أمام حالة التأييد والتعبئة لدعم حكومة السراج

انفراج اقتصادي في الأفق ودعوات لرحيل الغويل

نورا لدين لعراجي

ما تزال التجاذبات المتعددة تصنع المشهد الأمني والسياسي في ليبيا، بعيدا عن الاتفاقات البديلة حول مصلحة البلد، المخارج التي من شأنها إعادة ترتيب البيت، والجلوس إلى طاولة الحكومة الجديدة بقيادة فائز السراج، وهي تحاول كسب التأييد الشعبي والعسكري لها، حتى تستطيع اللحاق بالمؤسسات الحكومية، خاصة مقر رئاسة الوزراء، الذي مازال تحت امارة خليفة الغويل رئيس حكومة الإنقاذ، والذي يعتمد في حمايته على كتيبة اللواء مجدوب، هذه الأخيرة رأت أن الوقت لا يسمح بتعطيل عمل الحكومة الجديدة، ما يعني أو يفهم منه، أنها برسالتها الأخيرة إلى السراج يمكنها سحب البساط من تحت تماطل الغويل الذي يتحصّن بمقر المجلس، وإخلاءه بالقوة بالنسبة لها ليس ببعيد، إلا أن الأمر لا يبدو من الوهلة الأولى صائبا، تفاديا للدماء والاقتتال المستمر، واعتبارا أن الرجل قائدا ميدانيا لكتائب مصراتة وثري له من الجاه والمال الوفير لا يقدران بثمن.
إن عمل حكومة الوفاق الوطني في ظروف يمكن القول إنها نوعا ما مقبولة، قد يذلّل من الصعاب، ويسمح لها بلقاء طاقم التشكيلة الجديدة مع بعضهم البعض ومباشرة، مهامهم الشاقة التي تنتظر كل فرد منهم، خاصة في ظلّ الأوضاع العصيبة والمزرية الراهنة، التي تتعقّد يوما بعد يوم، ومع انضمام بعض الكتائب والفصائل المسلّحة إلى التشكيلة الحكومية الجديدة يجعلها تتوفّر على حماية أمنية تمكنها من مواصلة مهامها والعمل أيضا في ظروف أقل ما يقال عنها أنها تقلّل نوعا ما من حالة الترقب الحذر اللذين أغرقا البلد في دوامة لا ترحم.
وأمام تعنت الغويل، حذّر مجلس الأمن كل مؤسسة ليبية لا تخضع لحكومة السراج في تعاملاتها واضعا كل من البنك المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط تحت تصرف حكومة الوفاق الجديدة ومحذرا كل تعاملات أخرى تخرج عن هذا التعامل، ما يعني أن المال تقلص نهائيا من أيادي المساومات التي عرفها الاقتصاد الليبي منذ الإطاحة بالعقيد القذافي.
وفي انتظار أن يرفع التجميد عن أكبر مؤسسة ليبية في الاستثمار، من طرف مجلس الأمن، تعتبر هذه الخطوة حافزا ودعما لحكومة السراج التي تلّقت تسهيلات بذلك، مما يمكنها من ممارسة مهامها وتعاملاتها من جديد بأريحية مالية جيدة.
باعتبار أن المورد المالي لا يشكل عائقا أمام المشاريع الانمائية والتنموية، وإعادة أعمار الوطن من جديد، هذه خطوة اعتبرها المحللون ايجابية وورقة ضغط أمام اللوبيات التي تعرقل مسار البناء، ناهيك عن الرقم المالي الذي تمتلكه كورقة ضغط كبيرة، إذ يعتبر أكبر رقم أعمال بحوزة هذه المؤسسة بما يقدر حوالي 85 مليار دولار من الودائع خارج ليبيا، تمّ تجميدها منذ سقوط نظام الجماهيرية.
ورقة مهمة لممارسة الضغط على التشكيلات السياسية والعسكرية التي اختارت مسارات مخالفة لما تريده المجموعة الدولية، خاصة وأن الظروف الاجتماعية الحالية في ليبيا دقّت ناقوس الخطر مع انتشار الأمراض وهجرة السكان ونزوح الكثير منهم إلى مناطق أكثر أمنا، ناهيك عن المساومات التي تتعرض لها بقايا القبائل، من خلال الحصار المفروض عليها من طرف الجماعات المسلحة وفصائل الثور.
في ظلّ كل هذه التداعيات، لم يبق أمام المواطن الليبي سوى خيار وحيد وهو الوقوف أمام حكومة السراج ومدها بالدعم، مع رهانات المعيشة الاجتماعية التي بدأت تظهر ملامحها منذ قدوم تشكيلة الوفاق إلى طرابلس العاصمة، أين ارتفع سعر الدينار الليبي بعدما عرف انخفاضا رهيبا في السنوات الماضية، حيث وصل سعر الدينار اليوم إلى 2.75 وهو مؤشر من شأنه مساعدة العيش الكريم للمواطن وانخفاض أسعار المواد الغذائية.
واعتبارا أن النفط والعملة هما أساس كل الصراعات القائمة بين الأطراف المتنازعة، فإن القرارات التي اتخذتها حكومة الوفاق الوطني بشأن تجميد كل حسابات الدولة المصرفية بسبب نقص السيولة سيحد نوعا ما من ظاهرة الاحتكار للمورد النقدي.
 ماعدا التي تدخل في إطار تسديد الأجور للموظفين بالهيئات والمؤسسات التي لها علاقة مباشرة مع الخزينة العامة، ثم أن إدخال تعديلات مصرفية وتعاملات من شأنها أيضا تذليل الكثير من القضايا العالقة، وتقضي على حالة التشنج للعديد من القطاعات التي عرفت تدهورا في تسديد أجور موظفيها، ما يضمن عملية المتابعة والمراقبة لكل العمليات الحسابية بعيدا عن كل مظاهر الاحتكار والمساومة التي رهنت البلد برمته.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024