المسابقة العربية للبحث العلمي المسرحي

فوز ثلاثي من المغرب مقياسا لواقع البحث في الوطن العربي

فاز الطالب «عبد المجيد أهري» بأيقونة المسابقة العربية للبحث العلمي المسرحي عن  بحثه الموسوم بـ «المسرح الجديد من تحلل نظرية الدراما إلى تشكيل جماليات ما بعد الدراما» فيما جاء عادل قريب في المركز الثاني عن بحثه «المسرح العربي: من الإقصاء الشمولي للآخر إلى فضاء الهجنة» وفي المركز الثالث الأستاذة أمل بنويس بـ  «المسرح والحداثة المفقودة - محاولة في التركيب».

وقد تناول عبد المجيد أهري من المغرب، نظرية الدراما وتحولاتها الجمالية في أفق الألفية الثالثة، بعد نهاية الأسئلة الدارماتورجية التقليدية، والاتجاه نحو البحث عن درامتورجية بديلة وجديدة، حيث إن الجدلية بين ما هو قديم يتحلل، وما هو جديد يتشكل، ويتطلع للولادة، أسهم إلى حدّ كبير في تغيير أسس صناعة الفرجة المسرحية وآلياتها، يحاول البحث رصد تحلل نظرية الدراما وإعادة تشكلها من جديد من خلال جماليات العرض.
24 بحثا وثلاثة نالت الترشح
وقد تبنّى  هذه البحوث لجنة محكمة من أسماء كبيرة في المسرح  والنقد، على رأسهم مصطفى الرمضاني من المغرب ومحمد المديوني من تونس وسامح مهران من مصر وعبد الكريم عبود، عميد كلية الفنون بالبصرة، من خلال اعتماد منهجية، تمّ إتباعها لأول مرة في تحكيم البحوث العلمية،  ضمن المسابقة التي أعلنت الهيئة العربية للمسرح  وتقدّم إليها 24 بحثا، تمّ على إثره  ترشيح ثلاثة بحوث من المغرب.
«الشعب» نقلت انطباع الفائز بالمرتبة الأولى وسألته عن واقع البحث العلمي بالوطن العربي، لاسيما وأنّ الثلاثي الفائز كان من المغرب، حيث عبّر غنى غبطته وسعادته الفائقة بالأصداء الإيجابية للفكرة، مؤكّدا أنّه سيواصل في بحثه بعد نشره، إلا أنّه قال أن «البحث العلمي في تراجع متواصل بالمغرب باعتراف الباحثين أنفسهم، لأسباب كثيرة، تعكس علاقة الجامعة بالثقافة والثقافة بالجامعة».
أ. اهري عبد المجيد : فوز ثلاثة أعمال من دولة واحدة هذا إشكال آخر
استغلّ الأستاذ عبد المجيد أهري فرصة المهرجان ليدعو إلى المزيد من المجهودات للرقي بالبحث العلمي المسرحي في المغرب العربي، قائلا «عندما نرى أنّ مسابقة عربية، يفوز بمراتبها الثلاثة باحثين من نفس الدولة، أعتبره إشكالا آخر في وقت بلغت فيه هذه التظاهرة العربي دورتها التاسعة.
كما قال عن  الجامعة المغربية أنّها لا تزال تعتمد على المعايير التقليدية، على غرار الأدب  والشعب والبلاغة والنحو وغيرها في انعدام تخصصات المسرح، متشكرا في الختام الدولة الجزائرية وفخامة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على إنجاح هذا الحدث الضخم الذي تنظمه الهيئة العربية للمسرح بدعم سخي من لدن سمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي.
وسعيا منها لتقصي أوفى التفاصيل عن واقع البحث العلمي المسرحي» في الوطن العربي،  تقربت «الشعب» من عديد الباحثين والدكاترة، المشاركين في ندوات المؤتمر الفكري، المنظم على هامش المهرجان بفندق الميرديان.
حيث أكّد الدكتور سيد علي إسماعيل، أستاذ المسرح العربي بكلية الآداب جامعة حلوان مصر، أنّ هذا النوع من البحوث،  يشهد انحدارا كبيرا في المستوى، بسبب ما وصفه بالسرقات العلمية الفاجرة، قائلا أنّ سرقات العلمية في وقتنا الراهن أصبحت مباحة في مكاتب  متخصّصة في صناعة البحث العلمي عن طريق القرصنة الالكترونية.
السرقات الإلكترونية «منظمّة» يقوم بها  أشخاص ذو خبرة واسعة في برامج الحاسوب
وكشف في تصريح  خصّ به  «الشعب» أنّ  السرقات الإلكترونية «منظمّة» يقوم بها  شخص أو مجموعة من الأشخاص لديهم خبرة واسعة في برامج الحاسوب، على طريقة «ادفع وتحصل على شهادة الماجستير أو الدكتوراه».
كما تتحمّل الجهات المؤطّرة الجانب الأكبر من الإشكالية، يضيف نفس المتحدّث مؤكّدا أنّ «عدد كبيرا من  المشرفين على البحوث العلمية، لا يتواصلون مع الطالب  ولا يتطلعون حتى على العمل الذي يكون في غالب الأحيان بدون أهداف أو مجرد عنوان براق من أجل المجستير أو الدكتوراه.
