في ظل التذبذب وموجة التوتر

أسعار النفط فوق 77 دولارا وتوازن السوق واستقرار الأسعار مرهون بقرارات توافقية

فضيلة بودريش

تمرّ وضعية أسعار سوق النفط في الوقت الحالي بمرحلة تذبذب حقيقية، في انتظار ما سوف تستقر عليه خلال الأسابيع المقبلة، وعلى ضوء إقرار دول منظمة «أوبك» وشركائها من المنتجين، نهاية الشهر الفارط، بالرفع في الإنتاج  بنحو750 ألف برميل يوميا، بداية من شهر جويلية الجاري، وفي ظل صعوبة التوقع بما سوف تسفر عليه التوترات التي تتسم بها الأسواق في الوقت الحالي، تبقى الأسعار فوق سقف 77 دولارا، في وقت يرجح فيه أن لا تتراجع عن مستوى 70 دولارا، برغم جميع المؤشرات المسجلة، وكذا العوامل الجيواستراتيجية التي يمكنها في أي لحظة من قلب المعطيات وتغيير معادلة العرض والطلب.

صحيح أنه بات من الصعب تأكيد أي احتمال حول ما سوف تستقر عليه السوق النفطية خاصة على المديين القريب والمتوسط، لكن يجب الأخذ بعين الاعتبار أن استقرار الأسعار وتوازن العرض والطلب من مصلحة المنتجين والمستهلكين على حد سواء، ولعل هذا الاتجاه الذي سعت في منحاه دول منظمة «أوبك» وشركائها من المنتجين المستقلين، تتصدرها روسيا في آخر اجتماع عقد بمقر المنظمة بـ «فيينا» وأسفر عن قرار زيادة محددة في الإنتاج، يعوّل عليها في تحقيق التوازن تخوفا من أي نقص في الإمدادات النفطية بالنسبة للدول الصناعية، على غرار كل من الصين والهند على وجه الخصوص، وفي ظل تراجع المخزونات الأمريكية.
وإن كان بعض الخبراء قد بدوا متشائمين، إلا أنهم يرجحون فرضية أن المستهلكين لن يقبلوا بأسعار تقارب  80 دولارا، لكن يستبعد أن تتهاوى أسعار النفط كما حدث بعد أزمة عام 2014، بل يترقب أن يحافظ برميل النفط على مستوى يقارب أويعادل 70 دولارا، حتى يبقى المستثمرون في المجال النفطي من الشركات الكبرى متحمسون من أجل مواصلة استثماراتهم الكبرى في التنقيب على الآبار النفطية.
علما أن آخر الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية على بضائع صينية في إجراء يرتقب أن يجعل الصين تفرض بدورها رسوم مماثلة،يرجح أن تشمل وارداتها من الخام الأمريكي، أدى إلى التأثير بشكل مباشر على أسعار النفط التي تراجعت بشكل طفيف، حيث تسببت في تراجع أسواق الأسهم، وأخذت هذه المنافسة التجارية بين أمريكا والصين طابعا يتوقع أن يكون شرسا في المستقبل.
لكن سرعان ما سجلت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي انتعاشا سمح بالزيادة بنحو13 سنتا أوما يعادل 0.2 ٪، عن التسوية السابقة إلى 73.07 دولار للبرميل. وبخلاف ذلك انخفضت العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت ستة سنتات، أوما يعادل 0.1٪، واستقر  سعر البرميل إلى 77.33 دولارا للبرميل.
 في ظل أجواء محمومة بالتنافس التجاري والإجراءات المضادة التي تتناوب عليها كل من الولايات المتحدة الأمريكية والصين، صارت السوق النفطية أول متأثر بفعل ردات الفعل السلبية، وفي ظل تمسك الصين بإرادة الرد على الرسوم الأمريكية، وأولى بوادرها ما سجل مؤخرا والمتمثل في تأجيل موانئ صينية كبرى في تخليص بضائع قادمة من الولايات المتحدة الأمريكية، بل أن بكين ذهبت إلى أبعد من ذلك، كونها تنوي يشكل قاطع فرض رسوم جمركية نسبتها لا تقل عن نسبة 25 ٪ على واردات الخام الأمريكية، رغم أنها لم تحدد موعدا لدخول  ذلك حيز السريان.
 الجدير بالإشارة، فإن حجم شحنات الخام الأمريكية التي تتدفق باتجاه الصين تناهز حوالي 400 ألف برميل يوميا، علما أن قيمتها المالية لا تقل عن حدود 1 مليار دولار شهريا بالأسعار الراهنة للسوق، وهناك من يرى في هذا المقام أن فرض الرسوم الجمركية عليها من شأنه أن يفقد الخام الأمريكي تنافسيته في الصين، وبلا شك أنه من شأن كل ذلك أن يدفع بتغيير العديد من المعطيات على الصعيد الاقتصادي والتجاري وكذا النفطي.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024