أعاد أمجاد الإمبراطورية السّوفياتية

بوتين الرّجل الأقوى في العالم

فضيلة دفوس

نشرت المجلّة الاقتصادية العالمية “فوربس” الشهر الماضي قائمة أقوى 73 شخصا في العالم لهذا العام. وكما في السنة الماضية، احتلّ الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين المركز الأول. وكُتب في التّصنيف أنّ بوتين هو “أحد الأشخاص الأقوى في العالم، والوحيد القادر على أن يفعل ما يخطر بباله، وأن يخرج من ذلك بسلام”.
واحتلّت المركز الثاني المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي كانت في المركز الخامس في السنة الماضية، تلاها الرئيس الأمريكي باراك أوباما،  الذي تدحرج بمركز واحد مقارنة بالعام الماضي، واحتلّ البابا فرانسيس المرتبة الرابعة مباشرة قبل الرئيس الصيني شي جين بينغ، ثم مؤسّس مايكروسوفت الملياردير بيل غيتس، فرئيسة المصرف المركزي الأمريكي، يليها رئيس حكومة بريطانيا دافيد كاميرون، ثم رئيس وزراء الهند وفي المرتبة العاشرة مدير عام غوغل لاري بايج. ولم يكن اختيار مجلة “فوربس” هذه السنة  والسنة الماضية ومجلة “تايمز” البريطانية في سنة 2013، وقبلهما مجلة “تايم” في  2007 للرئيس بوتين كرجل العام، إلاّ اعترافا بدوه البارز في استعادة المكانة العالمية لروسيا، بعد أن أوشكت على الانهيار.  
وفعلا لقد استطاع بوتين أن يحفظ ميراث  الامبراطورية السوفياتية، التي ظلّت تحتل مكانة القطب العالمي في ظل عالم ثنائي القطبية لأكثر من نصف قرن.
كما أعاد القيصر أمجاد الماضي متطلّعا إلى دور محوري وموقع أكبر وأوسع لروسيا، التي قضت على الاختلال الذي ميّز لسنوات السياسة الدولية وأحيت التطلعات بعودة التوازن إلى قمة العالم،حتى باتت وريثة الاتحاد السوفياتي الرقم الصّعب في كل القضايا المطروحة، فصوتها أصبح يحسب له ألف حساب في مجلس الأمن،كما أضحت خطواتها ومواقفها السياسية في منطقة الشرق الأوسط تحديدا لافتة، إذ أنّها وقفت في وجه المؤامرة التي حيكت ضد سوريا،ودعّمت النّظام هناك، وتدخّلت عسكريا لمحاربة الارهاب بعد أن تأكّد لها عدم جدية التحالف الدولي بقيادة أمريكا في محاربته، وهي الآن  تدفع في اتجاه إطلاق مفاوضات جدية لا تستثني الأسد، وتحلّ المعضلة السّورية التي ساهمت عدة جهات غربية واقليمية في تشكيلها.
والأكيد أنّ العالم سيظلّ يحتفظ في ذاكرته بذلك  التحدي الذي أدارت به روسيا العام الماضي الأزمة الأوكرانية، وبتلك النّباهة السياسية التي تعالج بها اليوم أزمتها مع تركيا، حيت تمكّنت موسكو من جعل أنقرة تعضّ أصابعها ندما على إسقاطها لطائرتها العسكرية.
بوتين كما كتب أحدهم هو “حاليا بطل السّاحة الدولية بدون منازع، الذي تتعلّق به أعين الجميع ترقّبا أو انبهارا أو حقدا، إنّه لا يبدو رجلاً هيّناً، ولا سهل الكسر، في الوقت نفسه، يصعب على العالم توقّع تحرّكاته، التي تبدو دائماً وكأنّها تستند على أساس عميق من الثّقة، كما لو أنّه يعرف دائماً أكثر ممّا يعرفه الآخرون، بما يتيح له دائماً أن يتفوّق عليهم، ويسبقهم ولو بخطوة واحدة. رجل يحمل دهاء رجال المخابرات السوفياتية، وغموض «السّتار الحديدي» الذي طالما كان الغرب يرتطم به في كل مرة يحاول فيها اختراق الاتحاد السوفياتي، رجل لا يقلّ إرادة ولا صلابة عن الثّلوج الرّوسية، التي قهرت يوماً ما توحّش «هتلر» والطّموح الجنوني لـ «نابليون بونابرت»، رجل يدرك جيّداً قيمة بلده وثقله في العالم، وامتداده على عمق التّاريخ والجغرافيا، إنّ «بوتين» يقدّم للجماهير العالمية حالياً نموذجاً لرئيس قوة عظمى.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024
العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024