الدكتور محمد خوجة أستاذ بجامعة الجزائر لـ”الشعب”

العقيدة الأمنية الناجحة في مكافحة الإرهاب تقوم على تجنيد كل قوى وفعاليات المجتمع

أجرت الحوار: آمال مرابطي

 المجتمع المدني يساعد في تجفيف المنابع الفكرية للتطرف وتحصين الشباب من الانسياق إلى شبكات الدمويين

 في حواره مع “الشعب” حول الدور الذي يلعبه المجتمع المدني ومؤسّساته المنظّمة في محاربة الإرهاب،أورد الدكتور محمّد خوجة أن هنالك دائما ظروفا ووضعيات معقّدة اجتماعيا وثقافيا قد تدفع الى انسياق أفراد الى شبكات الدمويين والاجرام،لذلك يبرز دور المجتمع المدني في الوقاية والتعبئة لتجفيف المنابع الفكرية للتطرف والإرهاب،وبثّ روح التسامح وغرس روح المواطنة. ويشدّد الأستاذ خوجة على أن العقيدة الأمنية الناجحة في مكافحة الإرهاب تقوم على تجنيد كل القوى والفعاليات وفي مقدمتها المجتمع المدني الذي يملك الرصيد والمصداقية والقدرة على نجاح هذه المهّمة الأساسية في أمن واستقرار المجتمع.
“الشعب” الحرب على الإرهاب تخوضها الدولة بجهازها العسكري والأمني،لكن يمكن للمجتمع المدني ومؤسساته المنظمة أن تساهم فيها، فما شكل هذه  المساهمة؟
الدكتور محمد خوجة: يسعى المجتمع المدني الى تقديم خدمات الى المجتمع ككل، من حيث الحملات التوعية والتأطير أوالمساهمة الميدانية في الأعمال الخيرية، ومواجهة الارهاب يكون اولا وقبل كل شيء على المستوى الفكري، حيث ان التطرف والميل الى مواجهة الجميع في منطق عدمي مغلق، ينشأ في بيئة يلفّها الفراغ، وبالتالي يسهل الايقاع بالشباب والدفع بهم على مراحل الى التجنيد بعد قطع خط الرجعة عليهم.
 ان دور المجتمع المدني يكون حاسما في ملء الفراغ، وفي المساعدة على وجود بيئة فكرية وسياسية وثقافية يسودها قيم التسامح والأمل والارتباط  بالمجتمع، سواء في دور الجمعيات الفكرية والثقافية التي تنشط على المستوى المحلي او الوطني، والتي يؤدي نشاطها الى احتكاك الشباب بصحفيين ومحاميين وأساتذة جامعيين وأئمة وفنانيين، ومن الاحتكاك تنشأ روابط التأثير الايجابي، وزرع ثقافة التوجيه والمساعدة والتأطير، وبالتالي يجد كثير من الشباب البيئة الحاضنة الدافئة التي تساعده في حياته، وتوجهه نحو سبل النجاح وتحقيق الذات.
 حتى يقوم المجتمع المدني ومؤسساته بدوره الواقي،هو بحاجة إلى وسائل مادية وقدرات بشرية وإطار تشريعي يقننه، فما ردّكم؟
 بالتأكيد يحتاج المجتمع المدني حتى يؤدّي وظيفته على أحسن وجه، أن يكون مهيكلا ومنظما في مؤسساته على المستوى الوطني والمحلي، وأن يكون منتشرا، ولديه برنامج سنوي على المستوى الوطني، وأن يكون شريكا في التنمية المستدامة، وله القدرة على العمل والحركة على المستوى المحلي بشكل دائم، وكل ذلك يتطلب تنظيما قانونيا، ووجود وسائل مادية تؤطّر عمله، وتغطية إعلامية تساعده على نشر رسالته، والأهم من ذلك وجود ثقافة المجتمع المدني في المجتمع ككل، والاحساس بضرورة رعاية الجميع لفئة الشباب، كأولياء ومربين ومواطنين.