وحسب الأستاذة جميلة زقاي مختصة في النقد  الأدبي والمسرحي والسينمائي، فإنّ البحث المسرحي لا يقل أهمية عن باقي التخصصات وهمّه من هم البحث العلمي في باقي التخصصات الأدبية والعلوم الإنسانية،  سواء على مستوى المنهجية أو التوثيق أو البلاجيا أو السرقة الأدبية.
البلاجيا، السرقات الأدبية، السطو الالكتروني معضلة تواجه مستقبل النص
حيث حذّرت هي الأخرى من ظاهرة «السطو الإلكتروني» على فكر الآخرين التي أحدثتها موجة الانترنيت وأضحت، حسبها،  معضلة كبرى، تهدّد مستقبل الباحثين العرب، مشيرة في سياق متّصل إلى إشكالية أخرى يعاني منها البحث العلمي، ربطتها بما وصفته  بقلة «الأصالة». تساءلت الدكتور زقاي  هل كل البحوث تأتي بجديد؟  ثم أجابت البحوث العربية عامة تفتقر لمواضيع جدّة  ولا تأتي بالجديد، منوّهة بالمسابقة العربية للبحث العلمي المسرحي ومنحها  فرصة للباحثين الشباب  لفتح فضاءات جديدة أمام أفكارهم ورؤاهم.
كما اعتبرت متحدّثة « الشعب» أنّ المسابقة السنوية الموجهة للباحثين المسرحيين الشباب الأقل من 35 دعما للكتابة والتأليف العربي وإثراء المحتوى المسرحي العربي على شبكة المعلومات، قائلة «عندما يحكّم الباحثين بمعنى أنهم أجيزوا للتأليف والإبداع».
أمّا الدكتور عقيل مهدي يوسف، أستاذ الدراسات العليا في كلية الفنون ببغداد، فقد اعتبر فرضية «القرصنة  الالكترونية وتأثيرها على الحركة البحثية في الوطن العربي» خزعبلات وخرفات، وهي مفضوحة أساسا.
حيث قال عقيل مهدي لـ»الشعب»: السارق يفضح أمره  ويسقط في عين الآخرين،  ولكن الباحث الجاد هو من يبارك  وتحترم جهوده، وعلينا أن لا ننظر بمنظار الغرب، وأن نطرح على أنفسنا الأسئلة  وكيف يمكن لنا أن نبرمج ثقافة العولمة في هذا الزمن العاصف،  وأن تعطي الأجوبة الصحيحة  وما نقترحه من حلول محلية ووطنية وإقليمية،  من خلال تكريس بحوثنا ودراساتنا الميدانية لمعالجة همومنا  ومشكلاتنا. أوضح أنّه يوجد الكثير من الدراسات في هذا الإطار، لكن يبقى حسبه «الموضوع ناذر من حيث الأهمية،  مقسّما البحوث بشكل عام إلى قسمين رئيسيين، الأول يتعلق بالجوانب الأكاديمية النظرية عالية المستوى بما فيها  الماجستير والدكتوراه والثاني عبارة عن بحوث ميدانية خاصة يقوم بها الباحثين بحسب تدرجاتهم المعرفية وخبراتهم وتمرسهم في هذه الحقول المختلفة، وتقسم بدورها إلى فئات حسب السن.
ثم عاد «عقيل» ليقول: نحن نتحدث عن الجادين بالبحث وليس على هؤلاء اللصوص الذين لا يعرفون حرمة للعلم، لافتا إلى عديد الباحثين العرب من الذين اشتركوا في مؤتمرات عالمية  وحازوا على تقييم ومباركة لاكتشافاتهم ونتائجهم العلمية والمعرفية.
الهيئة العربية للمسرح  تبنّت الكثير من الوسائل المعرفية
«التكثيف من المؤتمرات النوعية وإرضاء الحقيقة تشجيع للباحثين العرب
الدعوة إلى إشراك جميع الدول العربية في المعرفة العلمية التي تخدم المواطن العربي
وفي رده  على سؤال «الشعب» حول الآليات والوسائل الكفيلة بتطوير البحث العلمي في المجال المسرحي، قال إنّ الهيئة العربية للمسرح  تبنّت الكثير من الوسائل المعرفية، داعيا إلى «التكثيف من  المؤتمرات النوعية من هذا الجانب، بحيث لا يكون هناك محاباة  ولا تمييز طرف على آخر وإنما إرضاء الحقيقة،  وأن يكون فعلا نوعا من التشجيع للعرب الباحثين حتى يكونوا نقطة استقطاب لشبابنا  ونستطيع مواكبة العصر بنوع متزامن من المعرفة، وفق تعبيره.
كما دعا إلى إشراك جميع الدول العربية  في المعرفة العلمية التي تخدم المواطن العربي في المشرق والمغرب بنفس المستوى وبنفس القدرات، لأنّ غرض العلم هو الوصول إلى الحقيقية بمعناها النسبي،  فليست هناك حقيقة مطلقة حسب نفس المصدر،  كونها ترتبط بالتحولات والمتغيّرات، ناصحا من لا علاقة له بالمجال  من حيث التخصص الدقيق  والإمكانيات والممارسة المطلوبة بعدم اقتحام هذا العالم المتشعّب.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024