إنهارت قبل 23 عاما

الصومال يتحدّى العراقيل لإعادة بناء الدولة

س/ناصر

لقد وجد الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود المنتخب في سبتمبر ٢٠١٢، فرصة أفضل للنجاح ممن سبقوه لأن حكومته هي الوحيدة غير الانتقالية منذ سقوط السّلطة المركزية عام ١٩٩١، وهو أول رئيس منتخب في مقديشو منذ عشرين عاما، إضافة إلى الدعم المالي غير المسبوق الذي حظى به إلى جانب المظاهرات المؤيدة له في جميع أنحاء البلاد.

رغم تلك الفرص المتاحة للرئيس حسن شيخ والتي لم تجدها الحكومات السابقة، إلاّ أنه لم ينتهزها وظل الخلاف والنّزاع سيد الموقف وأصبح الصدام بين رموز السلطة الصومالية سمة بارزة في أروقة الحكومة، ففي عهد شيخ شريف وقع الخلاف بينه وبين رئيس وزرائه آنذاك “شارمرك”، انتهى بعزل الأخير ممّا أدّى إلى اندلاع أزمة سياسية وقانونية داخل السلطة الانتقالية في البلاد.وكان شارمارك قد وصف قرار الرئيس بحل الحكومة بغير الشرعي وأنه ليس للرئيس صلاحية دستورية لإقالته أو حل حكومته من دون موافقة البرلمان، وتمت أيضا إزاحة رئيس الوزراء السابق عبد فارج شيردون في نوفمبر ٢٠١٣ بعد أن طرح الرئيس     حسن شيخ محمود مشروعا لسحب الثقة منه فتجدد الخلاف مرة أخرى.والمعضلة الشائكة التي تقف دون حل الأزمة هي الصراع السياسي الذي يدب في أروقة الحكومة في بلد تحيط به التدخلات الخارجية، الأمر الذي يجعل الحل بعيد المنال ولعل القرار السياسي الصومالي يبدو وكأنه يدار من قبل جهات خارجية لها مصالحها الخاصة بالبلد.
فمعظم المشاركين في الشأن السياسي وحتى المتتبعين مقتنعون بأن العملية السياسية برمتها مطبوخة بالخارج وتفتقر للمشاركة الشعبية الفاعلة وهذا راجع لموقع البلد الإستراتيجي الذي يجعله محط أطماع الدول (حروب أهلية - صراعات عنيفة على السلطة - كوارث طبيعة - تنافس دولي على الثروة والنفوذ) وهي كلّها عوامل أسهمت في عدم استقرار الصومال.
فالخلاف بين زموز السلطة الذي رافق مسيرة الحكومة حتى الآن، عقبة تتجسد في كل حين أمام رؤساء الصومال رغم أن جوهر الخلاف يكمن في النظام الدستوري الذي لم يحترم أين الواجب الشرعي على كل فرد حماية الدستور.
قال الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في بيان له “أن رئيس الوزراء عبد الولي شيخ أحمد لم يتشاور معه في شأن التعديلات” مضيفا “على الوزراء البقاء في مناصبهم السابقة وعلى قوات الأمن مضاعفة الجهد للحفاظ على الأمن”الرئيس لم تعجبه التعديلات الوزارية التي قام بها رئيس الحكومة حيث غير بعض المقربين منه لمناصب أخرى.فسبب الخلاف يبدو مصلحيا أكثر منه سياسي، وهذا النوع من الخلاف له أثار سلبية تضر بالمصالح العليا للبلد في ظل غياب محكمة دستورية فاعلة وعادة ما يكون حل مثل هذه الخلافات بإزاحة طرف لآخر كحل وحيد أو هكذا يعتقد.
وقد نجح الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في إزاحة رئيس الوزراء السابق عبد فارج شيردون بعد سحب الثقة منه بأغلبية برلمانية ساحقة إثر تجاذبات سياسية، ويبدو أن الخلاف الحالي يسير في نفس النهج الذي سار عليه الخلاف السابق طالما أن الرئيس لم يقتنع بتعديلات رئيس الوزراء عبد الولي. وقد أصبح الصوماليون في حيرة من أمرهم حيث أن أزمتهم تتلاعب بها قوى إقليمية ودولية بأجندات مختلفة ومتباينة وذلك منذ سقوط الحكومة المركزية عام ١٩٩١ ما جعلهم يتفرّقون في أنحاء العالم نتيجة الحروب المدمرة.
ويمكننا القول أن هناك أكثر من سبب يستدعى التصعيد والتوتر بين زموز السلطة في الصومال منها الفساد المالي الأمر الذي يعيق النهوض والتقدم بالإضافة إلى الغموض الذي يكتنف الدستور حيث لم يحدد صلاحيات كل من الرئيس ورئيس الوزراء.
من أهم التحديات والمعضلات التي تواجه الرئيس الصومالي في ظل انتهاء مدة حكمه التي لم يبق منها إلا سنة واحدة، عامل الزمن لا سيما وأن فترة رئاسته كانت مليئة بالتجاذبات السياسية بين قيادات الحكومة مع قلة الإنجازات ولذلك عليه تصحيح الوضع وتسوية الخلافات الحكومية وتوضيح صلاحيات كل من الرئيس ورئيس الوزراء.
ويعتقد السياسي الصومالي محمد جامع فارح أن الحكومة الصومالية فشلت في دفع عجلة الوئام الاجتماعي إلى الأمام وذلك لأن القوى المهيمنة على القرار الصومالي تسعى للبقاء في المناصب والسلطة دون بذل أن جهد في سبيل العمل إضافة للإنفلات الأمني في العاصمة، وذهب بلد كالصومال نحو الفوضى له انعكاساته وتداعياته الخطيرة على دول الجوار وعلى المنطقة ككل فاستمرار الخلاف سيجمد جميع الجهود والأنشطة الحكومية ومن الأفضل إيجاد حل ينهي الأزمة السياسية بتنازل كل طرف عن بعض مطالبه خدمة للمصلحة العامة فيكون التكامل ويعود الاستقرار للبلد. ويبدو أن الخيارات أمام الرئيس وأي قرار يتخذه ضد خصمه لا يخلو من تداعيات خطيرة على المستقبل السياسي للبلد، كما أن معظم الوزراء مؤيدون لرئيس الحكومة كونه اختارهم بنفسه غير أن الرئيس قد يفضل الخيار الحاسم وهو طرح مشروع سحب الثقة من رئيس الوزراء على البرلمان الذي يؤيد الرئيس.
وقد توقف الدول المانحة المساعدات المالية المستمرة على الصومال وسيؤدي ذلك إلى شل جميع الأنشطة التي تبذلها دول كثيرة لإعادة البنية التحتية في الصومال.
وقد تستغل حركة الشباب الإرهابية تصعيد هجماتها على مواقع الحكومة والثكنات العسكرية لقوات الاتحاد الإفريقي (أميصوم) كفرصة ذهبية خصوصا وأن الحركة توعدت بتنفيذ مزيد من الهجمات ثأرا لمقتل زعيمها وهذا هو الأخطر ويمكن القول أن كل الاحتمالات واردة في ظل حالة الاستقطاب التي تعرفها البلاد.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19449

العدد 19449

الجمعة 19 أفريل 2024
العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024