د. عبد القادر عبد العالي من جامعة سعيدة لـ «الشعب»:

القرار الأممي 2285 يجهض مخططات المغرب

حاورته: آمال مرابطي

على المجتمع الدولي الضغط بتطبيق استفتاء تقرير المصير بالصحراء الغربية

«المينورسو» تذكر الرباط بوضعية الاحتلال

عاد الدكتور عبد القادر عبد العالي من جامعة الطاهر مولاي بسعيدة، إلى القرار 2285 الذي أصدره مجلس الأمن الدولي نهاية الأسبوع الماضي حول الصحراء الغربية، فأشاد بتمديد عهدة بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الإقليم المحتل (مينورسو) وبالتشديد الأممي على ضرورة استئنافها لمهامها، لكنّه في المقابل أشار إلى أن هذا القرار على أهميته لا يمكن تعليق آمال كثيرة عليه إلا بحسم المجتمع الدولي لمسألة الاستفتاء التي يتهرب الاحتلال المغربي منه.
وختم الدكتور عبد القادر عبد العالي في حديثه لـ «الشعب»، بتأكيد ثقته الكبيرة في أن ّالمستقبل سيكون لصالح حل القضية الصحراوية وفق رغبة وإرادة الشعب الصحراوي.
«الشعب»: صادق مجلس الأمن الأممي على اللائحة 2285 التي تمدّد بموجبها عهدة بعثة الأمم المتحدة من أجل تنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) إلى غاية 30 أفريل 2017، فما قراءتكم لهذه اللائحة، وهل جاءت في مستوى تطلعات الشعب الصحراوي؟
 الدكتور عبد القادر عبد العالي: هذه اللائحة يمكن تصنيفها ضمن الأعمال الدورية أو المعتادة لتجديد البعثات الأممية، وتأتي ضمن سابقة خطيرة على مستقبل عمليات السلام الأممية، حيت طرد المغرب فريقا مدنيا من بعثة الأمم المتحدة من أجل تنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) كرد فعل على تصريح بان كي مون الذي وصف فيه التواجد المغربي بالصحراء الغربية على أنّه احتلال.
 هذه البعثة على غرار بعثات الحفاظ على السلام في بؤر التوتر، لها دور في مراقبة عدم انتهاك الأطراف المتنازعة لاتفاقيات السلام والتزامات وقف إطلاق النار الموقّعة بينها، والتعامل مع هذه البعثات مثلما فعل الاحتلال المغربي، سيفتح بكلّ تأكيد الباب أمام تراجع الدول المتطوّعة فيها، إذ ستحجم عن إرسال جنودها للالتحاق بها أو ستقوم بسحب المبعوثين الأمميين مما سيؤثر على نشاط الأمم المتحدة لحفظ السلام في العالم.
إنّ قرار تمديد عهدة البعثة الأممية هو قرار إيجابي، لكن لا يمكن تعليق آمال كثيرة عليه إلا بحسم المجتمع الدولي لمسألة الاستفتاء التي يسعى النظام المغربي للالتفاف عليها واستبدالها بمقترح الحكم الذاتي أحادي الجانب، كما يأتي هذا القرار تحسبا لأي تعقيدات غير محسوبة تترتب على احتمال انسحاب البعثة مستقبلا، وهو يوجّه رسالة للمغرب تنذره من لاستمرار في مخططات الضم القسري وعدم احترام اللوائح والالتزامات الدولية.
التصعيد المغربي محاولة يائسة
عبرت دول كثيرة عن امتعاضها من عدم إدانة مجلس الأمن للخطوة التصعيدية التي اتخذها المغرب في حق المنظمة الأممية وأمينها العام، وأيضا لعدم إرفاق القرار بصيغة الإلزام، فما قولكم؟
