مقتطفات من سيرة الأديبين الشّهيدين

شهيد الكلمة أحمد رضا حوحو

رائد القصّة القصيرة في الجزائر

 يعد أحمد رضا حوحو من رواد الكلمة الشجاعة، وقد عرف عن حوحو الجرأة والصراحة والدعوة إلى التمسك بالشخصية الوطنية في الوقت الذي عمل فيه المستعمر على فرض اللغة الفرنسية على الساحة الجزائرية.

ولد الأديب عام 1911 ببسكرة في قرية سيدي عقبة، أدخل أحمد إلى الكُتّاب وهو في سن مبكرة شأنه شأن كل الجزائريين آنذاك، ولما بلغ السادسة التحق بالمدرسة الابتدائية، ثم أرسله والده إلى سكيكدة بعد النجاح في الابتدائية ليكمل دراسته في الأهلية عام 1928، ولم يتمكّن من متابعة تعليمه الثانوي نتيجة السياسة الفرنسية التي تمنع أبناء الجزائر من مواصلة تعليمهم، ليعود «حوحو» إلى الجنوب ويشتغل في البريد، وهذا ما زاده معرفة بأسرار الحياة، فكان يلاحظ التناقض الصارخ بين بيئتين مختلفتين  بيئة صحراوية قروية وأخرى حضرية.
وفي سنة 1934، تزوّج أحمد رضا، وبعدها بسنة هاجر بصحبة أفراد أسرته إلى الحجاز، وما أن استقر به المقام بالمدينة المنورة حتى التحق بكلية الشريعة لإتمام دراسته وتخرّج منها سنة 1938 متحصّلا على أعلى الدرجات، وذلك ما أهَّله إلى أن يعيَّن معيداً بالكلية نفسها، وبعد عامين استقال من منصبه وانتقل إلى مكة المكرمة، وهناك اشتغل موظفاً في مصلحة البرق والهاتف بالقسم الدولي، واستمر في هذه الوظيفة إلى أن عاد إلى الجزائر سنة 1946 بعد وفاة والديه.
وبعد عودته إلى الوطن انضم لجمعية العلماء المسلمين وأصبح عضواً فعالاً فيها، وعيّـن مديراً لمدرسة «التربية والتعليم» التي كان الشيخ ابن باديس قد أسّسها بنفسه، وبقي فيها ما يقارب سنيتن، ثم انتدب لإدارة مدرسة «التهذيب» ولم يمكث فيها إلا مدة قصيرة ليعود مجدداً لقسنطينة ليشغل منصب الكاتب العام لمعهد ابن باديس.
وفي 1949 أسّس مع جماعة من أصدقائه جريدة «الشعلة» وتولّى رئاسة تحريرها، وأصدر خمسين عدداً منها، إلى جانب اشتغاله بالإدارة والصحافة، فقد أنشأ «حوحو» في خريف 1949 جمعية المزهر القسنطيني للموسيقى والمسرح والكتب واقتبس لها العديد من المسرحيات.
كما كانت له ترجمات للأدب الفرنسي والابداع في تأليف القصص القصيرة، حيث يعتبر «حوحو» رائد القصة القصيرة الجزائرية، فله بعض القصص، منها «يأفل نجم الأدب»، «ابن الوادي»، «الأديب الأخير»، «غادة أم القرى»  و»مع حمار الحكيم».
وبعد اندلاع الثورة التحريرية ظل «حوحو» يمارس عمله بمعهد ابن باديس، ولكن ذلك لم يمنع شكوك رجال الشرطة الفرنسيين الذين اعتقلوه في أوائل 1956 وهدّدوه بالإعدام باعتباره مسؤولاً عن كل حادث يحصل في المدينة، وفي 29 مارس 1956 اغتيل محافظ الشرطة بقسنطينة واعتقل حوحو بسجن الكدية، ومنه حُوِّل إلى جبل الوحش المشرف على مدينة قسنطينة وتم إعدامه هناك.

 الأديب العالمي مولود فرعون

ولد مولود فرعون في عام 1912 بإحدى قرى جبال القبائل لأب فلاح، وفي طفولته هاجر مع والده الذي اضطرته ظروف الحياة للعمل في فرنسا، وبفضل منحة دراسية قدر له أن يلتحق بمدرسة متوسطة ثم بدار المعلمين العليا بالجزائر، وعندما تخرج عين معلماً في مسقط رأسه ولم يترك منطقة القبائل إلا في عام 1957 ليعيّن مديراً في العاصمة، وفي 15 مارس 1962 استشهد فرعون برصاص المنظمة السرية الإرهابية مع مجموعة من زملائه.
تمتزج شخصية فرعون بين المناضل والفنان، وفي روايته الأولى «ابن الفقير» يتحدث عن طفولته التي صيغت من لهيب الحرمان في قرية جبلية فيها أحداث شبابه وحياته ونضاله من أجل المعرفة، ويستعرض من خلال ذكرياته مأساة الفلاحين الكادحين الذين يعملون في أرض جبلية ولا يحصدون بعد الكد إلا السقم والجوع لأن الغرباء استولوا على المزارع واحتكروا الري والماء، وبعد هذه الرواية ألّف رواية ثانية «الأرض والدماء» التي فازت بجائزة الأدب الشعبي في فرنسا عام 1953 منتزعاً بها الجائزة من خمسين كاتبا فرنسيا.
أما ثالث روايته «الدروب الصّاعدة « 1957 فقد تناولت مأساة الجزائري، وتألف إحساسه القومي حيث يعود الجزائري إلى مكانه الطبيعي فوق الأرض وإلى مستوياته النفسية، وله بالإضافة إلى هذه الروايات مجموعة أبحاث اجتماعية جمعها في كتاب تحت اسم «أيام القبائل»، وكتاب نشر بعد وفاته هو عبارة عن مذكرات شخصية، وهذه المذكرات تعتبر وثيقة هامة تؤرخ لفترة من عمر الثورة الجزائرية من عام 1955 حتى عام 1962، كتبها فنان لم يترك أرض المعركة دقيقة واحدة.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024