول والمعدلات الدنيا المنصوص عليها في التعميم لكل تكوين، ويتوجب عليهم تقديم النسخة الأصلية من شهادة البكالوريا الخاصة بهم عند التسجيل، والذي يتم عادة بين 20 و30 أوت 2025.
أما بالنسبة لحاملي البكالوريا الجزائريين الذين تحصلوا على بكالوريا أجنبية، فهم ملزمون بتقديم طلب معادلة لشهادتهم عبر المنصة الإلكترونية https://progres.mesrs.dz/webequivalence/ قبل أي تسجيل جامعي، وبمجرد الحصول على المعادلة، يمكنهم تقديم ترشحهم بين 20 و30 أوت 2025 على منصة PROGRES، باختيار واجهة “جزائري حامل لبكالوريا أجنبية”، وسيتم تخصيص رقم تسجيل خاص بهم (يبدأ بـ 9DZA). بعد ذلك، سيتعين عليهم التعبير عن 6 خيارات، بما في ذلك مساران إلزاميان في الليسانس للتسجيل الجهوي أو المحلي، مع احترام الشروط البيداغوجية والمعدلات الدنيا للوصول، ويتم تأكيد التسجيل النهائي بدفع الرسوم إلكترونيا عبر بطاقة “الذهبية”.
وبخصوص تسجيل المرشحين الأجانب المستفيدين من منح الحكومة الجزائرية أو أبناء الدبلوماسيين المعتمدين في الجزائر، والمرشحين الأجانب الحاصلين على بكالوريا أجنبية أو جزائرية، فتخضع هذه الفئات من المرشحين لأحكام خاصة تحددها المصالح المكلفة بالتعاون الدولي داخل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي. أما المرشحون الأجانب الحاصلون على بكالوريا جزائرية، فيخضعون لنفس قواعد التسجيل المسبق والتوجيه والتسجيل النهائي المطبقة على حاملي البكالوريا الجزائريين.
تسجيل المرشحين الأجانب
في إطار برنامج Study in Algeria ووفقا للمرسوم التنفيذي رقم 20-33 المؤرخ في 2 فيفري 2020، يمكن للطلاب الأجانب الترشح للتسجيل في مؤسسات التعليم العالي الجزائرية لمتابعة تكوين يؤدي إلى الحصول على شهادة تعليم عالي (ليسانس، ماستر، دكتوراه، مهندس دولة، مهندس معماري، ومسارات التكوين في العلوم الطبية)، تتم الترشيحات عبر المنصة المخصصة https://studyinalgeria.dz.
من جهة أخرى، يسمح لحاملي البكالوريا في مؤسسات التكوين العالي التابعة لقطاعات وزارية أخرى والمؤسسات الخاصة للتكوين العالي المعتمدة من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لدى حاملي البكالوريا الجدد، التسجيل في مؤسسات التكوين العالي التابعة لوزارات أخرى (تحت الوصاية البيداغوجية لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي) أو في المؤسسات الخاصة المعتمدة، ويتم تفصيل شروط الوصول ومسارات التكوين المقدمة من قبل هذه المؤسسات، مما يسمح للطلاب بتنويع خياراتهم وفقا لتطلعاتهم والمعايير الخاصة بكل مؤسسة.
في ظل التحولات العميقة التي تعرفها منظومة التعليم العالي، تواصل الجزائر مسار الإصلاح الشامل لقطاع التعليم، والانتقال بالجامعة من التسيير التقليدي إلى نمط رقمي تفاعلي، يراعي مؤشرات الجودة، الكفاءة، والعدالة.