يمثل تصعيد المغرب محاولة يائسة لوضع الأطراف الدولية أمام الأمر الواقع الذي يريد فرضه من خلال مساعيه لضم الصحراء الغربية عنوة وإلحاقها نهائيا به واعتبارها مسألة وطنية ووحدة ترابية غير قابلة للاستفتاء حولها، وبالتالي فـ»المينورسو» تمثل مصدرا ضيقا وامتعاضا للطرف المغربي تذكره دائما بوضعية الاحتلال التي يمارسها وعدم الاعتراف الدولي بذلك، إنّها تمثل عائقا أمامه ما يدفعه إلى ممارسة المزيد من الضغط في محاولة فاشلة لإضعاف البوليساريو، وتوظيف علاقاته الدبلوماسية وشبكات المصالح الإقليمية لفرض وجهة نظره وإرادته على هذه القضية التي تنتمي لقضايا حقبة الحرب الباردة وتصفية الاستعمار، لكن غاب عن المغرب بأن الكثير من القضايا المماثلة وجدت لها حلا في إطار مساعي الأمم المتحدة، مثل قضية تيمور الشرقية، وقضايا لاحقة في قلب القارة الأوروبية والافريقية كقضية كوسوفو،
واريتيريا التي استقلت عن أثيوبيا، وحتما سيأتي اليوم الذي يستعيد فيه الصحراويون أرضهم ويعود المغرب أدراجه منهزما خائبا.
سعت فرنسا لتفريغ القرار الأممي من محتواه، ما يعني أنها لا تخفي تواطؤها مع الاحتلال وعرقلتها للحل؟
 تدخل الطرف الفرنسي في هذه القضية يدخل ضمن دور فرنسا «الما بعد كولونيالي» الذي يرى في المنطقة المغاربية مجال نفوذ تقليدي وطبيعي لمصالحه. كما يدخل ضمن التوجه التقليدي الفرنسي والإسباني تجاه القضية والذي يؤيّد ضمنيا وعلنيا في مناسبات كثيرة وجهات النظام المغربي في تصوراته لحلها باعتبارها قضية صراعية يفرضها منطق المصالح القوية بدل قوة حجية القضية العادلة، وبالتالي فباريس ومدريد وباعتبارهما الشريك التاريخي في هذا الإرث الاستعماري وأحد الأطراف التي بيدها ملف هذه القضية رفقة الولايات المتحدة الأميركية، يميلون إلى تحويل هذا الملف إلى إدارة صراع يصب لصالح الضغط على البلدان المغاربية، وإشغال المغرب عن مطالبه الإقليمية تجاه إسبانيا ودفعه إلى السكوت عنها والحصول على المزيد من الامتيازات الاقتصادية في المنطقة وتحويلها إلى منطقة سباق تسلح.
الخيار العسكري أمر مطروح
 صدر القرار الأممي الذي طال انتظاره، لكن يبدو أن أمام الصحراويين معارك أخرى يجب خوضها لفرض الشرعية واستعادة حقهم المسلوب؟
هذا القرار يجب أن ينفّذ على أرض الواقع لدعم القضية الصحراوية التي طال أمد حلها، وتعددت الأطراف المتدخلة فيها وتحولت إلى صراع ممتد غير قابل للحل بالطرق التقليدية.
إنّ الوضع يتطلب من الصحراويين طول النفس والاستفادة من الوقت في بناء قدراتهم الوطنية، وتحويل استراتيجية فرض الأمر الواقع المغربية إلى عملية مكلفة خارجيا وداخليا، حيث سيتحول الرهان إلى كسب قلوب المواطنين الصحراويين للضغط السياسي والدبلوماسي على الإدارة المغربية. وتشغيل الدبلوماسية الرسمية وغير الرسمية والعلاقات العامة والإعلام لجلب المزيد من الدعم للقضية الصحراوية في المحافل الدولية، ومؤخرا صدرت تصريحات من المسؤولين الصحراويين تطرح إمكانية اللجوء إلى الحل العسكري كوسيلة أخيرة للضغط على المحتل.
ما تصوركم لمستقبل القضية الصحراوية في ظل هذه المستجدات؟
 برغم العراقيل التي يضعها الاحتلال والمتواطئين معه، فالمستقبل حتما سيتغير لصالح القضية الصحراوية، ضمن مسار للحل تجتمع عليه كل الأطراف. إن مستقبل القضية الصحراوية يتمثل في ضرورة انتهائها إلى حل فعلي لا يتحقّق إلا بجلوس الأطراف الفعلية والمعنية «البوليساريو والمغرب» حول طاولة المفاوضات لإقرار تسوية تعزز بناء المغرب الكبير بدل عرقلته وضرب مشروعه التكاملي.
ويبقى التأكيد على أن حلّ القضية الصحراوية مرهون بإرادة الصحراويين أنفسهم وتصميمهم على تحقيق تقرير مصيرهم.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19449

العدد 19449

الجمعة 19 أفريل 2024
العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024