محاولة الحضور المغربي في إفريقيا

الفشل الذّريع والسّقوط الحر

جمال أوكيلي

مغالطات سياسية مفضوحة تصدر عن أوساط إعلامية مغربية حاليا، بخصوص الضجّة المفتعلة حول الانضمام للاتحاد الإفريقي، تسقط في خلفيات لا أساس لها من الصّحة، ومجرد أوهام لأناس يذهبون إلى اختلاف وقائع لا توجد إلا في أذهانهم كادّعائهم بوجود «منافسة شرسة بين البلدين في الفضاء الحيوي الافريقي»، وغيرها من الخزعبلات والكلام الفارغ غير المسؤول لا يتفوّه به إلاّ الغلاة المتعصّبين عندما يتحدّثون عن الجزائر.

عندما كانت الجزائر رفقة بلدان كجنوب إفريقيا ونيجيريا تؤسّس للاتحاد الإفريقي والنيباد وآلية التّقييم من قبل النّظراء لدعم صوت القارة على الصّعيد الدولي والاعتماد على تسوية قضاياها في أطر داخلية بحتة، وتقوية أدائها الاقتصادي وفرض مؤشّراتها في التنمية البشرية. كان هذا البلد أي المغرب غائبا عن المسرح الإفريقي بكل أبعاده، منغلقا على ذاته لا يعترف بأحد ماعدا اعتقاده بأنّ الصّحراء الغربية تابعة له ولا يحق لأيّ كان المطالبة بها، مستغلاّ أخطاء بعض الأطراف التي كانت تشجّعه على انتهاج هذا المسلك دون العودة إلى الشّرعية الدّولية.
واليوم نقول للمغاربة الذين يتفلسفون يوميا عبر تعليقاتهم «صحّ النّوم» أين كنتم بالأمس؟ كل ما تمّ إنجازه في هذه القارة جرى في غيابكم، واليوم هناك مؤسّسات في الاتحاد هي المخوّل لها أن تحسم في المسائل المودعة لديها، وليس هناك طرف آخر يعيدكم إلى الاتحاد عن طريق التّحايل كما حدث في مالابو، لا يحق لهذا البلد المشاركة في أي اجتماع رسمي للأفارقة من الآن فصاعدا ما دام لم يستكمل إجراءات الانضمام المعمول بها في القوانين الأساسية.
لذلك، فإنّ الجولات المكوكية التي قام بها الملك محمد السادس كانت فاشلة إفريقيا، بدأت في مدغشقر عندما لم يلق خطابه الذي كان مقرّرا في القمّة الفرانكوفونية، تبعه فيما بعد مغادرته السّريعة لهذا البلد، ومهما قيل عن هذه الخرجات فإنّ كل تلك الدول التي استقبلت العاهل لم تبد أي التزام تجاه ما أراده المغاربة من تغيير لمواقفها، بالرّغم من الإغراءات المادية تحت غطاء الاتّفاقيات الاقتصادية، وغيرها من الآلاعيب السياسوية التي تمارس حاليا.
هذا السّقوط الحر للمغاربة في إفريقيا جعلهم يطلقون العنان لأحكام باطلة، وحتى كاذبة تجاه الجزائر، وهذا عندما يتحدّثون على بلد لا يعرفون شعبه، ويزايدون علينا في قضايا أخرى لا يفقهون أي شيء، مجرّد تخمينات لا أكثر اعتدنا على سماعها من أناس شغلهم الشّاغل الجزائر.
هذا الفشل السياسي والدبلوماسي، الذي لحق بالمغرب إفريقيا تترجمه اليوم وسائط إعلامية، في عملية إسقاط على الجزائر، بعد أن ادّعت بأنّها في تنافس معها على أرض هذه القارة..فما هذا التّناقص؟
إفريقيا اليوم تدرك إدراكا قويا مغزى اعترافها بالقضية الصّحراوية، ولن تتراجع عن ذلك أبدا انطلاقا من إيمانها القاطع بتقرير مصير الشعوب القابعة تحت نير الاستعمار، وكذلك التّضامن مع حركات التحرر الوطنية التي طردت الاحتلال من بلدانها، وليس بإمكانها السّير في طريق الخطأ أي تعمل مع القوة المحتلّة.
هذا هو المنطق الذي يرفض المغاربة فهمه أو يتظاهرون بإنكاره، ولا شك أنّ هؤلاء أبلغوا من القادة الأفارقة بضرورة الانسحاب من الأراضي الصّحراوية فورا، ومنح هذا الشّعب حقوقه السياسية التي أقرّتها المؤسّسات الدولية.
وقد يخطئ من يعتقد بأنّ الهرولة المغربية إلى إفريقيا جاءت بشيء يذكر، كل ما في الأمر أنّ على هذا البلد الإذعان إلى المؤسّسات الرّسمية للاتحاد الإفريقي بدلا من الاعتماد على الأشخاص.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024