قال أن تكون مكرّسة على ثقافة ومعرفة

الجرأة: هي الصّدق واللاّمجانية وتنتهي عندما يبدأ الجهل

نور الدين لعراجي

أوضح الرّوائي أمين الزاوي بأنّ الجرأة في كتاباته، هي الصّدق واللاّمجانية، ويجب أن تكون قائمة ومكرّسة على ثقافة ومعرفة، فمثلا عند الكتابة عن الدين مثلا، فإنّ روايته «حارة النّساء» تطرّق فيها إلى الحجر الأسود، ممّا اضطره سنتين كاملتين إلى قراءة كتب في تاريخ الحجر المقدس وهو بيت القصيد المقدس والمدنس ليعود إلى ما هو المقدس عند المسلمين،الذي هو الحجر الأسود، وليس سهلا أن تكتب عنه، بل يجب أن تعود إلى القراءة، حيث وجده المسلمون بمعنى الجرأة أن تمنحك القراءة والبحث في أصول الأشياء بكل التّفاصيل مهما كانت ولا يمكنها أن تقوم، وهي غير مؤسّسة على ثقافة أو قراءة، وعندما نكتب باللّغة الأخرى نكون قد تمكنّا من الغوص في أعماق الأشياء، وبالتالي الكاتب الذي يكتب بالعربية وبالفرنسية مباشرة تجده يمتلك قوة طائر بجناحين.

في السياق ذاته، يقول أمين الزاوي بأنّه توصّل إلى أشياء غريبة لو يجهر بها الآن ربما سيتّهم بالكفر والإلحاد ولكنها الجرأة، ليقول في الصّدد ذاته كيف للقرامطة أخذ الحجر الاسود لمدة أكثر من 23 سنة، ليحوّل إلى البحرين على ظهور الجمال وهي مسافة طويلة جدا، ثم وضعوه في مسجد هناك قصد تحويل الحج لى هناك عوض مكة المكرمة.
إضافة إلى الأسئلة المطروحة في عمل الروائي هذا فهي موثّقة بدراسات وأبحاث لمؤرخّين، لذلك يقول الزاوي بأنّه لا يوجد طابور أمام  الجرأة إلا الجهل، فعندما لا نعرف شيء لا يمكننا الكتابة عنه، فالجاهل لا يكتب إطلاقا أمّا المثقّف أو العالم يكتب بجرأته، عندما يكون مستند على وثائق لا يخاف، فهذا حسب الزاوي ليس هو بالضرورة لي حق وإنما يثير نقاش كما أثاره الأولون.
يضيف الزاوي بأنّ ما يحدث أمامنا في العالم العربي هو عن المقدس، وإثارة هذه الزواية من واجب كل مثقف أن يطرح هذا السؤال الآن، فقد تحولت بعض الأوثان إلى مقدسات، تحول بعض المجرمين إلى أولياء ومقدّسين، مشيرا إلى أمير داعش الإرهابي «البغدادي». في نظره هذه الأسئلة الحقيقية إلى أن نصل إلى: هل رجع الحجر الأسود إلى مكانه وهو مفتّتا؟
اعتبر صاحب رواية «السّاق فوق السّاق» بأنّ الجرأة يجب أن تكون مؤسّسة على قراءة ومعرفة وعلى فهم وقائمة على تحري، ففي المسائل التاريخية والدينية مثلا يتحمل كل المسؤولية باعتباره أكاديميا فبإمكانه طرح مسألة من هذه المسائل في رواياته فهو مسؤول بيداغوجيا وتربويا وكأمين على هذه الأطروحة، لذلك يضيف الزاوي لا يعقل اللعب ببعض المقدّسات، لكن على المثقف طرحها فالمقدس يتجاور مع المدنس، وما هو مقدس عندنا ليس بالضرورة مقدسا عند الآخرين، أحيانا الجهل يحاول أن يلوح بأن ما هو مقدّس عندنا هو مقدّس عند الجميع، وهذا هو الخطأ والجهل بعينه.
داعيا إلى العمل على أن نشيع ثقافة المقدس بين المسلمين وبين غيرهم، معتقدا أنّه من هنا تأتي الجرأة لأن الجهل هو التطرف مثلما يقول أركون، ونجاح الرواية هو حينما تكتب بحماية أكاديمية، بمعنى رقيب أكاديمي لأن هذا الجنون البارد لا يحتاج إلى إطفائي بقدر ما يحتاج إلى حماية، لأنه قريب للبحث.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19463

العدد 19463

الإثنين 06 ماي 2024
العدد 19462

العدد 19462

الأحد 05 ماي 2024
العدد 19461

العدد 19461

الأحد 05 ماي 2024
العدد 19460

العدد 19460

السبت 04 ماي 2024