الكاتب ابراهيم قار علي :

لا اعتبر نفسي من الكتاب الذين يشتغلون في هذا اللون الأدبي

أمال. م

أوضح الكاتب ابراهيم قار علي لـ«الشعب” بأن الكتابات الساخرة تنهل من الواقع السياسي والاجتماعي الذي تعيشه الأمم والدول والأفراد والجماعات، وبالتالي فالكتابة الساخرة إنما تسخر من هذا الواقع بطريقة كاريكاتيرية أو تهكمية حين تتوجه بالنقد والانتقاد إلى مختلف الظواهر والمظاهر من أحداث يومية ومواقف سياسية وإعلامية، فيما أشار بأن الكتابة الساخرة هي الأخرى تساهم في صناعة الرأي العام إلى جانب رجال السياسة ورجال الإعلام، حيث إنها هي الأخرى تتأثر بالرأي العام وقد تؤثر فيه.
الجداريات محاولة في الرسم بالكلمات
يقول الكاتب ابراهيم قار علي حول واقع الكتابة الساخرة في الجزائر: “قد يكون أفضل ما أبدأ به الحديث عن الكتابة الساخرة أو الكتابة التهكمية هو ما ورد في كتاب القرآن الكريم، حيث نقرأ في سورة الأنبياء : {قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم * قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون}.
وانطلق في حديثه من خلال مشاركته في ندوة ثقافية تتمحور حول الكتابة الساخرة فيقول: “أعترف منذ البداية أن الأخ رياض وطار كان قد فاجأني عندما راح يدعوني إلى المشاركة في ندوة ثقافية عن الكتابة الساخرة، لأنني أعتبر نفسي لست من النقاد ولا من الكتاب الذين يشتغلون في هذا اللون الأدبي أو الصحفي، وقد رحت أقترح عليهم بعض الأسماء المعروفة في الساحة الثقافية والإعلامية في الجزائر. غير أن الصديق رياض الذي في كل مرة أرى فيه ريح عمي الطاهر وطار صاحب المقام الزكي، يكون قد فاجأني أكثر، وأنا أعتذر له عندما قال لي: لكنك تمارسها ونحن ما يهمنا هو تجربتك في هذا المجال !!!... وإذا كان الأمر يتعلق بكتاباتي الحائطية التي أنشرها على صفحتي التواصلية الاجتماعية، والتي تنشرها أيضا تحت عنوان جداريات بعض الجرائد المكتوبة وكذلك بعض والمواقع الالكترونية مثلما تبثها بعض القنوات التلفزيونية، فإنني أقول إن الجداريات ليست سوى محاولة في الرسم بالكلمات على حد تعبير الشاعر العربي الكبير نزار قباني.
ويواصل حديثه قائلا: “أذكر في بداياتي الإعلامية الأولى في مطلع عشرية التسعينيات قد كنت أعدّ في صحيفة جزائرية صفحة يومية تحت عنوان كل شيء على ما يرام!. حيث أتناول فيها بعض الأحداث وخاصة السياسية منها في قالب صحفي ساخر، وهذا ما جعل الأستاذ والصحفي القدير مصطفى هميسي الذي كان يشرف على القسم السياسي للجريدة يصفني بالكاتب الكاريكاتيري، وعلى ما أعتقد أن التجربة قد استمرت عامين وقد كانت هذه الصفحة من أكثر الصفحات مقروئية.
كما أضاف قائلا: “واصلت الكتابة الساخرة في بعض الجرائد الأخرى، وأتذكر في منتصف التسعينيات أن الصحفي القدير المرحوم عبد القادر طالبي كان قد اقترح عليّ صفحة أسبوعية بعنوان ديوان الصالحين!. ولكن التجربة لم تعمر طويلا واقتصرت على بعض الأعداد. كما لابد لي من غير أن أنسى أن الرسام الكاريكاتيري الشهير عبد القادر أيوب صاحب الجريدة الأسبوعية الساخرة الوجه الآخر، كان قد اقترح عليّ إلى جانب الصحفي الحبيب راشدين أن أتولى رئاسة التحرير في هذه الجريدة. إني أتبادل الكثير من الآراء والأفكار مع الكثير من الرسامين الكاريكاتيريين من مختلف الجرائد اليومية والعديد منهم يقترح عليّ أو يستأذنني في تحويل بعض الجداريات إلى رسومات كاريكاتيرية. وللأمانة العلمية أسجل