المجتمع المدني الرهان والتحدي

 الرهان على دور فاعل للمجتمع المدني يتوقف إلى حدّ كبير على قدرة مؤسساته في الالتحام بالقواعد الشعبية والخروج من إطار النخبوية إلى الجماهير وتبني خطاب سياسي مبسط وآليات ومنهج مختلف، فكيف ترون ذلك على أرض الواقع؟
 العالم الآن يسوده إيقاع متسارع، يطوي المسافات ويتجاوز عائق الوقت، إنه زمن العولمة، ولذلك فالمجتمع المدني عليه أن يتكيف مع معطيات هذه العولمة، في شقّها الايجابي بما تطرحه من فرص للاتصال والاحتكاك بالمجتمعات والأفراد في مختلف مناطق العالم، وما توّفره من فيض هائل في المعلومات التي تساعد الشباب على إدراك واستيعاب معطيات العصر بأسرع وأقل تكلفة ممكنة، وفي شقها السلبي، بمواجه ما تطرحه هذه العولمة من تهديدات ومخاطر متعدّدة، سواء في القدرة على انتشار الإجرام المنظم، أو شبكات التهريب وتجارة المخدرات أو في المساعدة على التجنيد في صفوف التنظيمات المتطرفة والدموية ودور المجتمع المدني في هذا المجال حاسم، بمواجهة هذه الشبكات وفضحها وإظهار حقيقتها الإجرامية، وتحذير الشباب منها والتبليغ عنها  لمصالح الأمن.
 ألا تتفقون معي بوجود علاقة تكاملية بين مؤسسات المجتمع المدني ووسائل الإعلام لسدّ الباب أمام الخطر الإرهابي الذي يمكن أن يدخل البيوت بدون استئذان عبر وسائط الاتصال الحديثة؟
 الإعلام بيئة مساعدة وإداة في نفس الوقت تمكن المجتمع المدني من العمل والانتشار لمساعدة ومرافقة الشباب بشكل سريع وناجح.
إن دور الاعلام يبدأ بالكشف عن الظواهر السلبية التي تنتشر في المجتمع وخاصة لدى الشباب كتعاطي المخدرات، والهجرة السرية، والاجرام  المنظم، والتطرف الى غير ذلك، ان الاتصال الذي يمنحه الاعلام  يؤدي دورا حاسما في بروز بيئة جديدة للشباب تطرح قضاياه وتقدم الحلول، بشكل مباشر ومفيد.
هل تترك الدولة مجالا واسعا لمؤسسات المجتمع المدني لتشاركها مهمة الوقاية من الإرهاب؟
 الوجود القانوني والمؤسّسي للجمعيات الوطنية والمحلية، خير دليل على ان السلطات العمومية قد أوكلت  للمجتمع المدني مهمة التوجيه والوقاية من آفة الإرهاب، وهو دور تقوم به المساجد ودور الثقافة ومختلف الفعاليات لمجتمع المدني.
كيف للمجتمع إن يتسلّح ضد الإرهاب؟
ان احد مهام مصالح الأمن، مواجهة التنظيمات الإرهابية وتفكيكها وإزالة نشاطها، وهو دور حاسم في استقرار أي دولة، ولكنه يستند الى دور المجتمع المدني الذي يساعده في تجفيف المنابع الفكرية للتطرف والارهاب، وذلك بتوعية الشباب وتحصينهم فكريا وعقائديا ضد الفكر المتطرف.
حملات استباقية ضد الحضر
 على ذكر الشباب، كيف يمكن حمايته من السقوط في شرك التنظيمات الدموية؟
 الشباب مفعم بالحماس ويميل الى النشاط في اطار جماعي، وهو يمر كباقي مكونات المجتمع بتحوّل عميق، بفضل التطور المتسارع في وسائل الاتصال والنقل، والتطور الاقتصادي والثقافي، وبفضل العناية التي توليها السلطات العمومية للشباب، ولكن هناك دائما ظروف ووضعيات معقدة اجتماعيا وثقافيا، قد تساهم في انسياق افراد الى عالم الشبكات المتطرفة بشكل أو بآخر، عن وعي أو بدونه، لذلك فإن واجب الجميع في التعبئة المستمرة ضد الافكار المتطرفة، واليقظة لحصر فرص الايقاع بالشباب، والاستمرار في بثّ روح التسامح واحترام الآخر وغرس روح المواطنة وتأصيلها من المدرسة الى الجامعة الى كل الفضاءات التي تليها، ذلك هو الضامن والمحصّن ضد انتشار افكار التطرف والإرهاب.
 كلمة أخيرة
 إن مواجهة الإرهاب هو كفاح متواصل، لا يتوقّف ولا يستثني أي مرحلة أو مستوى أو فئة اجتماعية، والعقيدة الأمنية الناجحة في مكافحة الإرهاب، تقوم على تجنيد كل القوى والفعاليات وعلى رأسها المجتمع المدني الذي يملك الرصيد والمصداقية والقدرة على نجاح هذه المهّمة الأساسية في أمن واستقرار المجتمع.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19462

العدد 19462

الأحد 05 ماي 2024
العدد 19461

العدد 19461

الأحد 05 ماي 2024
العدد 19460

العدد 19460

السبت 04 ماي 2024
العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024