رئيس مجلس الاستثمار والتعاون الدولي..حمروني إسماعيل لـ”الشعب”:

الجزائـر قــوة اقتصادية صاعــدة في إفريقيــا وحــوض المتوســط

سفيان حشيفة

تنويــع مصادر الدخـل والتحرر من تبعيــة المحروقـات..هدف يتحقق

احتياطيـات العملـــة الصعبـة منحـت الجزائـر مرونـة ماليــة

تحسين مؤشـرات الحصول علــى العقار الصناعي والكهرباء وتراخيص البناء

زيادة الشفافيـة والفعالية خاصة تجاه المستثمرين والمتعاملين الاقتصاديين

أفاد رئيس مجلس الاستثمار والتعاون الدولي، حمروني إسماعيل، أن الجزائر تشهد تحولا اقتصاديا لافتا، مدعوما بإصلاحات جريئة ورؤية رشيدة واضحة من قِبل رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، تتجه بالبلاد نحو تنويع مصادر الدخل الوطني والتحرر من التبعية لقطاع المحروقات.

أكد حمروني إسماعيل، في تصريح أدلى به لـ«الشعب”، أن ما يحدث في الجزائر من نهوض اقتصادي ليس مجرد حركة إصلاحية بسيطة أو تعديلات عابرة، بل هو مسار انتقالي شامل يهدف إلى ترسيخ مكانة بلد الشهداء كقوة اقتصادية رائدة في قارة إفريقيا والحوض المتوسطي.
وأوضح حمروني أن الجزائر باشرت إصلاحات اقتصادية طموحة، منذ سنة 2020، أبرزها إصدار قانون جديد للاستثمار رقم 22-18 الذي صار حجر الزاوية في إستراتيجية جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، حيث ألغى لأول مرة قاعدة 51/49 في معظم القطاعات، وقدّم حوافز وضمانات غير مسبوقة للمستثمرين من الداخل والخارج، مما فتح أبواب انخراط كبير لرجال الأعمال والمتعاملين الاقتصاديين في الدورة الإنتاجية الوطنية.
وشملت هذه الحوافز، إتاحة إعفاءات ضريبية وجمركية تصل إلى 10 سنوات في بعض المجالات، وضمانات هامة مثل الحق في تحويل رأس المال والعوائد، وبند الاستقرار القانوني الذي يحمي المستثمرين من التغيرات التشريعية المفاجئة، وكذا توسيع نطاق التحكيم الدولي لفض النزاعات، بحسب قوله.
كما تم تبسيط إجراءات ممارسة الأعمال بشكل واضح، وهو ما انعكس على تحسين مؤشرات الحصول على العقار الصناعي والكهرباء وتراخيص البناء، ووفر بيئة أكثر جاذبية للمشاريع والاستثمارات في شتى القطاعات الإنتاجية كالصناعة والفلاحة والمناجم والسياحة، مع رقمنة الخدمات الإدارية عبر وكالة ترقية الاستثمار (AAPI)، وتطوير عمل نظام موانئ الجزائر محوريا، وتسهيل وتسريع إجراءات المصدرين والمستوردين، من خلال منصة رقمية موحدة وشاملة.
وأدت هذه الإصلاحات الناجعة - يقول محدثنا - إلى تحقيق نمو قوي في الناتج المحلي الإجمالي غير البترولي وبلوغه 267 مليار دولار سنة 2024، ولكن لا تزال التحديات قائمة في ما يتعلق بمواصلة السير على هذا النهج حتى بلوغ الغايات الوطنية المسطرة، وتسريع وتيرة التنفيذ الكامل والسريع للمشاريع المسجلة لدى الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار التي تجاوزت أكثر من 15.500 مشروعا جديدا، والاستمرار في مكافحة البيروقراطية وإزالة كل ما من شأنه إعاقة نشاط المستثمرين.
وبالتوازي مع جهود تنمية الاقتصاد الوطني - يضيف المتحدث - شهدت الجزائر خطوات ملموسة لدعم القدرة الشرائية للمواطنين، مثل الزيادات في الأجور، ورفع منح البطالة ومعاشات المتقاعدين والفئات الهشة في المجتمع، وهذا ما  أسهم في تحسين المعيشة وازدياد وتيرة الاستهلاك، التي عادت بدورها بالفائدة على قطاع التصنيع المحلي في مختلف المجالات.