أن الفنان الرسام الكاريكاتيري عبد الباقي بوخالفة قد اتصل بي وراح يستأذنني في توظيف إحدى أفكاري الجدارية في لوحة كاريكاتيرية، حيث قال لي “أستاذي المحترم، لقد قرأت عبارة في حائطك الذي تمتعنا به يوميا تقول فيها إن سكان الصحراء هم المحاربون الحقيقيون، فأردت أن أستعيرها في رسم كاريكاتوري فهلا أذنت لي”. ومنذ البداية رحبت بالفكرة وقلت للأخ عبد الباقي بوخالفة، لك ما تريد من جدارياتي ومن غير استئذان وإنني أتابع يوميا رسوماتك الجميلة التي تغني عن قراءة العشرات من المقالات. ولقد كان يتعلق الأمر بالجدارية التي أنشرها .... ولم يكن يقتصر الأمر على الرسامين الكاريكاتيريين فقط، بل كذلك كان يفعل الصحفيون من الكتّاب، حيث كانت الجداريات تتحول إلى مقالات تحليلية أو أعمدة صحفية.
فيما تحدث الكاتب ابراهيم قار علي عن التفاعل الذي وجده حول ما يكتب فيقول: “يتفاعل معي العديد من الصحفيين والكتّاب والقراء، حتى إن منهم من يشاركني في كتابة هذه الجدارية أو تلك، وذلك حينما يقترح عليّ أن أكتب في فكرة ما أو حادثة معينة من الأحداث اليومية وخاصة السياسية منها، وفي بعض الأحيان يقترح عليّ أحدهم أن أغيّر بعض العبارات أو الكلمات.  «وكم كان يسعدني مثل هذا التفاعل المباشر بين الكاتب والقارئ. أعتقد إن كتاباتي الحائطية والتي تتمثل في الجداريات، يكون قد ساهم في بلورتها هذا التطور التكنولوجي لوسائل الإعلام والاتصال ومختلف الوسائط الاجتماعية التي أحدثتها الثورة المعلوماتية. وإذا كنا نعيش الزمن الإلكتروني فلقد كانت تراودني الفكرة في الزمن الورقي وهنا أتحدث عن الصحافة المكتوبة أو الورقية قبل أن تتطور الصحافة الورقية وتظهر في شكل مواقع وجرائد في الفضاء الإلكتروني. ويكون من الغرابة أن الفضاء الإلكتروني الذي جعل العالم مجرد قرية كونية صغيرة، يجعلك تحلق أو تسبح وكأنما تسافر في الزمن بأسرع من سرعة الضوء. وبالتالي فإن الكتابة الساخرة إنما تسخر من هذا الواقع بطريقة كاريكاتيرية أو تهكمية حين تتوجه بالنقد والانتقاد إلى مختلف الظواهر والمظاهر من أحداث يومية ومواقف سياسية وإعلامية، خاصة وأن الكتابة الساخرة هي الأخرى تساهم في صناعة الرأي العام إلى جانب رجال السياسة ورجال الإعلام، حيث إنها هي الأخرى تتأثر بالرأي العام وقد تؤثر فيه.
ليختم بقوله: “إن الكتابة فكرة، ومثلما نستطيع أن نعالج فكرة ما في كتاب، نستطيع أن نكتب موضوعها في مقالة بل ونستطيع أن نختصر كل الفكرة في فقرة، بل الفقرة في عبارة والعبارة في كلمة. وإذا كان الأمر كما يقال أن المقال يقرأ من عنوانه، حيث أن قارئ الجريدة كثيرا ما يكتفي بقراءة عنوان المقال الصحفي، فإنني أزعم أن العديد من الجداريات التي أنشرها باستمرار على صفحتي التواصلية هي عبارة عن عناوين مقالات صحفية قد أكون عجزت عن كتابتها، وربما تكون قد وجدت طريقها إلى القارئ من خلال أسلوب السهل الممتنع الذي يوجز الفكرة في عبارة سرعان ما يتلقفها المتلقي والتي تجعله يتفاعل ويتواصل. قد يكون ابتعادي عن قاعات التحرير قد جعلني ألجأ إلى الكتابات الحائطية التي أجد فيها حريتي وراحتي، و أصبحت صفحتي التواصلية الشخصية هي جريدتي اليومية لأنها لا تحتاج إلى الإشهار لكي تضمن الاستمرار،  لقد سبق لي منذ البداية أن قلت في بعض جدارياتي جريدة تودعني وتستقبلني جريدة، لم يكن غير قلمي جواز السفر قلمي لا ينكسر.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024