حصانة أمام الارتدادات الاقتصادية العالمية

ويرى رئيس مجلس الاستثمار والتعاون الدولي، حمروني إسماعيل، أن الجزائر صارت تتمتع بمرونة مالية نسبية بفضل احتياطياتها من العملة الصعبة الكبيرة التي تجاوزت 70 مليار دولار في عام 2024، وانعدام ديونها الخارجية، واستثنائها من التعرض للضغوطات وهيمنة المؤسسات المالية الدولية.
وأبرز حمروني أن هذا الوضع المريح وفر للجزائر هامشا كبيرا للمناورة في مواجهة التقلبات الاقتصادية العالمية، كما وفر لها القدرة على التكيف مع الاضطرابات الجيوسياسية الحاصلة في عدد من المناطق مثل الشرق الأوسط والساحل الإفريقي، ومع ذلك، لا تزال البلاد عرضة لتقلبات أسعار المحروقات العالمية، حيث يشكل النفط والغاز حوالي 40 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي و90 بالمائة من صادرات الدولة.
ولمواجهة هذه التحديات، تسعى الجزائر جاهدة لتنويع اقتصادها، ودعم وتشجيع الإنتاج المحلي من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي في مختلف المنتجات الصناعية والغذائية والفلاحية والدوائية، وعدلت من سياستها المالية تدريجيا لضمان الاستدامة، وعززت نظامها النقدي والمالي عبر استصدار قوانين جديدة منظمة للقطاع لزيادة الشفافية والفعالية خاصة تجاه المستثمرين والمتعاملين الاقتصاديين.

الجزائر بوابة إفريقيا الآمنة

من جهة أخرى، اعتبر حمروني موقع الجزائر الجغرافي الاستراتيجي جسرًا آمنًا يربط بين قارتي أوروبا وإفريقيا، وميزة جيواقتصادية فريدة لا تقدر بثمن، فهي أكبر دولة في إفريقيا والشرق الأوسط من حيث المساحة، ما يتيح لها الوصول السهل إلى أسواق واسعة تضم مئات الملايين من المستهلكين.
وتمتلك الجزائر بنية تحتية متطورة تشمل شبكات الطرق السيارة، والسكك الحديدية الطويلة وحديثة جرى تطويرها عن كثب، وموانئ حديثة، ومطارات دولية كثيرة، مما سهل حركة التجارة والاستثمار فيها، وجعلها نقطة عبور مرنة وسهلة نحو عمق إفريقيا، بحسب حمروني.
إلى ذلك، يتمتع بلد الشهداء باستقرار داخلي شامل مقارنة ببعض دول الجوار التي تشهد أزمات أمنية وسياسية واقتصادية، مع وجود وفرة في الموارد الطبيعية به، بما في ذلك إمكانات هائلة في الطاقة المتجددة “الشمسية والريحية” التي تعد مستقبل الطاقة النظيفة في العالم.
وقال رئيس مجلس الاستثمار والتعاون الدولي، حمروني إسماعيل، إن الموارد البشرية الجزائرية الشابة المكونة والمؤهلة في مختلف المجالات بجامعات ومعاهد الوطن، تشكل عامل قوة إضافي لكل قطاعات الإنتاج والاستثمارات الجديدة، مشيرا أن هذه المزايا، - جنبا إلى جنب مع قانون الاستثمار الجديد والحوافز المقدمة فيه - تجعل من الجزائر وجهة جاذبة للاستثمار الأجنبي في الصناعة الميكانيكية والتحويلية والطاقات المتجددة والزراعة والتعدين والسياحة وقطاع الخدمات اللوجستية وغيرها من الميادين الإنتاجية الحيوية.
جدير بالذكر أن الجزائر حققت في السنوات الخمس الماضية، نموًا اقتصاديًا متسارعًا باعتراف البنك الدولي وصندوق النقد، تجاوز 4 بالمائة، مع تراجع كبير في حجم التضخم من 9 % سنة 2023 إلى 4 بالمائة في عام 2024، نتج عن حركية إنتاجية كبيرة في القطاعات غير النفطية، متبوعة بتثمين واستصدار كثير من القوانين ذات الصّلة على غرار قانون العقار الاقتصادي، والقانون النقدي والمصرفي، وغيرها من الإجراءات والتدابير الإيجابية التي أحدثت نقلة نوعية في القطاعات الصناعية والمائية والزراعية والسياحية والمنجمية واللوجستية والطاقات المتجددة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19843

العدد 19843

الخميس 07 أوث 2025
العدد 19842

العدد 19842

الأربعاء 06 أوث 2025
العدد 19841

العدد 19841

الثلاثاء 05 أوث 2025
العدد 19840

العدد 19840

الإثنين 04 أوث 2025